نصيحة لامرأة تشكو من إساءت زوجها إليها وتحقيره لها

1 746

السؤال

السلام عليكم.

الرجاء إرشادي لطريقة التعامل مع زوجي، فهو لا يحترمني، ولا يعاملني بتهذيب، يحتقرني، يتكلم بشكل سيء عني، أما أنا فألبي جميع طلباته، وعندما لا أتحدث معه يتودد ويتأسف مني، فأسامحه في نفسي وأكلمه، فيرجع مثل الأول، ونحن على هذه الحال منذ 16 عاما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

مما لا شك فيه أنك الآن أم، ولديك أبناء - من فضل الله تعالى - كبار، وأن الحياة قد قطعت شوطا، حتى وإن لم يكن قد قدر الله لكم بأبناء، فستة عشر عاما جعلتكم جسدا واحدا، وجعلتكم روحا واحدة؛ لأن هذه المدة ليست هينة، فهي مدة كبيرة، والأصل فيها أنه من المفروض أن يكون كل واحد قد عرف صاحبه وتعرف على ما يحب وما يكره، وبذلك يتعامل معه بالطريقة التي يستريح لها؛ لأنه يتعذر أن يوجد هناك تنافر طيلة هذه المدة وتستمر الحياة الزوجية.

وفيما يتعلق بتصرفات زوجك غير اللائقة، فإني أتصور أن زوجك ضحية تربية خاطئة في أول حياته، لعله نشأ في أسرة كانت هذه هي طريقتها في التعامل؛ ولذلك انتقلت هذه اللوثة السلوكية إلى حياته اليومية بعد زواجه كما لو كان ما زال يعيش بين أبيه وأمه، ونظرا لطول المسافة فأعتقد أنه الآن متقدم في السن مثلك، فأنت الآن على رأس الأربعين أو قريبة من ذلك، وقطعا هو أكبر منك إما أن يكون في الخمسين أو تحتها أو دونها أو أقصر منها، فمعنى ذلك أنه قضى معظم عمره في هذه التصرفات، ويرى أنها شيء طبيعي، بل إني أسمع أن بعض الأسر وبعض الرجال يقولون عن المرأة (كيف لا تسب ولا تضرب؟) كما لو كانت بهيمة أو حيوانا حقيرا أو وضيعا لابد من إهانته ولابد من تحقيره.

فهذه -مع الأسف الشديد- تصورات لدى بعض الأسر ولدى بعض البيوتات التي لم تنل حظا كبيرا من التعليم، وإنما تحتكم إلى أعراف وعادات وتقاليد بالية ما أنزل الله بها من سلطان.

لذا فإني أنصحك بداية وأولا: بالصبر الجميل؛ لأنه لا يوجد هناك علاج أنجع ولا أنفع لهذه الحالة التي أنت فيها من الصبر الجميل.
ماذا ستفعلين بعد ستة عشر عاما؟ ماذا تنتظرين أن نقول لك بعد ستة عشر عاما؟ أنقول لك اطلبي الطلاق؟ هذا أمر في غاية السخافة وفي غاية الجهل، ستة عشر عاما من حقك أن تعيشي معززة مكرمة داخل هذه المؤسسة التي قمت بريها بدمك وعرقك ووقتك وحياتك كلها حتى ظلت طيلة هذه الفترة، فلولا الحكمة التي أكرمك الله بها، ولولا سعة الصدر والحلم والأناة لما استمرت هذه الحياة طويلا، أما كونها استمرت ستة عشر عاما فهذا وسام على صدرك، أنه رغم التحديات التي تواجهينها إلا أنك استطعت السير بالسفينة حتى وصلت إلى هذه المرحلة العظيمة من الإنجازات؛ ولذا فإني أوصيك بالصبر الجميل؛ لأن الزوج من الصعب أن يتغير، وذلك نتيجة المدة الطويلة التي قضاها بهذه التصرفات والتصورات في الشخصية اللا أخلاقية.
إذن: لا نتوقع كثيرا من التغيير بالطريقة التي تريدينها، قد يحدث بعض التغيير ولكن ليس التغيير الذي ننشده ونتمناه.

