السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة مسلمة، وتقدم لي شاب منذ سنتين أعرفه جيدا، وأشعر تجاهه بشيء يشدني له، هو طيب وذو أخلاق ومحترم، وعندما رآني دخل البيت من بابه، فوالدي أعطى له فرصة سنتين؛ لأجل يخلص شقته، وتقدم بعدها بسنة ووالدي أجل الموضوع بسبب شيء آخر، ولكنني صليت صلاة استخارة، فكان يقرب لي أكثر، ورأيت رؤيا خير -إن شاء الله- بأن خطيبي يرتدي ثوبا أخضر وأبيض، وبعد شهر تقريبا كان مترددا، وقالوا إنه لم يرد! فرأيت نفس الرؤيا التي رأيته عند الاستخارة لكن اللون كان الأبيض ظهر أكثر من الأخضر، والشهر هذا آخر المهلة، وأنا ما أعرف إلى الآن هل أبي موافق أم لا؟
أنا في حيرة، ومتعلقة به، وأريده، ولا أدري ما هو رأي أبي؟! وفي تلك الفترة تقدم لي الكثير، وعندما سألوا المحيطين بي قالوا مخطوبة، وأنا لست مخطوبة.
ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونا لك على طاعته ورضاه.
كما نسأله تبارك وتعالى أن يشرح صدر والدك لاختيار الزوج المناسب لك، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك أختي الكريمة الفاضلة-
أقول لك أختي الكريمة: مما لا شك فيه أن هذا الموقف موقف حرج فعلا، ولكن بما أن هذا الأمر في يد الوالد فأنت تعلمين أن الشرع جعل ولي الأمر هو المسئول عن هذه المسألة، نعم من حقك أن تقولي نعم وأن تقولي لا، ولكن المرأة العاقلة الفاضلة هي التي تتبع ولي أمرها على اعتبار أنه يريد لها الخير؛ لأن الوالد والوالدة خاصة على وجه الخصوص هما أحرص الناس على مصلحة أبنائهم وبناتهم، ومن الصعب جدا أن نقول بأن هناك من يعمل ضد رغبات أبنائه أبدا، بل إنه يضحي بحياته وصحته وليله ونهاره من أجل إسعاد أبنائه.
ثقي وتأكدي من أن والدك سوف يتخير الأفضل، ومن حقك أنت أن تناقشيه، إذا كنت شعرت بأن الوالد متردد أو أنه لعله لا يعرف كثيرا عن هذا الشاب، فمن الممكن أن تتكلمي مع الوالد، وأن تبدي رغبتك في الارتباط بهذا الشاب، ما دام فيه مواصفات السنة، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه).
ما دام هذا الأخ يتمتع بالدين والخلق، فمثله لا ينبغي رده، ومن الممكن أن تتكلمي مع الوالدة لعل المسافة بينك وبين الوالدة أقصر من المسافة التي بينك وبين الوالد؛ لأن العادة جرت أننا كأبناء نستحي أن نتكلم مع الآباء في مثل هذا الأمر خاصة البنات.
أرى أن تتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء، وأرى أن تكلمي الوالدة - حفظها الله تعالى - بأن تكون معك، وأن تبيني لها مثلا مواصفات الأخ، وقولي لها مثلا هذه الرؤى التي رأيتها، وقولي لها بأن هذا الشاب من الممكن أن تسألوا عنه مرة أخرى، لأني أشعر بأنه شخص مناسب، بأنه صاحب دين وخلق وإنسان محترم، وأن النبي عليه الصلاة والسلام قال كذا.
حاولي أن تستعيني بعد الله تعالى بأمك في تهيئة الجو مع والدك، لأنك تعلمين قطعا أن الوالد والوالدة بينهما أسرار خاصة، والعلاقة بينهما تؤدي إلى مزيد من التفاهم ومراعاة كل طرف للآخر، ولو تدخلت أمك في الموضوع فقطعا سيكون موقفها أقوى منك على اعتبار أنها في منزلة الوالد من حيث الحرص على مصلحتك ومعرفة ما يضرك وما ينفعك، وعلى الأقل حتى إذا لم يأخذوا بتزكيتك على اعتبار أنها تزكية مجروحة، وبأنك صاحبة مصلحة، فلا أقل أن يعيدوا السؤال عنه وأن يبحثوا عنه أكثر.
ما دام الأخ بفضل الله تعالى قد تيسر أمره وأصبحت لديه الشقة المطلوبة، وفي نفس الوقت أيضا عنده عمل مناسب؛ لأن أهم شيء بعد الدين والخلق أن يكون لديه عمل يستطيع أن ينفق عليك وعلى نفسه من خلاله أيضا، ثانيا لا توجد عنده أي مشاكل اجتماعية مثل عدم موافقة أهله، فما دام أن الأمور طيبة وأن أهله موافقون على الارتباط بك، وليست لديهم أي مشاكل، وغير ذلك أيضا كما ذكرت لديه العمل الذي يدر عليه الدخل المناسب، فأنا أرى بإذن الله تعالى أن تتكلمي مع الوالدة، وأن توظفيها لهذا الأمر لتقوم بإقناع الوالد.
عليك أنت بالدعاء، والإلحاح على الله تعالى، هذه الآن ليست استخارة، وإنما هذا دعاء بنية قضاء الحاجة، توجهي إلى الله بالدعاء أن يشرح الله صدر والدك لقبول هذا الأخ ما دام فيه الشروط الشرعية المطلوبة، كذلك أوصيك بالإكثار من الاستغفار بارك الله فيك، وكذلك أوصيك بالإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بنية أن يشرح الله صدر والدك لقبول هذا الأخ؛ لأن هذه الأمور من العوامل التي يغير الله بها المقادير، فإن النبي عليه صلوات ربي وسلامه قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) فقد يكون سبق في علم الله تعالى أنك لن تتزوجيه، ولكن علق الله هذا القضاء بالدعاء، بأنك إن اجتهدت في الدعاء اجتهادا عظيما سوف يغير الله تبارك وتعالى القدر من قضاء إلى قضاء آخر، وهذا كله بالنسبة لله تبارك وتعالى ممكن وليس هناك شيء مستحيل على الله جل جلاله.
أوصيك بالإلحاح على الله تعالى، والإكثار من الدعاء، كذلك الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال للصحابي الذي قال له: أأجعل لك صلاتي كلها يا رسول الله؟ قال: (إذن تكفى همك ويغفر لك ذنبك)، وأنت الآن مهمومة بهذا الأمر، فبالإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام سوف يكفيك الله تبارك وتعالى هذا الأمر، وإذا كان في هذا الشاب من خير فثقي وتأكدي من أن الله تبارك وتعالى سوف يكرمك به ببركة الدعاء والاستغفار والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام.
وفي حالة ما إذا لم يوافق الوالد على ذلك فأرى أن ترضي بقسمة الله تعالى وبقضاء الله تعالى وقدره؛ لأن ما سوف يختاره الله لك هو الخير في تلك الحالتين، ومعنى ذلك أن هذا هو قضاء الله؛ لأن الوالد ليس إله مع الله وإنما هو ينفذ أمر الله تعالى، فاتركي الأمر لله تعالى، فإذا لم يوافق الوالد فاعلمي أن هذا خير، وإذا وافق فاعلمي أن في هذا خير، وإن كان من حقك أن تناقشي الموضوع معه بهدوء فهذا من حقك، ولكن في جميع الأحوال ليس لك إلا أن تقولي لوالدك ووالدتك سمعنا وأطعنا، على اعتبار أنهما أدرى بالمصلحة، ورغم ذلك أقول لا مانع من الحوار والنقاش والتفاهم، فإن الله قد أعطاك هذا الحق، وليس من حق أحد أن يصادر حقك في الاختيار ما دامت الشروط الشرعية متوفرة، ولكن أنت تعلمين أننا نتكلم مع الوالدين بتقدير عظيم وأدب جم ومراعاة لمنزلتهما التي أنزلهما الله تبارك وتعالى إياها.
أسأل الله أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يمن عليك بالزوج الصالح، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.