السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خطبت فتاة، وكنت أرغب بها من قبل، وعلى تواصل وعلاقة هاتفية، مع العلم أني طلبتها منذ بداية تواصلي معها ورغبتي بها زوجة لا غير، وبعدها طلبتها من أهلها ولم يعترضوا حتى نهاية دراستها، ولكن لا يتم شيء حتى تنتهي دراستها، وعندها يقرروا، ولكن لم يوافقوا ولم يرفضوا.
وفي هذه الفترة بقيت أنا وهي على تواصل على أمل أننا سنتزوج، وبعد انتهائها من الثانوية تم الرفض من قبل أهلها بسبب الكلام الذي شاع علي وعلى الفتاة
خطبت فتاة أخرى وكتب الكتاب ولم أنسجم معها فتركتها وعدت إلى الأولى بعد تدخل أناس كي يتكلموا مع أهلها؛ لأن السبب كان رفض أهلها وليس الفتاة، وتم كتب الكتاب، وبعدها قضينا فترة طويلة في النقاشات والحوارات على ما مضى والمشاكل ومن سببها، ونتفاهم ونعود ونتصالح حتى وقتنا هذا من قبل شهرين وإذا بالأمور بدأت بالخلافات، وأنا مسافر وأعيش في الخليج، وهي في سوريا، وبدأ الجدل والنقاشات الحارة، وبدأت الأفكار تتباعد، وبدأ سوء الفهم. تضايقت كثيرا، وبدأت أنفعل كلما تكلمت معها، وهي تعلم أني إذا انفعلت أتكلم ببعض الكلمات التي تجرح، ولكن ليست من قلبي، وإنما فقط عند الانفعال، مع العلم أني تكلمت معها عندما أنفعل لا تزيدي انفعالي بردي وبمعاندتي وبمجادلتي.
وأنا أقول لها كل شيء تقول لي: لا، ولن أفعل، وأهددها أننا سوف ننفصل إذا بقيت هكذا، وتقول مهما حصل لن ولا... وأنا لا أريد منها أن تفعل كل شيء، وإنما بعض الأحيان تكون اختبارات لها لأرى هل تسمع كلامي أم أنها تعاندني فتبين لي أنها تريد العناد فقط، ولا تريد أن تفعل أي شيء أقوله لها إلا إذا اقتنعت به.
وآخر شيء أني بدأت بمرحلة التهدئة للأمور، وعدت وتكلمت معها أننا سوف نبدأ من جديد، وأننا يجب أن نبدأ من الصفر، وتكلمت معها بكل شيء أريده، وماذا أحب، وماذا أريد، وكيف أحبها أن تكون، وقلت لها: إننا سوف نقلب الصفحة ونبدأ من جديد في كل شيء بعد أن اعتذرت لها إذا أخطأت بحقها؛ لأني تكلمت معها في بعض الأوقات التي انفعلت فيها ببعض الكلمات الجارحة.
وسألتها هل يناسبها ذلك، وقالت لي بعد كل شيء: نعم. انتهينا، وأتفاجأ بعد ساعات ترسل لي رسالة أنني لا أعدك، وأعتذر إذا قلت لك نعم فسوف أبدأ معك من جديد، والآن أقول لك لا أعدك، وسوف أفكر، وأنها لن تقدر على كل شيء، فقلت لها: إذن انظري ما هو الذي يناسبك وفكري جيدا، ثم قولي لي ماذا ينتج لديك من حلول، وما الذي يناسبك، وبعدها أفكر بكلامك ونرى إن كان يناسبني أم لا، وبعدها إما نكمل مشوارنا، وإما كل واحد منا يكمل حياته في طريق آخر.
السؤال: ماذا يجب علي أن أفعل معها؟ وما هو الحل في هذه الظروف؟ وأنا وهي نحب بعضنا كثيرا، ولكن البعد والسفر وخلاف النقاش والانفعالات الزائدة مني ومنها يبعدنا عن بعض، ومشاكلنا اليومية الأخرى من شغل ودراسة وأمور أخرى.
انصحوني، جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن امرأة بهذا العناد لا تبشر بخير كثير؛ لأن أهم صفات المرأة التي ينبغي أن توجد فيها، أنه إذا نظر إليها زوجها سرته، وإذا أمرها أطاعته، أما أن تطلب منها شيئا فتقول لك: لا، وتصر على العناد، وتفعل الذي يروق لها والذي لا يروق لها لا تفعله، ولا تسمع كلامك ولا تطيعك.
إذن: معنى ذلك أنها فقدت شرطا أساسيا أو صفة مهمة وهي صفة (إذا أمرها أطاعته)؛ لأن الحياة الزوجية بهذه الكيفية لا يمكن أن تستقيم مطلقا؛ لأن السفينة إذا كان فيها أكثر من قائد فإنها لابد أن تغرق، أما إذا كان هناك قائد وهناك مقود فإن الأمور من الممكن أن تكون شورى.
ولذلك أنصحك أن تتركها قليلا، وأن لا تتحدث معها الآن، وأن تتركها مطلقا كما لو كنت هاجرا لها، لا تتصل بها ولا تتواصل معها، واتركها فترة، وانظر ماذا ستفعل.
إذا كانت تريدك فعلا ويقينا فإنها سوف تنزعج لعدم تواصلك معها وعدم اتصالك المستمر بها، وعندما تتصل بك وتتكلم معك قل لها: ( إن هذه التصرفات مزعجة، وأنا أخشى أن نفشل في حياتنا الزوجية؛ ولذلك أنا أعطيت نفسي فرصة للتفكير) وانظر ما ردها، فإن قالت لك: (إني سوف أتغير وأعدك بأن أكون مخلصة، وأن أكون مطيعة، ولعل سبب ذلك إنما هو البعد عني... وكذا)، فإذا أبديت أعذارا مقبولة فاقبل عذرها، واشترط عليها في تلك الحالة أنه لابد من السمع والطاعة في غير معصية الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لحقه عليها) أو (رضا بما يصنع).
فإذن لا بد من أن تبين لها ذلك، وقل لها: (أتمنى أن تقرئي كتابا في الحياة الزوجية، وحق الرجل على امرأته) فانصحها بأن تقرأ كتبا من الكتب الإسلامية الموجودة، وهي موجودة بكثرة في سوريا وفي غيرها، فتستطيع على الأقل أن تقول لها أنا لا أقول لك كلامي حتى لا تقولي بأني أريد أن أسوغ لنفسي، وإنما اقرئي كلام أهل العلم، اقرئي علماء الشرع ماذا يقولون، وماذا قال النبي عليه صلوات ربي وسلامه في حق الرجل على امرأته، اقرئي كتابا ككتاب: (منهاج المسلم) حق الرجل على زوجته، وحق الزوجة على زوجها، وأنا ملتزم بكل حق شرعي أعطاك الله إياه أن أنفذه حرفيا.
إذن: قل لها ذلك وأتمنى أن تقتنع، حتى وإن لم تتصل فترة فلا تتصل بها أنت مطلقا، وإن مر شهر أو أكثر؛ لأن كونها لا تتصل بك معناه أنك لست في بالها حتى وإن كانت تحبك، إلا أنها كأنها ترسل لك رسالة بأنها على استعداد أن تتخلى عنك، وفي تلك الحالة تعيد أنت النظر في موقفك هل ستواصل هذه المسيرة أم لا.
أتمنى أن توفق في ذلك، وأنصحك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يصلحها لك الله، وأن يذهب عنها هذا العناد؛ لأن الله على كل شيء قدير، وأنت تعلم أن الله تعالى أخبرنا عن سيدنا زكريا عليه السلام بقوله: ((وأصلحنا له زوجه))[الأنبياء:90]، وذكر أهل التفسير بأن امرأته كان فيها بعض الحدة في لسانها، فكانت تحتج وكان صوتها يرتفع، فلما دعا الله أن يصلحها أصلحها الله تبارك وتعالى، فكانت كالبلسم الشافي، وكانت كالنسيم العليل، وذهبت عنها هذه الحدة، وأصبحت من فضل الله تعالى مرضية من ربها، ومرضية من زوجها.
فتوجه إلى الله بالدعاء، وخذ هذه الوقفة، ولا تتصل بها مهما كان شوقك لها حتى ترى رد فعلها، إن كانت حريصة عليك فهي قطعا ستنزعج وستتصل بك، وهنا تفتح الحوار، وتقول لها: (أنا خفت على علاقتنا أن تدمر ونحن ما زلنا الآن بعيدين عن بعض؛ لذلك توقفت حتى أوقف المزيد من الخلافات؛ لأن طرحك وأفكارك كانت بالنسبة لي غير مقبولة، وهي ما زالت غير مقبولة، هل أنت على استعداد أن نواصل المسيرة بالشروط الشرعية أم أنك مصرة على ما أنت عليه؟) فإن قالت: (نفتح صفحة جديدة أو نحاول) فإنها تكون بذلك قد فتحت صفحة جديدة وتنصحها أنت بالقراءة، إذا أصرت على ما هي عليه فقل لها: (نترك الأمر حتى نرجع إن شاء الله ونفكر معا)، وبذلك تكون قد استخرت الله، نسأل الله أن يصلح زوجتك ويشرح صدرك للذي هو خير.
وبالله التوفيق.