كيفية التخلص من الكذب وإخلاف الوعد.

0 567

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت دائما عندما أتكلم أصدق، وعندما يطلب مني شخص طلبا وأقول له: (حاضر) أقوم فعلا بتنفيذه ما استطعت، لكني الآن تغيرت كثيرا، أصبحت أكذب وأقول: (حاضر) ولا أنفذ، وعندما أتفق مثلا على الخروج مع صديقاتي ونحدد الموعد أقول لهن عندما يحل الموعد: لن أخرج.

أنا متضايقة من نفسي جدا، ماذا أصنع؟ وكيف أكون صادقة ووفية بالوعد؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب، ونحن نشكر لك صراحتك وشجاعتك هذه التي دفعتك إلى الإقرار بالخطأ والاعتراف به، ولكن هذا لا يكفي، فينبغي أن تسارعي لتخليص نفسك من هذه العادة القبيحة وهي خلق الكذب، ولعلاجها أيتها البنت العزيزة أدوات ووسائل ننصحك بأن تأخذي بها بجد وأن تسألي الله تعالى التوفيق والإعانة، ونأمل بذلك إن شاء الله أن تكون سببا في تخليصك منها.

أول هذه الوسائل أيتها الكريمة: أن تتذكري دائما بأن الكذب مرفوض شرعا، وأن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم قد ذما الكذب والكاذبين، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة عن موقف الشرع من الكذب، قال عليه الصلاة والسلام لما (سئل: أيكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم. ثم سئل: أيكون المؤمن بخيلا؟ قال: نعم. ثم سئل أيكون المؤمن كذابا؟ قال: لا).

فالكذب ينافي كمال الإيمان، كما أنه عليه الصلاة والسلام جعل الكذب من علامات النفاق، فقال: (آية المنافق ثلاث)، ومنها: (إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف)، وأخبر عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: (فإن الكذب يهدي إلى الفجور)، يعني: يدعو إلى الوقوع في المعاصي، (وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).

فتذكري دائما هذا الموقف من الشرع تجاه الكذب، وتذكري أن كل ما تقولينه وتتلفظين به مكتوب، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ))[ق:18]، فحياؤك من الله تعالى وتذكرك بأنه سيأتي يوم تعرض عليك هذه الصحائف التي تكتب فيها الملائكة وفيها هذا الكلام الذي كنت تقولينه، وتذكرك لهذا كله يحول بينك وبين الاستمرار في الكذب والاستمراء له إن شاء الله تعالى.

من الوسائل كذلك -أيتها الكريمة- أن تبحثي عن السبب؛ فإن هذا الخلق -خلق الكذب- من جملة الأخلاق المكتسبة التي يكتسبها الإنسان لأسباب، فإذا بحثت عن السبب الذي دعاك إلى الكذب فحينها ستعرفين أن هذا السبب ينبغي أن يعالج، فمعرفة السبب جزء أكيد في العلاج.

ينبغي -أيتها البنت العزيزة- أن تكثري من قراءة القصص التي فيها أخبار الصادقين والصالحين، وكيف جعل الله سبحانه وتعالى الصدق في مواقف كثيرة سببا للنجاة، فإن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (تحروا الصدق وإن رأيتم فيه الهلكة، فإن فيه النجاة، وتجنبوا الكذب وإن رأيتم فيه النجاة؛ فإن فيه الهلكة)، فالصدق يعود خيره وبركته على صاحبه عاجلا أو آجلا.
وضعي أمامك القدوة الصالحة التي عرفت وتناقل الناس جيلا بعد جيل أخبار أهل الصدق، وعلى رأس هذه القدوات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته معروفة عليه الصلاة والسلام، فإنه ما كان يكذب قط، حتى إن أهل الجاهلية سموه قبل الإسلام وقبل أن يبعث عليه الصلاة والسلام، سموه (الصادق الأمين).

وتذكري جيدا -أيتها الكريمة- أيضا أن الكذب يجر الإنسان إلى مذمة الآخرين وتقطع أواصر الصلة بينه وبين المجتمع من حوله، فإن المجتمع إذا ألف من الإنسان الكذب وعرفه بالكذب نزعت الثقة منه وأصبح الناس يتعاملون معه على هذا الأساس، وأنت -ولله الحمد- لم تصلي بعد إلى هذا المستوى، ولكن لو تذكرت هذه الحالة فإنها أيضا ستكون رادعة لك عن الاستمرار في هذا الخلق المشين.

وأما إخلاف الوعد فكذلك لا يجوز للإنسان أن يعد وهو عازم وقت الوعد على أنه لن يفي بهذا الوعد، هذا من أخلاق المنافقين كما جاء في الحديث الذي سبق أن ذكرناه.

ولكن ينبغي لك دائما أن تعلقي الأمر بمشيئة الله تعالى إذا وعدت بشيء بأن تقولي: (إن شاء الله)، فإذا تيسر لك الوفاء فذلك أمر حسن، وإن لم يتيسر لك الوفاء فتكوني قد خرجت من الحرج الشرعي.

عودي نفسك دائما أن تقدمي من الوعود ما تقدرين على تنفيذه بحيث لا تعدين بما لا تقدرين عليه فيتعود منك الناس إخلاف الوعد، وعودي نفسك دائما أنك تذكرين لمن تعدينه وقت الوعد أنه إن تيسر لك فعلت، وإن لم يتيسر فأنت في فسحة، حتى يقل إخلاف الوعد منك بعد العزم عليه وقت الميعاد.

ومن أجل الأساليب التي يكتسب بها الإنسان الأخلاق الحسنة ويبتعد عن الأخلاق المرذولة كثرة الدعاء لله سبحانه وتعالى، وقد كان من الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم اهدني لأحسن الأعمال والأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئ الأعمال والأخلاق لا يصرف عني سيئها إلا أنت).

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، ونسأله تعالى أن يهدينا وإياك لأحسن الأعمال والأخلاق.

مواد ذات صلة

الاستشارات