الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع الخجل والاختلاط في بيئة العمل

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أدرس الطب، وأعمل في المشفى والصيدلية، مشكلتي أنني شخصية خجولة، وهذا طبعي منذ الصغر، والناس يلاحظون هذا بسهولة، المشكلة أنني أعمل في بيئة مختلطة، وأنا -والله- مضطرة لذلك، وليس بيدي حيلة، أتكلم عند الحاجة وبقدر الحاجة، والحمد لله ألتزم بالزي الشرعي وأرتدي النقاب، لكنني لا أحب الاختلاط، وأشعر بالارتباك، ولا أكون على طبيعتي، عندما أكون بين النساء فقط أكون طبيعية جدًا وأعمل بصورة أفضل.

الناس من حولي لا يهتمون بضوابط الاختلاط، وتحدث تجاوزات من ضحك ولمس وأحاديث غير لائقة، أشعر بأنني غريبة جدًا بينهم، وكأنني الكلمة الشاذة، ويصبح تركيزهم عليّ، فيطرحون أسئلة عن سبب انطوائيتي، ولماذا أتصرف بهذه الطريقة.

أنا حقًا لا أشعر برغبة في مخالطة الرجال على الإطلاق، وإذا قلت هذا الكلام، أُنعت بالجنون والتشدد، فكيف أتعامل مع هذا الخجل؟ وهل أنا أبالغ حقًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم غزة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، وأحمد الله تعالى لك على أمرين:

الأمر الأول: حرصك على مرضاة الله عز وجل، وعلى التزامك بالشرع الحنيف وتجنب الفتن.

الأمر الثاني: أن وفقك الله تعالى لدراسة الطب، فالبلد العزيز ليبيا بحاجة كبيرة إلى الطبيبة المسلمة، التي تتقي الله عز وجل، فحاجة البلاد كبيرة، وخاصة مما عانته من خلال سنين طويلة.

لا شك أن دراستك للطب، ومن ثم تخرجك كطبيبة، سيفرض عليك التعامل مع الرجال والنساء، بشرط أن يكون وفق الشريعة الإسلامية، ولا يزعجك كثيرًا أن بعض الناس يتجاوزون الحد الشرعي، فهنا عليك أن تلتزمي أنت، وإن كان من حولك على غير هذا، ولك الأجر في هذا على أمرين:

الأمر الأول: التزامك بهذا الشرع الحنيف.
والأمر الثاني: بأن تكوني قدوة لغيرك، ولعل الله تعالى يهدي على يديك سيدات أخريات ليلتزموا بالممارسة الإسلامية الشرعية.

أما موضوع الحياء، فهو أمر طبيعي، فكما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الإسلام بضع وسبعون شعبة أعلاها (لا إله إلا الله)، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. ولكن هناك فرق بين الحياء وبين الارتباك، فالحياء أمر مطلوب، وهو من شعب الإيمان، إلا أن الارتباك أمر مكتسب، متعلم سلوكي، يمكن أن يزول من خلال الاعتياد ومن خلال الممارسة، ومن خلال الثقة بالنفس، وأيضاً من خلال معرفة ما يجوز وما لا يجوز.

لذلك أنصحك بأن تستمري على ما أنت عليه في مثل هذه المواقف، بالتزام الحشمة والنقاب، ووضع الحدود الشرعية في تعاملك مع الرجال، بحيث يكون التعامل معهم حسب الحاجة، وحسب العمل، بدون التمادي في الكلام والضحك، وحينها سيكون لك بينهم كل التقدير والاحترام، وبما أنك ترضين الله سبحانه وتعالى، فالله يتولى شأنك ويرفع قدرك، وفي الحديث الصحيح عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من التمس رِضا اللهِ بسخَطِ الناسِ؛ رضِيَ اللهُ عنه، وأرْضى عنه الناسَ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَطِ اللهِ، سخِط اللهُ عليه، وأسخَط عليه الناسَ) فكوني مع الله يكن الله معك، ولا تلتفتي لوساوس الشيطان بأنك متشددة وستصلين للجنون، فهذا كله من الشيطان ليحزنك، فاستمري فيما أنت عليه، واستعيني بالله، وابتغي مرضاته يحقق لك التوفيق.

قد يحصل الاختلاط وبعض الأخطاء في مجال الطب أو الصيدلة أو غيرها؛ ولكن في نفس الوقت وأنت في ليبيا بلد إسلامي، كثير من الناس يحاول أن يلتزم بالإسلام، فالمفروض أن الجو العام يساعدك على هذا، وأنا أقول هذا من خلال زيارتي الميدانية لليبيا، ورؤيتي وتعاملي مع الناس هناك، أدعو الله تعالي أن يوفقك في دراستك لتكوني طبيبة مسلمة، ناجحة، قدوة، ملتزمة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً