الخجل والارتعاش

2 813

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة في المرحلة الثانوية، أعاني منذ الصغر من الهدوء والخجل، ولكن هذه الصفات لم تكن تؤثر علي، ولكن منذ فترة قصيرة مع بداية السنة الدراسية أخذنا حصة نشاط، وطلبت المعلمة من كل طالبة التعريف عن نفسها، وفجأة لم أتمالك نفسي، وأصبت بالخوف، لا أعرف لماذا! وأصبحت أرتجف، وأحرجت كثيرا من هذا الموقف، وبالرغم من أني كنت أشارك في الحصص، ولكن من بعد تلك الحادثة وأنا أعاني من القلق والاضطراب، قرأت استشارات كثيرة عن مثل هذه الحالات، وعلى الأغلب كنتم تصفون الأدوية.

لكن هل يمكن الشفاء من هذه المشكلة من دون الدواء؟ لأني صغيرة في العمر، وأخاف من تأثير مثل هذه الأدوية، وأيضا لا أعرف هل الصيدلية تعطي هذه الأدوية بدون وصفة؟ وهل هناك حالات شفيت فعلا من دون الأدوية؟ وهل الأدوية تشفي حقا؟ وهل يمكن استبدالها بأعشاب مثلا؟

لقد التزمت بالصلاة وقراءة القرآن، ولا أخفي عنك أن الحالة والحزن الذي أمر به قد خفت، ولكن ما يحزنني أنني لا أستطيع التحدث أمام الطالبات في الصف، وأخجل كثيرا من المعلمات، وأيضا أتضايق من الرجفة التي برقبتي، فهي السبب في خجلي وعزلتي، وأحيانا تؤلمني، والمشكلة أنني أعرف أنه لا أحد يراقبني، وأن الكمال لله وحده، ولكن لا أعرف لماذا يحدث معي هذا؟ فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ براءة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالحالة التي تعانين منها هي نوع من الخوف أو الهرع أو القلق الاجتماعي، والخوف أو القلق الاجتماعي هو حالة مكتسبة، ربما تكون ناتجة من تجربة سابقة تعرضت فيها لموقف حدث لك فيه شيء من الخوف، وربما تكون شخصيتك حساسة، وهذه هي الأسباب العامة وراء الخوف الاجتماعي.

الآن هنالك نظريات أيضا تتحدث أنه ربما يحدث تغيير في كيمياء الدماغ يساعد في استمرارية هذا الخوف الاجتماعي؛ ولذا تساعد الأدوية في علاج الخوف الاجتماعي، ومن هذه النقطة أقول لك أن الأدوية هي جزء من العلاج، ولكنها ليست كل العلاج، فهنالك العلاج السلوكي، والذي يعتبر أيضا منهجا علاجيا رصينا وممتازا، إذا طبق بالصورة الصحيحة، وبالتزام وبدافعية، فإنه لن يكون هنالك داع لتناول الأدوية، والأدوية بالرغم من التحسن الذي يحدث للناس حين تناولها، إلا أنها حين يتوقف عنها الإنسان، إذا لم يطبق التمارين السلوكية فإن الحالة سوف ترجع مرة أخرى.

الذي أنصحك به هو التطبيقات السلوكية، وأهم هذه التطبيقات السلوكية هي:

أولا أن تتفهمي أن الذي تعانين منه ليس نوعا من ضعف الشخصية، أو قلة الإيمان، أو شيئا من هذا القبيل، هو نوع من القلق المكتسب، وكما نقول أن الإنسان يمكن أن يكون مروضا للأسود، ولكنه يخاف من القطط.

ثانيا: اعرفي أن القلق الاجتماعي منتشر.

