الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب الوسواس لم أعد أهتم بمظهري ولا ببشرتي.. أرشدوني للحل.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا مصابة بسلس البول الإلحاحي، ولم أبدأ العلاج حتى الآن، حالتي – بحمد الله – أفضل من كثير من الحالات الأخرى، ولكني لا زلت أرغب في التحسّن.

أحيانًا أذهب إلى الحمام مرتين أو ثلاثًا فقط في اليوم، وأحيانًا أخرى تصيبني نوبة شديدة من الرغبة الملحّة في التبول حتى بعد إفراغ المثانة، مما يدفعني إلى الذهاب بشكل متكرر للحمام، وفي كلا الحالتين، تأتيني الرغبة بشكل مفاجئ وملحّ لدرجة أنني أضطر للركض أحيانًا حتى لا ينفلت البول مني.

أعلم أن لدي فرطًا في نشاط المثانة، وأرغب في استخدام دواء أو مكمل غذائي يساعدني، لكنني أخشى من الأعراض الجانبية في حالة الحمل، أو الرضاعة، وأتمنى لو أن لديكم معرفة بدواء آمن في تلك الفترات.

منذ إصابتي بهذا المرض، تغيرت حياتي كثيرًا، أصبت بالوسواس وتعافيت – ولله الحمد – لكن بقيت آثاره، لم أعد أهتم بمظهري، ونسيت نفسي تمامًا، قرأت في موقعكم أن اليد إذا وضعت عليها مرهمًا أو كريمًا، ثم أصابتها نجاسة، فيجب غسلها بالصابون، فأصبحت أغسل يدي بالصابون قبل دخول الحمام، وتوقفت تمامًا عن استخدام الكريمات على جسمي، أو الزيوت على شعري؛ لأنني في أي لحظة يمكن أن أتعرض لنوبة من التبول اللاإرادي.

أصبح عندي خوف غير مبرر من الكريمات والزيوت، ووالدتي تلومني دائمًا وتقول إنني سأحاسَب على عدم العناية بنفسي؛ لأن جلدي أصبح جافًا لدرجة أنه قد يُجرح، ويسيل منه الدم، لكن وسواسي للأسف يغلبني.

الخلاصة: أنني أرغب في العودة للاهتمام ببشرتي وشعري مثل باقي الفتيات، وأريد أن أتعالج من هذا المرض بشكل فعّال، ولم أجد أفضل من موقعكم لطلب الاستشارة.

أعتذر عن الإطالة، وأرجو أن أجد لديكم المساعدة والنصح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالنسبة لما تعانين منه من سلس بولي، وإلحاح متكرر في التبول، فهناك أسباب عديدة لمثل هذه الحالة، وقد ذكرتِ في استشارتك أن لديك فرطًا في نشاط المثانة، وهنا يُطرح سؤال مهم: هل تم تشخيص هذا الأمر فعليًا بعد فحص طبي لدى طبيب مختص في المسالك البولية؟

من الأسباب المعروفة للسلس والإلحاح:
- فرط نشاط المثانة الناتج عن احتقان عنق المثانة.
- صغر حجم المثانة.
- كثرة تأجيل التبول.
- التهابات المسالك البولية.
- الإمساك المزمن.
- التوتر والضغوط النفسية.
وقد يصيب ذلك أيضًا مرضى السكري، أو من يعانون من التهابات متكررة في الجهاز البولي.

لذلك: قبل وصف أي علاج، لا بد من إجراء بعض الفحوصات الطبية الأساسية:
- مزرعة بول للتأكد من عدم وجود التهابات.
- قياس نسبة السكر في الدم للاطمئنان العام.
- إجراء تصوير بالأشعة فوق الصوتية (Ultrasound) للحوض والمثانة لدى طبيب المسالك البولية.

وبناءً على نتائج الفحص، يتم وصف العلاج المناسب مع المتابعة المنتظمة، كما يُنصح باتباع التعليمات التالية:
- تفريغ المثانة فور الشعور بالحاجة، وعدم تأجيل التبول.
- تجنّب التوتر والضغوط النفسية.
- في حال وجود إمساك، يجب علاجه بالإكثار من تناول الألياف والخضروات.
- التقليل من تناول المشروبات المنبّهة، مثل الشاي والقهوة.
- عند التبول، يُنصح بالانتظار لبعض الوقت للتأكد من تفريغ كامل للمثانة.
- وإذا لم تتحسن الحالة، يمكن لاحقًا إجراء فحص ديناميكية التبول للتقييم المتقدم.
______________
انتهت إجابة د. سالم الهرموزي، استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية
وتليها إجابة د. محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان:
_________________
نرحب بك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك كل العافية والشفاء، وقد قام الأخ الدكتور سالم الهرموزي -استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية- بتوجيه الإرشاد اللازم لك.

ومن جانبي، ومن المنظور النفسي، أقول لك: إن هذه الحالة معروفة جدًّا لدينا، وربما تلاحظين مثلًا أنك إذا كنت في منطقة لا تتوفر فيها دورة مياه، ربما لا تأتيك سرعة الرغبة في التبول كما هو الآن، وهذا دليل قاطع على أن هذه الحالة فيها جانب نفسي كبير، وكثير من المسمَّيات أيضًا سُمّيت بهذه الحالة، مثل (المثانة العصابية) مثلاً، وطبعًا أحيانًا يكون التبول الإلحاحي ذو منشيءٍ وسواسي.

الوساوس دائمًا تُعالج من خلال التحقير ومقاومتها وصرف الانتباه عنها، وأنا -إن شاء الله تعالى- سوف أصف لك دواءً فاعلًا جدًّا وسليمًا -إن شاء الله- الدواء في الأصل هو محسن للمزاج ويعالج الاكتئاب، لكنه أيضًا فاعل جدًّا في علاج الوساوس القهرية بجميع أنواعها وكذلك القلق، والدواء من الأدوية السليمة أثناء الحمل.

الدواء يعرف باسم (سيرترالين، Sertraline)، الجرعة في حالتك هي أن تبدئي بنصف حبة - أي 25 ملغ من الحبة التي تحتوي على 50 ملغ- تتناوليها لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك حبة كاملة - أي 50 ملغ - يوميًا لمدة عشرة أيام أخرى، ثم اجعليها حبتين يوميًا - أي 100 ملغ- وهذه هي الجرعة العلاجية بالنسبة لك، استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تُخفض الجرعة إلى 50 ملغ -أي حبة واحدة- يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى 25 ملغ يوميًا لمدة أسبوعين، ثم 25 ملغ يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

السيرترالين دواء رائع، وفاعل، وسوف يفيدك كثيرًا، وهو غير إدماني وغير تعودي، ويعتبر سليمًا في أثناء الحمل، لكن طبعًا في حالة حدوث الحمل، يجب أن تتابعي مع طبيبة النساء والتوليد، وتخبريها أنك تتناولين هذا الدواء، حتى تقوم بمتابعة تطورات الجنين عن طريق الموجات الصوتية.

هذا هو الدواء النافع، وهو دواء ناجع جدًا، وبصفة عامة وُجد أن تمارين الاسترخاء تساعد كثيرًا في علاج مثل هذه الحالات، هناك تمارين التنفس المتدرجة، وتمارين شد العضلات ثم الاسترخاء، وكلها ذات فائدة كبيرة جدًّا، فأرجو التدرب عليها من خلال الاطلاع على أحد البرامج الجيدة الموجودة على اليوتيوب.

وأرجو أيضًا أن تكوني متميزة في إدارة وقتك؛ لأن تجنب الفراغ الزمني وكذلك الفراغ الذهني، يصرف انتباه الإنسان عن هذه الوساوس وهذه السلوكيات، مثل التبول الإلحاحي، نعم، هذا أمر مجرب جدًّا.

فحسن إدارة الوقت، وأن يجعل الإنسان نفسه مشغولًا بالأشياء المهمة والضرورية، والقيام بالواجبات المختلفة، هذا كله فيه فائدة ونفع وخير كثير جدًا للإنسان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً