نوبة هلع سببت اعتزال الناس

0 454

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا: أشكركم جزيل الشكر على إتاحة هذه الفرصة لطرح سؤالي، وأدعو الله أن يجعلكم سببا لتفريج كربي وهمي.

أنا والحمد لله شاب متدين، كنت أحرص لفترة طويلة على صلاة الجماعة في المسجد، وكنت حريصا على الذهاب للصلاة قبل الأذان، والتأخر بعد الصلاة لتلاوة الأذكار، مع العلم أني كنت أواجه مشكلة دائمة الحدوث وهي التوتر في الصلاة، وكنت أتأثر من آيات الله لدرجة الخوف والهلع، خاصة في صلاة الفجر، لكن كنت أتغلب على هذا الأمر بفضل الله لفترات طويلة، وفي ليلة كنت مرهقا فحصلت لي أحداث أتعبتني نفسيا، وذهبت لصلاة الفجر وأنا مواصل السهر تقريبا، وكنت متوترا، وتوترت أكثر، وكنت أتحمل، لكني فقدت أعصابي! وكانت ضربات قلبي سريعة، وشعرت برعشة قوية، فجلست على الأرض، ثم خرجت من الصلاة ومن المسجد، وبعدها ارتحت تدريجيا، ولم أستطع الذهاب للصلاة، وفي العشاء ذهبت، وشعرت بتوتر أيضا، ولكن تغلبت عليه بفضل الله؛ لأن الإمام لم يطل في الصلاة، وكأن الله رأف بحالي، وفي صباح الجمعة ذهبت مبكرا، وجلست في المسجد، ولكن حصل لدي قلق شديد وتوتر أيضا، وكنت أفكر في الخروج من الخطبة من شدة ما أنا فيه، فصبرت بفضل الله حتى الإقامة، ووقتها غيرت مكاني، وتراجعت للخلف، وكنت أصلي وأنا أرتعش، وأتوتر وأصبت بخوف وهلع شديد.

منذ ذلك الحين وأنا أخاف من الذهاب للمسجد، فبمجرد التفكير للذهاب يشعرني بالتوتر، فأصلي في البيت.

كنت قد بلغت مرحلة تيقنت فيها أنني أعيش لعبادة الله وعمارة بيت الله، لكني الآن خائف بشدة من الاستمرار على مخالفة الجماعة والمسجد، والله قد ابتلاني والحمد لله على كل حال.

ذهبت لطبيب نفسي، وأعطاني زاناكس 0.5 ، وفافرين 100 مليجرام، مع دواء لالتهاب الأعصاب، أتناولها منذ 5 أيام، لكني أشعر بالنعاس، وليس لدي رغبة في عمل شيء، وأشعر بخمول وعدم تركيز، ولم أشعر بتحسن أبدا، وتقريبا أوقفت العلاج بسبب الدراسة، فأنا مقبل على اختبارات دراسية أيضا.

كنت قرأت حول الزيروكسات 20 مليجرام فاشتريته، ولكن أخذت نصف قرص، وخفت من إكماله بعدما علمت أن له آثارا جانبية، والمرضى يعانون في الانسحاب منه.

ملاحظة: أنا منعزل بعض الشيء عن الناس، وبدأت أخاف أيضا من مواجهة الناس، والاختبارات القادمة!

أعتذر على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إن حالتك ليست بالمستعصية وإن ظهرت لك أنها مزعجة بهذا الشكل، وأنت قد اتخذت هذا القرار المؤسف، وهو أنك حرمت نفسك من نعمة صلاة الجماعة في المسجد، وأقول لك أخي الكريم: هذه الحالة هي إحدى حالات الهلع أو الهرع، وهي حالة نفسية معروفة، ويظهر أنك قد استسلمت لها، مما نتج عنه هذه الإفرازات السلبية.

أخي الكريم: هذه الحالة هي مجرد قلق نفسي، وهي تشخص تحت أمراض القلق النفسي، وهي تعالج، وأهم علاج هو أن تفهم طبيعتها، وهي أنها قلق وليست أكثر من ذلك، ويجب أن تصحح مفاهيمك، وهو أن ما تعاني منه من قلق وتوتر داخل المسجد لا يلاحظه الآخرون.. هذا مهم جدا، كما أنك لن تفقد السيطرة على الموقف، وتسارع ضربات القلب والرعشة هي تغيرات فسيولوجية حميدة وليست أكثر من ذلك، والأمر الآخر هو أن الهروب من مواجهة الخوف يؤدي إلى زيادته، وأيضا مواجهته تؤدي إلى زيادته لكن لفترة قصيرة جدا، بعد ذلك يبدأ الخوف في التراخي حتى يتلاشى تماما.

إذن أخي: اتخذ قرارك، واذهب إلى الصلاة، واعرف أن هذه المساجد هي مكان الطمأنينة، وابن علاقة مع إمام مسجدك، واجلس معه، وحاوره، واستفد من علمه، وهنا سوف تبنى الطمأنينة بصورة تلقائية لديك.. هذا هو الضروري والمهم في حالتك.

الأمر الآخر: أنا أريدك أيضا أن توسع من دائرة تواصلك الاجتماعي، زر أرحامك، وأصدقاءك، ومارس الرياضة الجماعية مع بعض الشباب الذين هم في عمرك، خاصة كرة القدم، وانخرط في بعض الأعمال التطوعية والخيرية، وهي كثيرة جدا في مصر؛ فهذا أيضا يؤدي إلى شيء من التأهيل الاجتماعي الذي سوف يعود عليك بخير كثير.

بالنسبة للعلاج الدوائي، أقول لك: نعم... أنت في حاجة إلى علاج دوائي، ولابد أن تصبر على العلاج الدوائي، ولابد أن تتناوله بالجرعة الصحيحة وللمدة الصحيحة، والأدوية النفسية الحديثة هي أدوية ممتازة وراقية وسليمة، وما يذكر عن الآثار الجانبية ليس كلها حقائق، وأنا أقول لك حتى البنادول الذي يمكن أن نأخذه من البقالة له آثار جانبية، ولكن بفضل الله تعالى هذه الآثار قليلة، وإذا تناول الإنسان الجرعة الصحيحة فلن يأتيه مكروه أبدا.

الزيروكسات دواء فعال ودواء ممتاز، وعليك أن تبدأ في تناوله الآن، ابدأ بجرعة نصف حبة، تناولها بعد الأكل، ويمكنك أن تتناولها في المساء، وبعد أسبوعين ارفعها إلى حبة كاملة، واستمر على هذه الحبة لمدة شهر، وبعد نهاية الشهر سوف تحس بالتأثير الإيجابي للدواء، ولا تتوقع فائدة من هذا الدواء قبل ذلك.

بعد أن ينقضي الشهر وأنت مستمر على حبة من هذا الدواء، ارفع الجرعة إلى حبة ونصف، وهذه هي الجرعة العلاجية، ثم بعد شهرين اجعلها حبتين –أي أربعون مليجراما– في اليوم، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة، أو تتناولها حبة صباحا وحبة مساء، واستمر على الجرعة العلاجية لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفض الدواء بمعدل نصف حبة كل ثلاثة أشهر، وحين تصل إلى نصف الحبة الأخيرة استمر عليها لمدة شهرين، بعد ذلك اجعله نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

بهذه الطريقة -أخي الكريم- لن تحدث لك أي مشكلة مع هذا الدواء، ولن تحدث لك آثار انسحابية، وكل الذي ربما يحدث هو زيادة بسيطة في الوزن، وهذه يمكن تداركها من خلال ممارسة التمارين الرياضية التي أنت في حاجة لها أصلا، وكذلك تنظيم الطعام لديك.

الزيروكسات بالنسبة للمتزوجين ربما يؤدي إلى تأخر بسيط في القذف المنوي، ولكنه لا يؤثر على الذكورة أو مستوى هرمونات الذكورة، أو القدرة على الإنجاب، وهذا التأثير هو تأثير مؤقت، ولا يحدث لكل الناس، وهو بالطبع علاج فعال جدا للذين يعانون من سرعة القذف.

بجانب الزيروكسات أنصح لك بدواء آخر بسيط كدواء مساعد، يسمى تجاريا باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) وجرعته هي أن تبدأ في تناوله بمعدل حبة واحدة في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.

هذا هو الإرشاد الذي أود أن أوجه لك، وأنا على ثقة تامة -إن شاء الله- أنك باتباعك له سوف تجد أن الأمور قد تحسنت، وأن هذا التوتر قد زال، وهذا الهلع والهرع والمخاوف الاجتماعية أصبحت شيئا من الماضي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات