السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 23 سنة، وأعاني منذ 3 سنوات من زيادة ضربات القلب وآلام في الصدر وضيق في التنفس والإحساس بالضيق، وصعوبة النوم، وأحيانا لا أسطيع النوم مطلقا عملت كل التحاليل وكلها سلبية، فنصحني طبيب الباطنة بالذهاب إلى طبيب مخ وأعصاب فأعطاني لوسترال 50 مللي جرام، وأخذ نصف حبة فاستمريت عليه لمدة 3 أسابيع، ولم أحس بتحسن، والآن أعاني من عدم النوم مطلقا، على الرغم من أني لا أفكر في شيء ومجددا أشتريت لوسترال، وأخذت 3 حبات طوال 3 أيام (هذة المشكلة النفسية التي حدثت لي أن والدي أرغمني على دخول جامعة لم أكن أريدها) أرجوك يا دكتور أفدني في مشكلتي، فإني لا أستطيع التركيز، وأعمل الرياضة أو أي شيء، وجعلك الله سببا في شفائي، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن تسارع ضربات القلب وآلام الصدر والضيقة في التنفس وكذلك صعوبات النوم هي أعراض جوهرية للقلق النفسي، والقلق النفسي بالفعل يمنع بدايات النوم كثيرا ما يجد الإنسان صعوبة في أن يبدأ النوم، ونسبة للانقباضات العضلية التي تحدث في الجسم خاصة القفص الصدري تجعل الإنسان يحس بالألم في الصدر وكذلك الضيقة في التنفس، وبعض الناس يشتكي من رعشة أو شعور بالدوخة وشيء من هذا القبيل.
فيا أخي الكريم! أرى أن مشكلتك الأساسية هي القلق النفسي وليس أكثر من ذلك، والقلق ليس كله طاقة نفسية سيئة، بل فيه جوانب إيجابية كثيرة؛ لأن القلق هو طاقة تجعل الإنسان أكثر حماسة وأكثر دافعية وأكثر قبولا وإقداما لأن ينجح ويثابر في حياته، ولكن حين يشتد القلق قد يسبب شيء من الإعاقة لأنه تحول إلى طاقة نفسية سلبية.
فقدانك للدافعية وأنك لا تستطيع أن تركز وليس لك الرغبة في عمل أشياء مثل الرياضة هو دليل على أن القلق تطور إلى شيء من عسر المزاج، لا أريد أن أقول (اكتئاب) ولكن عسر المزاج أيضا يجعل الإنسان يحس بالملل وافتقاد الرغبة في عمل الأشياء خاصة الإيجابية، وكثير من الناس يفقد حتى الاستمتاع بما كان يستمتع به سابقا.
عموما حالتك تعالج، وأنا أريدك أن تفهم أولا أنها ليست مشكلة كبيرة، وأطلب منك أيضا أن تكون إيجابيا في تفكيرك، هذا مهم جدا؛ لأن التشاؤم والتفكير السوداوي والسلبي يعيق الإنسان كثيرا ويزيد من أعراضه النفسية السلبية.
أنت الحمد لله شاب، وفي مرحلة الدراسة، ولا شك أن لديك آمالا في هذه الحياة وتريد أن تكون مفلحا وناجحا.
فيا أخي! ابن نمطا وتفكيرا إيجابيا، وأنصحك أيضا بإحسان الاستفادة من الوقت وهذا يتأتى من إدارته بصورة صحيحة، فالذي يدير وقته بصورة صحيحة ينجح، وكما تعلم فإن الواجبات أكثر من الأوقات، فهنالك أشياء كثيرة يمكن للإنسان أن يقوم بعملها حيال نفسه وحيال الآخرين، فالذي أرجوه منك أن لا تساوم نفسك وتتردد حين تريد أن تنجز شيئا، توكل على الله، واعزم، وابدأ. هذا مهم جدا.
حاول أن تقسم اليوم بحيث تخصص وقتا للدراسة وقتا للراحة وقتا للعبادة، ووقتا للتواصل الاجتماعي، وحين اتباعك لهذا النمط البسيط سوف تجد أنك تخلصت من صعوبات كثيرة، وسوف تجد في نهاية اليوم أنك قد أحسست بشيء من الرضا لأنك قد أنجزت.
