الزواج بعد الوقوع في الحرام

0 436

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

كنت أحب فتاة منذ 4 سنوات، وقد وقعنا في الحرام عدة مرات -أسأل الله العافية- والحمد لله قررنا التوبة، وهدانا الله إلى الطريق الصحيح، والمشكلة أننا لا زلنا متعلقين ببعضنا جدا، وبصراحة فأنا أحبها وهي تحبني كثيرا، وأسأل الله أن يجمعنا بالحلال.

قطعت معها عهدا ألا نلتقي وأن لا نقع في الحرام مرة أخرى، والحمد لله هذا ما نسير عليه حتى الآن، وأسأل الله الثبات على أمره ودينه، لكن ما زلت أتحدث معها عن طريق الشات، وقد قررنا أن نكفر عما مضى، وذلك بأن أتقدم لخطبتها، وهذا ما فعلت، وقد قبل إخوتها وأمها، لكن والدها الذي يعيش في الخارج رفض فكرة الزواج بحجة أنها صغيرة، مع العلم أنها مقبلة على سن الـ20 وأنا 21.

أنصحوني جزاكم الله خيرا، ما الذي أفعله؟ رزقنا الله وإياكم حسن الخاتمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يتقبل توبتك، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة عفيفة فاضلة تكون عونا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك أقول: إنه مما لا شك فيه أن هناك أمرا غاب عنك وعن ذهنك، ألا وهو شؤم المعصية، فإن رفض والدها قد يكون السبب الرئيسي فيه إنما هو هذا الذنب الذي وقعتما فيه من فترة قبل التوبة، والمعصية كما تعلم شؤمها عظيم وخطرها جسيم، بل قد يرفض والدها تماما أن يزوجها لك دون إبداء أي سبب من الأسباب، ولذلك الذي أنصح به بداية أن نفكر في تنظيف أنفسنا وفي تطهير قلوبنا أولا قبل أن تفكر في شيء الآخر، فقبل الارتباط بها فكر أولا في ذنوبك وذنوبها التي وقعتما فيها فيما مضى، فإذا أردت فعلا أن تكون جادا في تصحيح المسيرة، وأن تكون جادا في التوبة الصادقة إلى الله، فلابد من عقد النية والندم أولا على هذا الذنب الذي مر، وعقد العزم على عدم العودة إليه.

ثانيا: تتفق أنت وهي أن لا تتحدثا معا حتى ولو عن طريق الشات؛ حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا؛ لأن الكلام أيضا عن طريق الشات لابد فيه من كلمات غزل وكلمات حب وكلمات مثيرة، باعتبار أنكما تعودتما هذا الأمر، وهذا التواصل يؤدي إلى إفساد التوبة، ويجعل التوبة أيضا غير كاملة، بل لعله يجعلها غير مقبولة، ولذلك اتفق معها بأن تتوقفا أيضا عن الشات من أجل الله تعالى، وتوجها إلى الله بالدعاء أن يشرح صدر والدها لقبولك زوجا لها، وتوجها إلى الله عز وجل بالدعاء أن يغفر الله ذنبكما، وأن يقرب بينكما بالزواج بالطريق الشرعي الطيب.

إذا كانت أمامك فرصة من الدراسة باقية وليس لديك مصدر دخل تستطيع من خلاله أن تنفق على نفسك وعليها، فأنا أرى عدم الارتباط الآن، وأرى فعلا أن تكتفيا بالوعد فيما بينكما، وأن تتركا الأمر لله سبحانه وتعالى؛ لأنك قطعا الآن أنت أولى بها، فقد أفسدت عليها حياءها وعفتها، وبالتالي هي أفسدت عليك كما أفسدت عليها، وأصبحت مشكلتها أكبر، وأنت أولى بها، على اعتبار أن الأولى بك أن تكفر عن هذا الذنب بأن تستر عليها لأنك أنت الذي فعلت معها ما فعلت.

أرى بارك الله فيك أن تتفقا على أن يكون بينكما إن شاء الله تعالى لقاء عندما يوافق والدها، أما مجرد الخطبة فليست كافية؛ لأن الخطبة هي عبارة عن وعد بالزواج وليست زواجا، وهي لم ولن تحل لك الحديث معها ولا الخلوة بها ولا أي شيء مما تتوقعه أو تظنه أو تتوهمه أو يزينه لك الشيطان، أو حتى مما يفعله الناس في الواقع، فإن الخطبة عبارة عن وعد بالزواج وليست زواجا، ولا تحل بحال من الأحوال أي علاقة بأي صورة كانت.

نعم أنت تقول بأن الناس يفعلون، أقول لك: ليس كل ما يفعله الناس أصبح حقا، ونحن لا نأخذ ديننا عن الناس، وإنما نأخذ ديننا عن رب الناس جل جلاله.

أول خطوة على طريق التصحيح إنما هي التوبة الصادقة النصوح، ومن أسس هذه التوبة التوقف عن هذه العلاقة حتى وإن كان الحديث عن طريق الشات، وهي ما دامت تعلم أنك توقفت بنية التوبة إلى الله والتوجه إلى الله عسى الله أن يجمعك بها في الحلال، فهي ستصبر وأنت قطعا ستصبر، وبذلك ستكون النتيجة بإذن الله تعالى في صالحكما، ولعل الله يطلع على قلبك فيرى انكسارك ويرى ذلك ويرى ضعفك وإخلاصك، فيقبل الله تبارك وتعالى منك ويشرح صدر قلب والدها لقبولك، فإذا لم تكن صاحب عمل يدر عليك دخلا خاصا، فأنصح أن لا ترتبط بها الآن، لأنك لن تستطيع أن تقدم الكثير، وسيكون الارتباط بغير جدوى، خاصة إذا كان مجرد خطبة.

فتوجه إلى الله بالدعاء، وسل الله أن يغفر لك وأن يتوب عليك، واعلم أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.

أسأل الله أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يجعل لك على الخير أعوانا، وأن يجمعك وإياها على خير في الحلال الطيب المبارك، وأن يغفر لكما ما سلف من الذنوب والمعاصي، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات