السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعمل مهندسا بشركة اتصالات، ومع ضغوط العمل المستمرة، والاتصالات المقلقة ليلا بخصوص العمل، وزيادة الأعمال المكلف بها تباعا، فأنا دائم التفكير بالعمل، وكيفية التغلب على مشكلاته، الأمر الذي يزيد من التوتر والعصبية، والشعور الدائم بالقلق، والخوف من الفشل في العمل، مما أدى إلى أعراض بدنية سيئة، منها القلق أثناء النوم، وفقدان الشهية، والشعور بضيق الصدر، وجفاف الحلق، وخصوصا عندما يتم تكليفي بشيء جديد.
ناهيك عن سوء معاملتي لزوجتي وأولادي الذين أعرف تماما أنهم ليس لهم أي ذنب فيما يحدث لي؛ فلذا أصبحت أتعمد البقاء خارج المنزل لأصبح بعيدا عنهم، حتى لا تزداد الأمور سوءا معهم، ولكن ليس هذا هو الحل، فأصبح الحل في وجهة نظري هو البعد عن مسببات التوتر، أي ببساطة ترك العمل، الأمر الذي لا أستطيع أن أفعله لكثرة الالتزامات المطلوبة مني، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فانشغالك وتفكيرك في العمل للدرجة التي تسبب لك القلق والتوتر، والعصبية، والخوف من الفشل، هو شعور مزعج بالنسبة لك، ولا شك في ذلك، وإن كان فيه الكثير من البوادر الحسنة؛ لأنه دليل أن درجة اليقظة والضميرية لديك عالية جدا، ولا شك أن القلق في الأصل هو طاقة نفسية مطلوبة من أجل أن ينجح الإنسان، ولكن في حالتك ازدادت نسبة هذا القلق؛ مما أدى إلى شيء من الهشاشة النفسية، وعدم القدرة على التواؤم، وعدم القدرة على التكيف مع ظروف العمل، وكما تفضل وذكرت انعكس ذلك أيضا سلبا على معاملتك لزوجتك وأولادك؛ حيث أصبحت تسقط غضبك وانفعالاتك عليهم بصورة سلبية.
أخي الكريم: نحن في علم النفس نؤمن تماما أن ما هو سلبي قد يبنى عليه ما هو إيجابي، فهذه الطاقات النفسية الجيدة التي لديك يجب أن تنظر إلى الجانب الإيجابي فيها، وهي أن تغير نفسك فكريا ومعرفيا؛ وذلك بتنبيه ذاتك أن اهتمامك وانشغالك بعملك هو أمر حميد، وأمر كريم، ولكن هذا الانشغال يجب أن لا يكون لدرجة الانفعال، خاطب نفسك هذه المخاطبات الداخلية، وهذا - إن شاء الله - سوف يوصلك إلى قناعات أن العمل يجب أن ينفذه الإنسان بدرجة عالية من الجودة والانضباط، ولكن في ذات الوقت يجب أن لا يحاسب نفسه على الإخفاقات البسيطة أو يتملكه الشعور بالفشل.
وكما تعرف - أخي الكريم - هنالك من يدمن على العمل، هذه الآن أصبحت قضية بنفس المستوى، يهمل فيه كثيرون أعمالهم وأداء واجباتهم، هنالك من يدمن عمله، وهنالك من يحس بالارتياح حين يؤدي عمله حتى لساعات طويلة، وهذه أصبحت إشكالية بالنسبة لبعض الناس؛ لأن إدمانهم لعملهم لساعات طويلة، لا شك أن هذا سيكون على حساب أمور حياتية أخرى كثيرة، خاصة على النطاق الاجتماعي والنطاق الأسري.
أنصحك أيضا - أخي الكريم - أن تعبر عن نفسك حتى في مجال العمل، يجب أن لا تكتم؛ لأن التفريغ النفسي هو وسيلة رئيسية من وسائل إراحة النفس أو الشعور بالرضا والإسترخاء.
إذا وجدت أي وسيلة لممارسة أي نوع من الرياضة، خاصة رياضة المشي أو الجري، هذا أيضا سوف يكون له عائد إيجابي عليك، وأنصحك بتمارين الاسترخاء، ونحن دائما نرشد الإخوة والأخوات لتطبيقها؛ لأنها ذات فائدة عظيمة جدا، فتحصل على كتيب أو شريط في إحدى المكتبات الكبرى في مصر، لتوضح لك كيفية تطبيق هذه التمارين بصورة صحيحة.
أخي: أرى أنه سيكون من الجيد أن أصف لك أحد الأدوية البسيطة جدا، والتي يعرف أنها تقلل التوتر والقلق والعصبية والانفعال، الدواء يعرف باسم (فلونكسول) وهو متوفر في مصر، وزهيد الثمن من الناحية المادية، ولكن قيمته العلاجية ممتازة جدا، فابدأ في تناول الفلونكسول بجرعة حبة واحدة نصف ملجرام، تناولهاليلا لمدة أسبوع، بعد ذلك تناول الدواء بمعدل حبة في الصباح وحبة في المساء، استمر عليه لمدة شهرين ثم تناوله بمعدل حبة واحدة في الصباح لمدة شهر ثم توقف عن تناوله، والدواء بسيط وغير إدماني ولا يتطلب وصفة طبية.
أخي الكريم: لابد أن تكون نظرتك إيجابية حول أولادك وزوجتك، ولا شك أنك على دراية تامة بذلك، وحاول أن تقضي أطول وقت معهم، وإن شاء الله باتباعك للإرشادات السابقة سوف تجد أن هذه الأمور الإيجابية قد أصبحت أكثر قبولا.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.