بالنسبة للأسباب والمسببات وأن تعزو هذه المشكلة؛ لأن الأخ الفاضل والدك قد أرغمك على دخول جامعة لم تكن تريدها، فأنا أعتقد أن هذا يجب أن لا يكون هاجسا، نعم نحن نقول أن رغبات الناس يجب أن تحترم، ولكن يجوز لوالدك أيضا آمال يرى من خلالها أنك تستطيع أن تكون أكثر بروزا وإنتاجية وتفوقا في الجامعة التي اختارها لك. فيا أخي كله خير، فلا تتعلق كثيرا بهذه السلبية، ولا تجعلها سببا لما تعانيه من قلق.
أريد الآن أن أصف لك علاجا دوائيا والأدوية كثيرة، واللسترال دواء جيد وحقيقة قد يتطلب شيئا من الصبر؛ لأنه في بعض الأحيان قد لا يؤدي إلى نتيجة إلا بعد ثلاثة أو أربع أسابيع من بداية العلاج.
أنا أريدك أن تستبدل اللسترال بأدوية بسيطة، هذه الأدوية منها عقار يعرف وعلميا باسم (موتيفال Motival)، والعقار الآخر يعرف تجاريا باسم (تربتزول Tryptizol) ويسمى علميا باسم (امتربتلين Amtriptyline) وهي أدوية رخيصة جدا من الناحية المالية ولكنها ذات فائدة. ربما تسبب لك آثارا جانبية بسيطة خاصة الإمتربتلين، حيث إنه قد يسبب جفافا بسيطا في الحلق، أو شعورا بالثقل في العينين في بداية العلاج، ولكن بعد ذلك سوف تختفي هذه الأعراض.
الذي أريده منك هو أن تبدأ الموتيفال بجرعة حبة واحدة ليلا، وتبدأ في نفس الوقت بتناول التربتزول بجرعة خمسة وعشرون مليجراما ليلا. استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة موتيفال في الصباح وحبة في المساء، وواصل في التربتزول، وبعد مضي شهر إذا لم يتحسن النوم لديك بصورة ملحوظة ارفع جرعة التربتزول إلى خمسين مليجراما ليلا، وهذه بلا شك جرعة مفيدة، ليست هي الجرعة القصوى؛ لأن هذا الدواء يمكن أن يتم تناوله حتى جرعة مائتي مليجرام في اليوم، ولكن لا أرى أنك في حاجة لمثل هذه الجرعة الكبيرة.
استمر على الموتيفال بجرعة حبة صباحا وحبة مساء، واستمر في نفس الوقت على التربتزول بجرعة خمسة وعشرين مليجراما أو خمسين مليجراما، وواصل لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفض الموتيفال واجعله حبة واحدة مساء لمدة شهرين، ثم توقف عنه.
أما بالنسبة للتربتزول إذا كان الخيار هو خمسة وعشرين مليجراما ليلا، فأقول لك: استمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفض الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء. أما إذا كان الخيار هو حبتين –أي: خمسون مليجراما– من التربتزول فاستمر على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة ستة أشهر، ثم إلى خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
توجد أدوية أخرى كثيرة، منها: دواء يعرف تجاريا باسم (ريمارون Remeron) ويعرف علميا باسم (ميرتازبين Mirtazapine) هو أيضا دواء ممتاز، ولكنه باهظ التكلفة نسبيا.
أعتقد أن الذي وصفته لك سوف يكون جيدا ومفيدا، وعليك أيضا باتباع الإرشادات السلوكية السابقة، ويجب أن تكون إيجابيا في تفكيرك، وحياتك طيبة وجميلة، فأرجو أن تعيشها بقوة في حاضرها وتكون نظرتك نحو المستقبل ثاقبة مفعمة بالآمال، مفعمة بالرجاء، ولا شك أننا نوصيك ونوصي أنفسنا بتقوى الله؛ لأن الله خير حافظ، وإن شاء الله تجد أن أبواب الخير قد فتحت أمامك، وختاما نشكر لك التواصل مع استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.