السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي مع والدي الذي يرفض خطبتي من أي إنسان قبل أن يعرف عنه شيئا، ومنذ مدة تقدم لخطبتي إنسان ذو خلق ودين وأنا معجبة به، ولم يكترث للأمر، ورفضه، أيضا أشعر أن والدي لا يرغب بخطبتي من أي إنسان!
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن ييسر أمرك، وأن يعين والدك على التعاون معك، وأن يذهب ما في نفسه من عدم فهم لظروفك وتقدير لأحوالك، وأن يوفقه للتخلص من هذه المواقف السلبية، كما نسأله تعالى أن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فأولا أنا أقول لك أختي الكريمة الفاضلة: بداية لا يوجد أحد يحب أحدا أبدا كحب الآباء لأبنائهم، ولذلك لم يوص الله تعالى الآباء بالأبناء لأنهم جبلوا على محبة أبنائهم والتضحية من أجلهم، والدليل على ذلك تربيته لك وخدمته لك وإنفاقه عليك إلى هذه السن، لكن ومما لا شك فيه أن رفضه يستحيل أن يكون بدون سبب، وهذه هي القضية التي نريد أن نصل إليها، إلا أني أقول: أنت الآن ما زلت طالبة، ولعله يرى أنك الآن غير مناسب أن تتزوجي، وهذا الكلام ليس في سوريا وحدها أختي الكريمة (صفاء)، وإنما هذا في معظم البلاد العربية والإسلامية، يفضلون أن لا ترتبط الفتاة في مرحلة الدراسة بحجة أن هذا يشغلها عن الدراسة، وقد يعطل مشروعها التعليمي، لأنها ستفكر في خطيبها وستحبه وستشغل به وبالتالي سيتأثر مستواها العلمي.
هذا الكلام أختي الكريمة موجود عندكم وعند غيركم، ولعلي أتصور أن والدك من هذا الباب يتصرف، خاصة وأنك لم تنتهي من الدراسة، فأنا أرى الآن أن لا تفكري في هذه المشكلة حتى تنتهين من الدراسة على خير، فإذا ما انتهيت من الدراسة على خير بإذن الله تعالى ووفقك الله تعالى وتقدم لك الرجل الكفء ففي تلك الحالة من حقك أن تتكلمي معه، وأن تبيني له بأنك كنت في مرحلة الدراسة تعلمين أنه يرفض من باب الحرص على مصلحتك، وأنك تشكرين له ذلك، ولكن الآن قد انتهت المسألة وأنت الآن قد انتهيت من الدراسة وتقدم إليك الأزواج الأكفاء، فلماذا يا أبي ترفض هؤلاء؟ .. وتحاولي أن تتكلمي معه في غاية الأدب ولكن بصوت مسموع؛ لأن هذه قضيتك أنت.
أعتقد أن السبب سوف يزول، لأني أتصور في ظني أن ثمانين إلى تسعين بالمائة من الرفض يرجع إلى مسألة الانشغال بالدراسة، ولذلك عندما تنتهي أعتقد ستزول أمور كثيرة من الأسباب التي تؤدي إلى رفض والدك للخطاب.
وبعد ذلك تجلسين معه أنت وإخوانك أو والدتك أو أي أحد من الأسرة، للنقاش معه، وأنت وحدك بعيدا عن الأسرة. قولي له: (أبي الكريم اسمح لي أن أتكلم في قضية حساسة ولكنها بالنسبة لي مهمة) وتكلمي معه بكل صراحة ووضوح، وانظري رد فعله.
إذا وجدته فعلا مصرا على موقفه وأنه لا فرق عنده بين أن تكوني طالبة أو منتهية من الدراسة ففي تلك الحال ابحثي بارك الله فيك عن أحد من أقاربك الذين لهم تأثير عليه أو أكبر سنا، واستعيني به بعد الله تعالى في إقناع والدك. وهذا أمر إن شاء الله تعالى سوف يكون.
أنا لا أريد حقيقة أن تذهبي إلى القضاء لشكاية والدك؛ لأن الناس يرفضون هذه التصرفات وينكرونها رغم أنها حق شرعي، إلا أن العادات والأعراف تقتضي عدم استساغة هذا التصرف أبدا مهما كانت الأسباب والنتائج.
يقولون (كيف هذه البنت تدخل والدها المحاكم وتوقفه أمام القضاء وتشكوه لأنه يرفض، إذن هي غير طيبة وغير مؤدبة وهي عاقة، ولعلها فيها وفيها) وتتهمين بأشياء كثيرة.
فأنا أقول بارك الله فيك: اجتهدي أولا في هذه الأسباب، ثم بعد ذلك وفوق ذلك وقبله ضرورة الدعاء والإلحاح على الله أن يشرح الله صدر والدك لقبول الزوج الكفء المناسب.
كما أوصيك بكثرة الاستغفار؛ لأن الله تبارك وتعالى جعله من أسباب التغيير، وكذلك أيضا كثرة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن النبي بشر من يصلي عليه كثيرا (صلى الله عليه وسلم) بقوله: (تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
إذن أوصيك أن تصبري حتى تنتهي من الدراسة بإذن الله تعالى، ثم بعد ذلك تفتحي الموضوع مرة أخرى، ولكن عليك خلال هذه الفترة بالأخذ بهذه الأسباب التي ذكرتها من الدعاء والإلحاح على الله تعالى، والاستغفار وكثرة الصلاة على النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن تنتهي من الدراسة على خير، وأن يكرمك بالزوج الصالح المبارك، وأن يشرح صدر والدك لقبول الخاطب المناسب لك، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.