السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 33 عاما، لا أستطيع المزاح مع من هم في عمري منذ صغري، وعندما أكشف تفكير أحد أو عيوبه لا أحد يصدقني عندما أحدثه بذلك، ولكن مع مرور الزمن يتحقق ما تحدثت به، ولدي صعوبة في التواصل مع الآخرين من قريب أو بعيد، وليست لدي قدرة على النظر للمتحدث، مما يربك أفكاري ويجعلني مستمعا غير جيد، وفي نفس الوقت يشرد ذهني ولا أقدر على التركيز والإصغاء، وذلك لعدة أسباب، منها: الخجل، ومعرفتي بأن المتحدث كاذب، وأحيانا أتعلق بكلمة من حديثه وأظل أفكر بها، مما يؤثر علي في الإصغاء لباقي الحديث، بمعنى أنني لا أستطيع الاستمرار في التواصل مع الآخرين مدة طويلة وربما عندما تنكشف عيوبهم لدي.
علما بأني سرعان ما تنكشف عيوب الآخرين لدي، وخشية انكشاف عيوبي لديهم يجعلني أبتعد عنهم، فأفيدوني، وفقكم الله لكل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن مشكلتك بسيطة، وهي خليط من الخجل، وكذلك القلق النفسي، ويظهر لديك القلق في صورة ما يسمى بالرهاب الاجتماعي، ولكنه من الدرجة البسيطة، كما أن القلق تجسد لديك، وظهر في شكل وساوس، فأنت تقوم بتحليل بعض المعلومات، وربطها بأمور أخرى، وهذا يجعلك تشعر بالرهبة والخوف، فمثلا تعلقك بكلمة من حديث الشخص الآخر، والتفكير فيها يؤثر عليك، هذا نسميه بالربط الوسواسي، أنت تتخير أمرا معينا وتعطيه أهمية أكثر مما يتطلب الأمر، وربما تعطيه أيضا تفسيرا آخر، أو كما ذكرت لك تقوم بربطه ربطا وسواسيا، وهذا هو الذي يزيد من قلقك.
والذي أنصحك به هو تجاهل هذه الأفكار، ربما تقول لي: إن هذا ليس بالأمر السهل؟ ربما تكون هناك صعوبة في بداية الأمر، ولكنه ليس من المستحيل، وتجاهل الفكر القلقي والسلبي يكون بتحليل هذا الفكر، أي لا تقبله كنوع من المسلمات، حلل هذا التفكير، وسوف تصل -إن شاء الله- إلى نتيجة رائعة، وهي أن هذه الأفكار أفكار سخيفة، أفكار يجب أن تسقطها من تفكيرك وخيالك، لأنها لا تستحق أن تشغل نفسك بها.
الحوار مع الذات وتقليل شأن الفكر القلقي والوسواسي هو من أفضل أنواع العلاج الإرشادي الذاتي.
استبدال الفكر بفكر آخر أيضا يساعد، فهذه الأفكار التي تشغلك حاول أن تعطيها تفسيرات أخرى، تفسيرات تكون مضادة لك، فمثلا نفس الأمر الذي يشغلك وهو تعلقك بكلمة من حديث شخص ما، والتفكير فيها مما يؤثر عليك في الإصغاء لباقي الحديث، يجب أن تقول لنفسك: (يجب أن أكون مصغيا لهذا الشخص الآخر، وإصغائي سوف يشعره بأني أحترمه، وسوف أبدأ أولا بأن أسلم عليه، أو إذا سلم علي سوف أرد عليه بالتحية أفضل منها، سوف أتبسم في وجهه لأن في ذلك أجرا عظيما) هنا تكون أنت أدخلت روابط جديدة مختلفة تماما عن الرابط الوسواسي الذي تعاني منه.
هناك أيضا وسائل كثيرة لتنمية الذات والتخلص من الخوف والرهاب، وهي وسائل بسيطة منها مثلا أن تمارس الرياضة، أي نوع من الرياضة فقط يكون مجموعة من الشباب، هذه الرياضة الجماعية تجعل الإنسان يتفاعل اجتماعيا بصورة إرادية وغير إرادية.
ثانيا: المشاركة مثلا في حلقات تلاوة القرآن، أيضا نوع من النشاط الاجتماعي، الذي يجعل الإنسان يتمازج ويتفاعل مع الآخرين في محيط وجو فيه الكثير من الطمأنينة والسكينة.
ثالثا: الانخراط في الأعمال الاجتماعية والخيرية، أعمال البر والإحسان والأنشطة الخيرية الثقافية، هذه أخي الكريم كلها تحسن من دافعيتك من أجل التواصل الفردي فيما بعد، فكن حريصا على ذلك.
حتى نساعدك -إن شاء الله- في إزالة هذا القلق وأن يمهد الطريق للتطبيقات السلوكية، أود أن أنصحك بأن تتناول أحد الأدوية المضادة للرهاب والخوف الاجتماعي، وكذلك القلق.. الدواء يعرف علميا باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) وهو من الأدوية الجيدة والفاعلة، والتي يمكن الحصول عليها بدون وصفة طبية في كثير من الدول.
ابدأ في تناول الزيروكسات بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناولها ليلا، ويفضل تناولها بعد الأكل، وبعد أسبوعين ارفع هذه الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
الزيروكسات من الأدوية الممتازة، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة بسيطة، حيث يمكن تناول هذا الدواء حتى أربع حبات في اليوم، ولكنك لست في حاجة إلى هذه الجرعة، يتميز بأنه يعالج الخوف والقلق والوساوس، كما أنه محسن للمزاج، وأسأل الله تعالى أن يجعله سببا في تحسين دافعيتك من أجل التواصل الاجتماعي والتخلص من هذه المخاوف والوساوس البسيطة.
وبجانب ذلك لابد أن تكون إيجابيا في تفكيرك، لابد أن تعطي لحياتك معنى، لابد أن تعيش الحياة بقوة وتنظر إلى المستقبل بأمل ورجاء، نسأل الله تعالى أن يسدد خطاك وأن يوفقك، ونشكرك كثيرا على التواصل مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.