السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابني في الرابعة من عمره، وهو مهذب وذكي، ويحب الناس والتعامل معهم، لكن المشكلة أنه سريع البكاء عندما يلعب مع أي طفل سواء كان أصغر أو أكبر منه في العمر، وحين يأخذون أي شيء منه يبكي ويصرخ، لكي يسترجع ذلك الشيء، دون المحاولة لاسترداده بنفسه.
مع العلم أنني ووالده دائما نقول له بأنه لا يجب عليك البكاء، اذهب بنفسك وخذ لعبتك، لكن دون جدوى، حتى داخل المنزل هو سريع البكاء، لا يعرف كيف يلعب مع الأطفال، ولا يحب أحدا أن يشاركه ألعابه.
يدفعني ذلك لضربه والصراخ عليه بشدة، حيث إنني لا أسيطر على أعصابي عندما أراه ضعيفا، ويبكي من طفل أصغر منه بالعمر.
أريد المساعدة من فضلكم، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تغريد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا لا أرى أن هذا الطفل لديه مشكلة تربوية رئيسية، هذا الطفل - نسأل الله أن يحفظه - مهذب وذكي ويحب الناس، وكل الذي يعاني منه هو البكاء السريع، كنوع من الاحتجاج، أو كوسيلة دفاعية يحاول أن يسترد بها حقوقه، وهذا موجود كثيرا لدى الأطفال، فهم يختلفون في شخصياتهم وفي طريقتهم، ويعرف أن أحد أسباب البكاء الرئيسية لدى الطفل أنه وسيلة للفت النظر، ووسيلة للاحتجاج، ووسيلة لمحاولة الوصول إلى حقه.
هذا الطفل – حفظه الله – حين يبكي إذا أخذ منه طفل آخر أيا من أغراضه أو ألعابه، فهو يبكي لأنه يعتقد أن الطفل الآخر سوف يستجيب لهذا الدواء، فهو يحتج في وجه الطفل الآخر، ولا يقدر أن الطفل الآخر لا يفهم أن البكاء هو نوع من الاحتجاج، هذه هي المشكلة الرئيسية، وهي حالة عرضية وليست أكثر من ذلك.
الذي أنصحك به أن تقومي بلعب أدوار طفولية مع طفلك، مثلي أنت دور الطفل معه، والعبي معه بألعابه، وادخلي في بعض السيناريوهات معه، تقومين أنت فيها مثلابدور الطفل المشاغب الذي يحاول أن يأخذ حقه من الطفل الآخر، وفي هذه الحالة سوف يكون ابنك، وبعد ذلك اجعلي ابنك يقوم بنفس الدور، وهكذا.. هذه طريقة جيدة جدا، أن تدربي الطفل بصورة حسية وحركية أفضل من أن يتكلم إليه أحد وينصحه، حيث إن الطفل قد لا يتعلم من خلال الذاكرة السمعية أو البصرية، فالطفل يتعلم من خلال الوسائل الحسية والحركية، وهذه الطريقة التي ذكرتها لك أيتها الفاضلة الكريمة تعتبر طريقة جيدة جدا.
أيضا حاولي أن تحفزي الطفل وتكافئيه حين لا يبكي، ضعيه في موقف معين مثلا، وإذا كانت ردود أفعاله قائمة على البكاء فقط، قومي بحرمانه من شيء معين، وإذا كانت ردود أفعاله خلاف ذلك قومي بمكافأته، وهكذا.. هذه تمارين بسيطة جدا ومفيدة جدا وفاعلة جدا.
أرجو أن لا تضربي ابنك ولا تصرخي عليه؛ لأن هذا ليس جيدا، لا بالنسبة لك ولا بالنسبة لطفلك، وأنا دائما أنبه الأمهات: هل فعلا الطفل لديه مشكلة حقيقية؟ أم أن تحمل الأم قد أصبح قليلا؟ وهذه مشكلة حقيقية، ونواجهها كثيرا.
بعض الأمهات يصبن بقلق أو توتر أو بدرجة بسيطة من الاكتئاب حتى، أو يكون لديهن مشكلة أخرى مع شخص آخر، وبعد ذلك تبدأ العصبية والتوتر والإسقاط على من هو أضعف وهو الطفل، وهذا ليس بالضروري أن ينطبق عليك، ولكني ذكرته فقط كنوع من التنبيه والمعلومة العلمية التي ربما تكون مفيدة، وفي دراسة كبيرة شملت عددا ضخما من النساء وجد أن بعض اللواتي يقمن بالصراخ والهيجان وعدم تحمل أطفالهن يحدث لهن ذلك قبل الدورة الشهرية، ومعظم هؤلاء النسوة استجبن للأدوية المضادة للقلق مثل العقار الذي يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، وجرعته في مثل هذه الحالات حبة واحدة (نصف مليجرام) صباحا ومساء لمدة شهر، ثم حبة واحدة لمدة شهر، ثم يمكن التوقف عن العلاج.
أنا لا أقول لك إن هذا ينطبق عليك مطلقا، لكن بصفة عامة أنصحك أن تأخذي قسطا كاملا من الراحة، وأن تعبري عن مشاعرك، وأن تجعلي طفلك يحس بالأمان، وأن تمارسي بعض التمارين الرياضية، وأن تتذكري أن هذا الابن – حفظه الله – هو نعمة عظيمة من نعم الله تعالى.
هذا إن شاء الله يقلل من مشاعرك السلبية الحادة، ويجعلك تتحملين هذه الفترة، ويعرف أن هذه الفترة هي فترة مرحلية في حياة الأطفال، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.