السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كانت أموري ميسرة جدا، وكنت موفقة في دراستي، وكل أمور حياتي، ثم أذنبت ذنبا كبيرا - نظرت إلى أمور محرمة، ومارست الاستمناء -، وبعدها أصبحت لا تجاب لي دعوة! ولو كنت في غاية الاضطرار، كما أني غير موفقة أبدا، سواء في حياتي العامة أو في دراستي، فدرجاتي سيئة للغاية، وأموري الحياتية معسرة جدا، ورغم أني تبت لكني لا أدري كيف أعود لرضا ربي، وهل سيسامحني ويرضى عني؟ ولو عفا عني، هل سيوفقني كما كنت ويجيب دعواتي؟
أجيبوني فأنا نادمة وأريد رضا ربي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سجى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوب علينا وعليك.
وكوني على ثقة أيتها الأخت بأن التائب حبيب الله سبحانه وتعالى، فقد أخبرنا سبحانه وتعالى في كتابه فقال: (( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ))[البقرة:222]، وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى يفرح بتوبة العبد، فقال: (لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم كان على راحلته في أرض فلاة) إلى آخر الحديث، فأخبرنا عليه الصلاة والسلام بأن الله عز وجل يفرح بتوبة عبده فرح الكرام الذين يفرحون إذا جاءهم من يكرمونه.
الله عز وجل إذا جاءه عبده وأمته تائبين راجعين إليه فرح بذلك؛ لأنه يريد إكرامهم سبحانه وتعالى، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فلا تيأسي من رحمة الله، ولا تقنطي من روحه، فرحمته سبحانه وتعالى وسعت كل شيء، كما أخبرنا في كتابه الكريم.
قال: (( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ))[الأعراف:156]، وأخبرنا في كتابه أن رحمته وسعت كل شيء رحمة وعلما، فرحمته عز وجل واسعة، وفضله عظيم، فأحسني الظن بالله سبحانه وتعالى، واعتقدي في قلبك أنه سبحانه وتعالى سيتوب عليك، فإذا تبت إلى الله تعالى وأحسنت الظن بالله فإنه سيتوب عليك؛ لأنه أخبرنا سبحانه وتعالى بأنه يفعل بالإنسان ما يظن به، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن عبدي بي ما شاء).
لكن وصيتنا لك أيتها الكريمة أن تتوبي توبة مستوفية بأركانها حتى يقبلها الله، فإن للتوبة أركانا لابد منها، ولا تصح التوبة بدونها، أولها الندم على فعل الذنب، والندم عمل في القلب، فيحزن القلب على ما حصل من الذنب، والندم توبة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، والركن الثاني يتعلق بالحال وهو الإقلاع عن الذنب وتركه، والركن الثالث يتعلق بالمستقبل وهو العزم على أن لا يرجع إليه الإنسان، فيعزم في قلبه أن لا يرجع ولا يعود لهذا الذنب مرة ثانية، فإذا حصل هذا منك فكوني على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنب ويقبل توبة التائب، بل ويبدل سيئات التائب حسنات، كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى بذلك في كتابه الكريم، فقال: (( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ))[الفرقان:70].
احرصي على أن تكرري الدعاء إذا دعوت الله سبحانه وتعالى، وطلبت منه شيئا، فإن لقبول الدعاء أسبابا ومن ذلك كثرة اللجوء، والإلحاح في الدعاء فإن الله سبحانه وتعالى يحب الملحين في الدعاء، ومن ذلك تجنب الحرام في المأكل والمشرب، ومن ذلك تحري أوقات الإجابة، وإذا طلبت من الله تعالى شيئا، ولم يعطك ما طلبت فهذا لا يعني أنه لا يستجيب لك الدعاء، فإن الدعاء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: يستجاب لواحدة من أمور ثلاثة: إما أن يعطي الله عز وجل الإنسان ما سأله وطلبه، وإما أن يدفع عنه من المكروه الذي كان سينزل به بقدر ما طلب وسأل، وإما أن يدخر له الذي سأله وثوابه ليوم القيامة، فيجده موفرا، ولذلك يتمنى كثير من الناس يوم القيامة أن الله عز وجل لم يجب لهم دعوة لما يرون من ثواب الله تعالى لمن دعاه ولم يعطه في الدنيا.
لا تستعجلي إجابة الدعاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، قيل: كيف يعجل؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيستحسر ويدع الدعاء) فاجتهدي في الدعاء وتحري أوقات الإجابة، وخذي بأسباب إجابة الدعاء، وأحسني الظن بالله تعالى، وكوني على ثقة بأنه لا يرد من دعاه صفرا، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا)، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.
وبالله التوفيق.