السؤال
السلام عليكم ..
أنا مطلق، وأريد أن أتزوج مرة أخرى، وعرفت إنسانة جيدة، ولكن هي عندها طفل عمره (9) سنوات، فكيف يمكن أن أتعامل معه وأجعله يحبني؟
أنا قابلته مع أمه، وهو ممتاز معي، ولكن عندما يحس أن هناك شيئا بيني وبين أمه يبدأ يتغير معي، ويكون عصبيا، ولا يريد أن يقابلني مجددا، فماذا يمكن أن أفعل معه؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يهدي لك هذه الأخت، وأن يجمع بينك وبينها على خير، وأن يجعلها عونا لك على طاعته، وأن يجعلك عونا لها على طاعته.
كما نسأله تعالى أن يشرح صدرك لاستقبال ولدها، وأن يعينك على بره وإكرامه والإحسان إليه، ونسأله تبارك وتعالى أن يؤلف ما بين قلبك وقلبهما، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم – أقول لك: أولا: في مثل هذه السن هذا الولد لا يميز كثيرا؛ لأن هذه السن هي مرحلة الطفولة المبكرة، ولكنه يتأثر بالظاهر الذي يكون أمامه، ولا يقدر المواقف، ولا يستطيع أن يحكم على التصرفات، ولا يستطيع أن يعرف من المصيب من المخطئ؛ ولذلك هو يتعامل مع الظاهر فقط.
أنت عليك بارك الله فيك ألا تجعل شيئا يحدث بينك وبين أمه أمامه، هذا أولا، اجتهد بارك الله فيك قدر الاستطاعة أن تظهر المودة والمحبة والرحمة لأمه في حضوره، وإذا كان هناك خلاف في وجهات النظر أو في المواقف بينك وبينها فاجعل التفاهم في هذا الموضوع بعيدا عنه.
قطعا هو يذهب إلى المدرسة أو يكون نائما، فمن الممكن في مثل هذه الأوقات أن يتم مناقشة الخلاف الموجود بينكما بعيدا عنه، حتى لا يشحن عليك ولا يكرهك نتيجة إساءتك لأمه؛ لأنه ومما لا شك فيه هو متعلق بأمه تعلقا شديدا، وقد تكون أمه تحبه وتحسن إليه، وتعامله معاملة متميزة، وهو يشعر أيضا بالغيرة نحوك؛ لأنك ستأخذ أمه منه، حتى وإن لم تسئ إليها أمامه، حتى وإن لم تسئ إليه هو شخصيا؛ لأنه كان ينام إلى حين في حضن أمه، ويعتبرها ملكا له وحده، وأنت الآن جئت لتأخذها منه، فمما لا شك فيه سيكون هناك نوع من الغيرة في نفسه تجاهك، بل قد يترتب عليه الكراهية لك؛ لأنه يشعر بأنك سلبته القلب الحنون والأم الرءوم التي كانت تضمه وتحتويه.
لذلك اجتهد بارك الله فيك أن تعطيهما مساحة من الوقت معا بعيدا عنك قدر الاستطاعة، حتى يشبع منها وتشبع منه، وهي تتولى بنفسها مسألة معالجة ولدها؛ لأنها إذا كلمته سيقبل منها، أما أنت فلن يقبل منك شيئا، هي ستقول له: هذا والدك، وتحاول أن تعطف قلبه عليك، وأن تحسن صورتك أمامه، وبذلك سوف تحل لك هذه المشكلة.
ثانيا: حاول أن تأخذه معك دائما خارج البيت، فإذا كنت تذهب مثلا في مجالس الصالحين أو غير ذلك فخذه معك، إذا كنت تصلي في مسجد قريب فخذه معك إلى المسجد، وحاول دائما أن تحسن إليه، وحاول أن تكرمه إذا كنتما خارج المنزل، ولا تخبر أمه بذلك، دعه هو الذي يخبرها بذلك، بمعنى: أن تأتي له ببعض الحلوى وبعض الهدايا خارج المنزل، ولا تتكلم عن هذا أمام أمه، ودعه هو الذي يتكلم.
حاول أن تشمله بعطفك وعنايتك، والأطفال الصغار عادة من السهل اكتسابهم بشيء بسيط، قطعة من الحلوى قد تجعله يحبك حبا جما، كذلك لعبة من الألعاب أو اللعب أيضا كذلك، خروجك معه مثلا وذهابك معه إلى بعض أماكن التنزه وحده بعيدا عن أمه أيضا يجعلك أثيرا عنده، وإن خرجتما أنت وهو وخرجت معكم والدته فحاول أن تهتم به ولا تهتم بأمه كثيرا أمامه.
حاول أن تجعله محور ارتكازك، وأن تجعله هو الذي يثني عليك، وأمه بالتالي سوف تستطيع أن تحسن الصورة من خلال هذه المعاملة، لأنها ستستغل إكرامك له وإحسانك إليه وعطفك عليه في تحسين العلاقة بينه وبينك، وكما ذكرت لك: إذا كان هناك خلاف فاجتهد ألا تتناقشا معا أمامه مطلقا قدر الاستطاعة، حتى لا يكرهك؛ لأنه سيشعر بأنك تهين أمه، وأمه تعتبره الحياة الكاملة، وحياتها كلها، وهو بالتالي لن يقبل منك ذلك، وفعلا سيكرهك كراهية شديدة.
بهذه الطريقة - بإذن الله تعالى - مع الدعاء له، والإلحاح على الله تعالى أن يصلح ما بينك وبينه، وأن يصلح ما بينك وبين أمه، سوف تتحسن المودة بينكم وستكون حياتكم حياة طيبة جدا، وتستطيع أن تسعد أمه، وأن تسعد نفسك من خلال المودة والرحمة التي جعلها الله تبارك وتعالى أساس العلاقة ما بين الرجل والمرأة.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك في مساعيك، وأن يملأ قلبه بمحبتك من أجل الله، وأن يرزقه الاحترام لك والتقدير، وأن يعينك على إكرام أمه، وأن يجعلكم من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.