ثانيا: أتمنى عقد جلسة بينك وبين زوجك، وأن تكونا وحدكما بعيدا عن الأولاد أو أي أحد، وأن تسأليه هذه الأسئلة: لماذا تعاملني بهذه الطريقة؟ وقولي له: (نحن الآن في صفاء وليس بيننا مشاكل، ولكنني أريد أن أعرف هل هذه الطريقة ترى أنت أنها صواب؟ هل أنا أثيرك؟ هل أنا فعلا أحاول أنني أكون السبب في هذه الإهانات؟) اسأليه وقولي له: (رجائي أن تتكلم بصراحة ووضوح؛ لأننا الآن في مشكلة وأنا يعز علي أن أقاطعك؛ لأن هذا ليس من طبعي، فأنا أحبك وأقدرك، وأنت تعلم منزلتك عندي، ولكن أنت تضطرني أن أتصرف تصرفات أنا لا أريدها، وقد تكون فيها محاذير شرعية، ولكن ماذا أفعل، نتيجة الضغوط التي تمارسها علي والإهانات المتكررة أضطر أن أهرب من هذا كله بعدم التحدث معك، ولكن هذا الأمر لا يرضيني، فأنا أحب الحديث إليك وأحب أن أكون معك وبجوارك في كل وقت وحين، أعطني فرصة أن أكون معك وأتواجد معك، حتى لا أضطر أن أقاطعك مرة أخرى، أعطني دليلا على هذه التصرفات أو أثبت لي أنه هو الحل أو العلاج الأمثل والمطلوب).

حاولي أن تتكلمي معه بهذه الطريقة، وانظري ماذا سيقول لك، وإن ذكر لك أسبابا وجيهة تفعلينها وأنت لا تشعرين فيتعين عليك البحث عن علاج هذه الأسباب فورا، أما إن قدم كلاما ليس عليه دليل أو برهان ولا عقل ولا منطق، وإنما هو مجرد توهمات فأنت عرفت الرجل، فتحاولين أن لا تفعلي الأشياء التي تؤدي إلى توهمه، وحاولي أن تجعليه معك بصورة وبصفة دائمة، هذه مهمة جدا.

كذلك - بارك الله فيك - أتمنى عمل رقية شرعية للأسرة كلها، لاحتمال أن يكون هناك شيء غير طبيعي من اعتداء الجن عليكم، وهذا هو الذي يؤدي إلى تلك السلبيات وهذا النفور الذي يحدث أحيانا من كل واحد منكما تجاه الطرف الآخر.

بارك الله فيك: اعلمي أن هذا الابتلاء له أجر عظيم عند الله تعالى، فالمرأة التي تبتلى بزوج غير صالح أو زوج سيئ الخلق وتصبر عليه ابتغاء مرضاة الله فإن الله يعوضها بذلك خيرا، فعليك بالصبر الجميل بارك الله فيك، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله أن الله تبارك وتعالى يصلحه، كما أوصيك بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام.

وأوصيك بعقد جلسة حوارية هادئة بينكما ولا يوجد أحد سواكما، وتكلمي معه بكل أريحية ووضوح بعيدا عن التعصب أو الضغط أو غير ذلك، وكما ذكرت أتمنى عمل رقية شرعية للأسرة كلها، وأوصيك بالصبر ومواصلة الإحسان، ولا تتوقفي عن الإحسان لمجرد الإساءة؛ لأن النبي صلوات ربي وسلامه قال: (وأتبع السيئة الحسنة تمحها).
ويقول صلوات ربي وسلامه عليه: (اتق الله تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس). وذكر في حديث آخر: (وخالق الناس بخلق حسن).

فأنا أوصيك بذلك، واصبري ولا تقصري في خدماته، حتى وإن أساء؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يحب الظالمين ولا المعتدين، وكما نقول: (إن النار لا تطفئ النار، ولكن الذي يطفئ النار هو الماء) فعليك بالصبر الجميل، وعليك بالتذكير، وعليك بالدعاء والاستغفار والإلحاح على الله أن يصلح الله حالكم وبالكم، وأن يؤلف على الخير قلوبكم، وأن يصلح ذات بينكم؛ لأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وليس أكرم شيء على الله من الدعاء.

وبالله التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات