الخجل والشعور بالنقص والخوف والرهبة من حفل الزواج

0 434

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السادة الكرام!

لقد وجدت في موقعكم الموقر هذا ما يثلج الصدر، ويسعد القلب، من خلال استشارات استشرتها خلال السنوات الماضية، فوجدت إجاباتكم بلسما شافيا لجرحي، فجزاكم الله عنا كل خير.

ولذلك فقد تشجعت لطرح هذه المشكلة البسيطة - والتي كنت أخجل من طرحها لسخفها - وعلى الرغم من سخفها وبساطتها، فقد سببت لي أرقا على مدار أعوام طوال، ولربما وقفت عائقا أمام تفكيري في الزواج في بعض الأحيان.

أنا شاب في السابعة والعشرين من العمر، مقدم على الزواج، متوسط الحال - والحمد لله - ولكن بخلاف شباب هذه الأيام، فليس ما يؤرقني من هم الزواج، ولا هم الرزق، ولا هم البيت، ولا تكاليف الزواج، ولا أي شيء من هذا القبيل، إنما هو شيء واحد فقط قد تستغربون منه، وهو حفلة العرس.

كل ما في هذه الحفلة يرضي الله بلا شك، ولكن المشكلة هي أنني شخص قليل المخالطة للناس، لربما بسبب خجلي أو بسبب شعوري بالنقص، لا أدري!

وهذا يعني أنني قليل الأصدقاء، فأصدقائي لا يتجاوزون العشرة معظمهم شديدو الخجل مثلي، بينما أجد في أعراس أخرى أصدقاء العريس يتجاوزون الخمسين، يبثون الفرحة والابتهاج في العرس.

فكلما فكرت في هذا اليوم، تسبب هذا الأمر بالحزن لي منذ سنوات، على الرغم من أنني سألت الله - عز وجل - في الحج أن ييسر هذا الأمر لي، وأعلم أن الله لن يخيبني، ولكن الشيطان ما زال يوسوس لي فيحزنني، فأرجو منكم أن ترشدوني إلى كيفية التفكير السليم والخروج من هذا الأسر الذي ينغص علي حياتي، وأنا لكم من الشاكرين، آمل أن أكون أوصلت الفكرة الصحيحة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنشكرك على رسالتك الطيبة هذه، وعلى كلماتك هذه التي أحسست أنها فعلا صادقة ونابعة من القلب، ورسالتك كلها تعكس حقيقة رفعة خلقك وسموها، وأنا أقول لك هذا بكل صدق وأمانة ودقة، والذي أستبشره - إن شاء الله - أن زواجك سوف يكون زواجا طيبا، وأسأل الله تعالى أن يجمع بينك وبين زوجتك على الخير.

أخي الكريم! الذي أستشعره من تخوفك هذا حول الحفل هو أنك تعاني من درجة بسيطة جدا مما يمكن أن نسميه بالخجل أو الخوف أو الرهاب الاجتماعي، والمشكلة الأساسية مع الخوف أو الهرع الاجتماعي أنه يتجسم ويتضخم في فكر الإنسان لدرجة مزعجة، بالرغم من أن التجارب والأبحاث العلمية أشارت أن الذين يتخوفون مثل تخوفك هذا حين يأتي الحدث - وفي حالتك هو حفل الزواج – سوف يكون أداؤهم متميزا؛ لأن القلق الذي كان يسيطر عليه هو قلق سلبي، ولكن في لحظة الأداء الاجتماعي يتحول هذا القلق إلى قلق إيجابي؛ مما يحسن من الدافعية وحسن الأداء.

فيا أخي هذه بشرى علمية كبيرة يجب أن تأخذ بها، وهذا هو الجانب الأول.

الجانب الثاني: لابد أن تجلس مع نفسك وتجري حوارا صادقا ودقيقا وتسأل نفسك: (ما الذي يجعلني أخاف، الناس تتزوج، الأعراس يوميا بالمئات بل بالآلاف، هذه أيام طيبة في حياتي، أنا لا ينقصني شيء، لماذا أبني هذا التصور السلبي عن نفسي؟).

هذا الحوار الداخلي يوصلك - إن شاء الله - إلى قناعات أكيدة بأن الأمر لا يتطلب كل هذا القلق، وأنا وإن كنت أفضل وجود القلق؛ لأني كما ذكرت لك أعرف أن هذا القلق سوف يتحرك ويتحول من محتواه السلبي إلى محتوى إيجابي جدا.

البعد الثالث: أرى أنه سيكون من الأجدر والأفضل أن نعطيك علاجا دوائيا بسيطا مضادا تماما لهذا القلق والخوف الاجتماعي، ربما تستغرب ما علاقة الدواء بهذا الأمر، ولكني أقول لك: إن العلاقة ثابتة وطيدة جدا، حتى الذين يعانون من الخجل العام، وجد أنهم حين يتناولون الأدوية المضادة للمخاوف يتحسن أداؤهم، وتطمئن نفوسهم، وهذا يساعدهم على الإقدام والاقتحام الاجتماعي.

فلذا أنا أقول لك: ابدأ في تناول الدواء، ثلاثة أشهر قبل مواعيد الزواج إن شاء الله، والدواء الذي نفضله في حالتك هو العقار الذي يعرف علميا باسم (باروكستين Paroxetine)، ويعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat)، وهذا الدواء له مسميات تجارية أخرى، ربما يكون في سوريا تحت مسمى تجاري آخر، فأرجو أن تتحصل عليه وأن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة، وأنت لست في حاجة لأكثر من هذه الجرعة، وفي بداية الأمر ربما تحس بشيء من الاسترخاء الزائد، ولكن بعد ذلك سوف تكون الأمور طبيعية جدا.

استمر في الزيروكسات حتى ينتهي الزواج وحفل الزواج، بعد ذلك خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميا لمدة أسبوع، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوع، ثم توقف بعد ذلك عن تناول الدواء.

بجانب الزيروكسات يوجد دواء آخر يعرف تجاريا باسم (إندرال Iinderal)، ويعرف علميا باسم (بروبرانلول Propranlol)، هذا الدواء أريدك أن تبدأ في تناوله أسبوعين قبل موعد حفل الزواج، وتناوله بجرعة عشرين مليجراما يوميا، ثم بعد أن تنتهي حفل الزواج يمكن التوقف عنه.

هذا هو الذي أراه، وأرجو أن أذكرك بأنك - والحمد لله - ما دمت ستقيم هذا الحفل بما يرضي الله تعالى فلابد أن يتيسر أمرك، وتذكر - أيها الفاضل الكريم - أن هذه مناسبة طيبة، مناسبة ينتظرها الأهل والأقرباء والأحباب، وليس هنالك ما يدعوك أبدا للانزعاج.

ثق تماما في مقدراتك، وقبل ذلك سل الله التوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات