السؤال
الحالة: شاب متزوج حديثا الذي يقيم في كندا. الذي يعمل سائق شاحنة.
الإشكالية :
-- لقد غيرت وظيفتي مؤخرا (كنت المشرف على الخدمات اللوجستية).
-- والآن، زوجتي تقول لي أنني يجب أن لا أقول هذا للعائلة، وأنها يجب أن تبقى سرية. لأن هذا عمل غير مناسب.
- زوجتي تكره هذا التغيير في مهنتي. وقالت إنها أصبحت مكتئبة جدا وتبكي.
-- زوجتي تقول لي بأنني خدعت.
أنا لا أعرف حلا لهذه المشكلة لأنني لا أقبل رد فعل زوجتي؟ وأتساءل أيضا، هل تستحق هذه العلاقة الاستمرار؟
شكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hassan el maghdour حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح ما بينك وبين زوجتك، وأن يشرح صدرها لقبول مهنتك ووظيفتك، وأن يعينك على الصبر عليها واحتمالها، وأن يرزقها الرضا بما قدر الله تبارك وتعالى لك، وأن يجعلها عونا لك على طاعته، وأن يديم بينكما المحبة والوئام والتفاهم والانسجام.
وبخصوص ما ورد برسالتك أنك تعمل سائقا لشاحنة ولكنك مؤخرا غيرت وظيفتك، إلا أن زوجتك تقول إنه يجب علينا أن لا نخبر العائلة بهذا التغير، وأن يبقى الأمر في سرية تامة؛ لأن هذا العمل غير مناسب كما تذكر. وأنت حاولت إقناعها إلا أنها لم تستجب لهذا الكلام، وقلت لها: إن هذا العمل عمل طيب، إلا أنها تكره هذا التغير في مهنتك، وحتى أصبحت مكتئبة جدا وتبكي وتقول لك بأنك خدعتها، ولا تعرف حلا لهذه المشكلة لأنك لا تتقبل رد فعل زوجتك، وتتساءل: هل يستحق هذا استمرار العلاقة؟
أقول لك أخي الكريم الفاضل: إنه يبدو لي والله أعلم أن زوجتك قليلة الخبرة وأنها صغيرة السن، وليست لديها خبرة بظروف الحياة، ولذلك تتمنى أن تعيش حياة رومانسية كما يقولون وحياة كلها ورود ورياحين، وليس لديها الخبرة التي تجعلها تقبل الواقع وترضى بما قسم الله تبارك وتعالى لك، لأنها لا تعرف غير ذلك، فيبدو أنها صغيرة السن كما ذكرت وأنها متأثرة بالأفلام والمسلسلات العربية التي تتكلم عن فارس الأحلام وهو هو إلى غير ذلك من الأمور التي تصيب عقول كثير من الفتيات الصغيرات في السن.
وأنا أعتقد أن المسألة مع شيء من المرونة من قبلك وشيء من التهدئة، ولا مانع أيضا أن تأخذ بكلام زوجتك ما دام هذا يريحها بأنك لا تخبر العائلة بطبيعة عملك، ومن الممكن أن تستعمل التعريض، يعني تقول (الحمد لله نعمل في عمل طيب ودخلنا ممتاز) وأعتقد أنهم قد لا يسألونك عن ذلك ما دامت ابنتهم لا تشتكي شيئا من قلة ذات اليد أو غيره، فأعتقد أن الأمر سهلا ميسورا بإذن الله تعالى.
فأنا أرى بارك الله فيك أن تصبر عليها لأنها كما ذكرت لك فيما يبدو أنها صغيرة السن وأنها تأخذ الأمور على ظاهرها، وقلة خبرتها في الحياة تجعلها تنظر لها نظرة سطحية، وليس لديها نظرة عميقة أو نظرة طويلة المدى، وإنما هي تنظر تحت قدميها، تريد أن يكون زوجها رجلا يعمل مثلا في مهنة كبيرة ودخله كبير حتى تتباهى أمام الناس بأن زوجي كذا أو كذا أو كذا، ولكن قدر الله تعالى أن تكون أنت على هذا الوضع، ولذلك هي متأثرة، لعلها كما يبدو لي أنها صدمت بهذا الواقع، والدليل على ذلك أنها تقول لك بأنك خدعتني، وأنت تقول لا أعرف حلا لهذه المشكلة لأنك تقبل رد فعل زوجتك، فأنا أرى أن تصبر عليها، وأن لا تتعجل في علاج هذا الموضوع؛ لأنه مع الأيام بإذن الله تعالى سوف تحبك وسوف تحب عملك، خاصة إذا وجدت أنك لا تقصر وأن طلباتها مجابة وأن ما تحتاجه متوفر ولله الحمد والمنة، وأنك تعاملها معاملة كريمة وتعاملها برفق ورحمة وتراعي ظروفها السنية وظروفها المعيشية، ولا تحاول أن ترد مثلا على كل كلمة تقولها ترد عليها رد عنيف أو قاسي، وإنما حاول أن تلطف الجو دائما.