ثالثا: العلاج يقوم على مبدأ المواجهة أو ما نسميه بالتعريض، مع منع الاستجابة السلبية، وهي الانسحاب من الموقف، ولتطبيق هذه التمارين السلوكية يفضل أولا أن تبدئي في الخيال، وهذا التمرين الخاص يسمى بالتعريض في الخيال، قومي أولا بكتابة كل المواقف التي تحسين فيها بالخوف، ومن ثم ابدئي في تعريض نفسك في الخيال لهذه المواقف، وتصوري مثلا أنه طلب منك أن تشاركي في الحصة ولم تكوني مستعدة لذلك، ولابد أن تقدمي عرضا أمام زميلاتك الطالبات، تصوري هذا الموقف ولا تستسلمي أبدا، وابعثي في نفسك فكرا جديدا، قولي لنفسك بالرغم من عدم استعدادي وتحضيري للموضوع الذي سوف أتحدث عنه ولكني سوف أقدم - إن شاء الله - ما هو مفيد من المعلومات التي قمت باكتسابها مسبقا.

التفكير في الخيال يجب أن يمتد من 15 إلى 20دقيقة، ويجب أن يطبق مرتين في اليوم على الأقل، ويفضل أن تنتقلي من موضوع إلى موضوع آخر، والموضوع الآخر مثل أن تطلب منك مجموعة من زميلاتك وأمام مديرة المدرسة أن تقومي بتمثيل دراما معينة مع مجموعة أخرى من الطالبات، وشيء من هذا القبيل.

تعرض آخر في الخيال، كأن تكون لديكم مناسبة طيبة كبيرة ووليمة في البيت، وكنت أنت المشرفة على الاستقبال، وتجهيز المكان والطعام وهكذا، إذن هذا التعرض في الخيال إذا أخذته بجدية وتركيز سوف يمهد لك ما نسميه بالتعريض أو التعرض في الواقع، وابدئي دائما بأن تكوني في الصفوف الأمامية، حين تنظرين إلى الناس انظري في وجوههم، ابدئي دائما بالسلام، كوني مستحضرة بعض المواضيع التي يمكنك أن تتطرقي للحديث عنها، فإذن المواجهة هي العلاج الرئيسي، وكما ذكرنا المواجهة يمكن أن تكون في الخيال، وبعد ذلك تكون في التطبيق، ولابد أن يكون هنالك أيضا ما نسميه بتصحيح المفاهيم، وأؤكد لك أنه لا أحد يراقبك كما ذكرت، وأؤكد لك أيضا أن الأعراض الفيزيولوجية من تسارع في ضربات القلب، والرجفة، وربما التعرق الذي يحدث لبعض الناس، والشعور بالتلعثم في الكلام، هي أعراض مبالغ فيها، وليست على حقيقتها، وقد أثبتت التجارب ذلك.

الخط العلاجي الآخر، والذي يجب أن تركزي عليه، هو ممارسة تمارين الاسترخاء، هذه التمارين جيدة وفعالة جدا، ويمكنك أن تطبقيها، وذلك بالحصول على شريط أو كتيب، يوضح كيفية إجراء تمارين الاسترخاء.

العلاج الدوائي جيد وطيب ومفيد، ومعظم الأدوية التي تستعمل في علاج الخوف والرهاب هي أدوية تصرف من الصيدليات دون وصفة طبية، وهذا دليل على سلامتها، وفي مثل عمرك دواء مثل السبرلكس، ربما يكون جيدا ومفيدا وجرعته هي أن تبدئي بـ 5 ملجرام، نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 10ملجرام، تناوليها يوميا لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة 10ملجرام لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى 5 ملجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء، هذا إذا كنت تريدين أن تدعمي التحسن، أما إذا كان لديك موقف متخذ، وأنك لا تريدين استعمال الدواء، فهذا بالطبع أمر نحترمه ونقدره، وهو أمر متروك لك.

بالنسبة للأعشاب هنالك مركب يقال أنه عشبي، ويسمى بعشبة القلب أو عشبة القديس جون، وهذا المركب يعمل تقريبا من خلال نفس المنظومة الكيميائية التي تعمل من خلالها الأدوية، وهو متوفر أيضا في الصيدليات، ويعطى دون وصفة طبية، وجرعته هي كبسولة صباحا ومساء لمدة شهرين أو ثلاثة.

وللاستزادة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول العلاج السلوكي للرهاب: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 )

هذا هو الذي أود أن أقوله لك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.


مواد ذات صلة

الاستشارات