السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عزباء، عمري (38) سنة، أعاني من صراع شديد، وتأنيب للضمير بسبب تقدمي في العمر من غير زواج، فقد تقدم لي الكثير من الشباب، وكنت كلما تقدم لي شخص أشعر بسعادة غامرة، ولكن بعد الصلاة والاستخارة يأتي الرفض إما مني أو من قبل أهلي، أو ينسحب الخاطب، أحاول كثيرا أن أقنع نفسي أن هذا هو قدري، إلا أن التفكير في هذا الموضوع سيطر علي، وأحس أنني أذنبت بحق نفسي، أرجوك انصحني كي أتخلص مما أنا فيه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الجوري حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن تكرر مجيء الخطاب إليك يبشر بالخير، وحصول الرفض منك، إن كانت له أسباب واضحة فلا إشكال، أما بالنسبة لأهلك فليس لهم حق الرفض إذا جاء الشخص المناسب صاحب الدين والأخلاق، وحصل منك الميل إليه والموافقة عليه، وعلى كل حال فعبارتك تدل على أنك مؤمنة بقضاء الله وقدره، والكون هذا يا بنتي ملك لله، ولن يحدث فيه إلا ما أراده الله، وكل ما يقدره الله فيه خير للإنسان، وربما كان الرجل المناسب لم يأت حتى الآن، والإنسان عليه أن يسعى، والنجاح والتوفيق بيده الله وحده.
نحن ننصح فتياتنا دائما بإظهار ما وهبهن الوهاب من جمال وكرم أخلاق في مجامع الصالحات، فلكل واحدة منهن أخ وابن أو محرم، يبحث عن الفاضلات من أمثالك، كما أرجو أن تكون الفتاة إيجابية في تعاملها مع من حولها، ومتفائلة حسن الظن بالمسلمين والمسلمات، وإذا طرق الباب طارق فاجعلي الدين والأخلاق أساس النظر إليه، ولا تركزي بعد ذلك على السلبيات، فإن الدين يصلح الخلل والنقص، ولقد أحسن من قال:
وكل عيب فإن الدين يجبره وما لكسر قناة الدين جبران
لا يخفى عليك أن السعادة ليست في المال ولا في الوظائف، ولا في الأفراح ولا في وجود الأولاد، ولكن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة بالله الراضية بقضائه وقدره، والحريصة على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن هذه الأشياء التي يجري الناس خلفها ما هي إلى زينات وديكورات لا تأتي بالسعادة، ولكنها قد تزيد السعيد فرحا ومرحا، وتسهل عليه بعض صعوبات الحياة، كما أن نعم الله مقسمة، فهذه تعطى الوظيفة، وتلك تعطى المال، وثالثة يعطيها الله الزوج ويحرمها المال والولد، وهكذا... والسعيدة هي التي تتعرف على نعم الله عليها فتؤدي شكرها، والغافلة الشقية تنظر إلى ما في أيدي الناس فتتضجر وتحزن، وبالشكر تزيد النعم وتثبت، قال تعالى: ((وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم))[إبراهيم:7].
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وبالله التوفيق والسداد.