يعني أنا أطلب منك أخي الكريم (حسان) أن تلطف الجو على قدر استطاعتك وأن تستعمل أسلوب القرآن الكريم، فالله تبارك وتعالى يقول: (( وعاشروهن بالمعروف ))[النساء:19] والعلماء يقولون: إن العشرة بالمعروف ليس معناه أن تحسن معاملتها وإنما تصبر على أذاها.
فإذن أصبر على أذاها واحتسب الأجر عند الله تعالى، وبإذن الله تعالى سوف ييسر الله تبارك وتعالى أمرك، وسوف يصلحها الله تبارك وتعالى لك.
المسألة تحتاج لشيء من الوقت، ولكن أنا واثق إن شاء الله أنك ستنجح بإذن الله تعالى في احتوائها في المستقبل بإذن الله عز وجل، ولا يقتضي الأمر إلى أن تفكر في قطع العلاقة أو غيره؛ لأن هذا الكلام كما ذكرت لك كلام لا ينبغي أن يقال؛ لأن الحكم على الحياة من أول خلاف أو مشكلة يكون صعبا، فأرى كما ذكرت لك الصبر الجميل وأن تصبر على أذاها وأن تحتملها؛ لأن الزواج أولا مكلفا، ثانيا هذه امرأة مسلمة وطلاقها الآن يعرضها لمشاكل عظيمة وقد لا تجد من يتزوجها من بعدك إذا طلقتها لا قدر الله تعالى، وبذلك تتشتت وقد تنحرف وقد تتعرض لأشياء كثيرة جدا، ولكن حاول بارك الله فيك أن تأخذها إلى دروس ومحاضرات إذا كنت مثلا في مكان يوجد فيه نشاط كالمسجد، حاول أن تأخذها معك إلى المسجد، وحاول أيضا أن تتكلم مع الأخ المسئول في الدعوة في المسجد أن يتكلم عن الرضا بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، وأن يبين بركة العمل المبارك الحلال، وإلى غير ذلك حتى يعينك بطريقة غير مباشرة، ولا مانع أيضا أن تطلب مثلا من بعض الأسر الملتزمة أن يزورك النساء في بيتك وأيضا يكون لديهم فكرة، بشرط أن لا يعالجوا الموضوع بطريقة مباشرة حتى لا تظن أنك شكوتها لغيرها من النساء، وإنما تأتي الأمور بطريقة كما لو كانت عرضية في الكلام ليست مقصودة، ومن الممكن أن يغير فكر زوجتك تماما، لأني أعلم أن هذا الأمر ممكن ونحن نستعمله كثيرا في حل مشكلات يعجز عنها الزوج يستعين بعد الله تعالى بأخوات صالحات يتكلمن مع زوجته فيصلح الله حالها.
فإذن أنا أرى أن تظل أولا دائرة الخلاف فيما بينكما، وأنصحك بعدم إدخال أي طرف آخر من أهلك أو أهلها في الخلاف؛ لأن دخول هذه الأطراف يوسع دائرة الخلاف ويعمق الجرح ويجعل أحيانا الحل مستحيلا، ولكن استعن بعد الله تعالى ببعض الأخوة البعيدين عنكم؛ لأن هؤلاء في الغالب ليست لهم مصلحة في أن تنتصر أنت أو أن تنتصر هي، وإنما هم سيقدمون النصيحة على قدر استطاعتهم بتجرد وبدون تحيز لا لك ولا لها، وكما ذكرت لك أوصيك بالصبر عليها، وأيضا عليك بالدعاء لها أن يصلحها الله تبارك وتعالى وأن ييسر أمرها وأن يشرح صدرها لقبول هذا العمل ولقبولك كزوج أيضا، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة.
أسأل الله تبارك وتعالى أن ييسر أموركم وأن يقضي حوائجكم وأن يمن عليكم بنعمه التامة وأن يشرح صدرك للصبر عليها واحتمال أذاها، وأن يعينها أيضا على استيعابك ومراعاة ظروفك وتقدير وضعك، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.