السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يحق للزوجة أن تنهى زوجها عن المنكر، وما حدودها في ذلك؟
فلو هناك زوج يصر على معصية معينة وهي مشاهدة الأفلام الأجنبية زعما منه بأنها ليست حراما، لأنه لا يشاهد أفلاما إباحية وإنما يشاهد أفلام مغامرات وأكشن وما إلى ذلك.
وطبعا أحيانا يشاهد أفلاما كوميدية أو مسرحيات عربية وغيرها، والزوجة تحزن من هذا الأمر لأنها أقلعت بفضل الله عن مشاهدة هذه الأشياء منذ أن التزمت ولكنها تخشى على نفسها الفتنة، وتخشى أن تعود لمشاهدة هذه الأشياء وتعتادها وتألفها، وحدث هذا أكثر من مرة فتقع في هذه الفتنة وتشاهد الأفلام معه حتى إنها لا تترك التلفاز إلا للصلاة ثم تعود تشاهد الأفلام والمسلسلات وبعد فتره تحزن وتندم وتتوب، كما أنها تشعر أن ما يفعله زوجها قد يسبب خللا في تربية أطفالها لأنها تقول لهم أن الأفلام حرام، وفي نفس الوقت يرون والدهم وهو يشاهد الأفلام، ولقد حاولت معه بالنصح مرة وباللين مرة وبالمزاح مرة وبالخصام مرة ولا فائدة.
وفي أحد المرات أطفأت التلفاز وهو يشاهد الفيلم، وقلت له قم لصلاة المغرب فقال: بعد الفيلم لكي لا أصلي وقلبي متعلق بالفيلم، فأحزنها هذا الأمر وكلما أعاد زوجها تشغيل التلفاز أغلقته وقالت له: أنا لا أريد أن أدخل حكم بيننا في هذا الأمر حفاظا على صورتك أمام أهلي لأنهم يحبونك ويعتبرونك إنسانا ملتزما فلم لا تحافظ أنت على صورتك أمام الله, وتطور الأمر بينهما إلى أنه ضربها على وجهها وهي صدمت وغضبت وثارت حتى أنها قالت له الأفضل أن ننفصل وأنجو بديني أنا وأولادي طالما سيصل الأمر بيننا إلى هذا الحد وأنت تصر على رأيك في هذه المعصية، فأنا أرفض العيش في بيت فيه معصية كهذه وهذا لم يكن ما تزوجتني عليه، وما تعاهدنا عليه، ولكن هو اعتبر أنها بما فعلته فهي تلغي رجولته وأنها تأخذ دور الرجل المتحكم، ومقابل ما فعلته أطفأ لها الانترنت وقال لها لا تشغليه إلا بإذني- مع العلم أنها تستخدم النت للدراسة في أحد الجامعات الإسلامية الغير مختلطة، وكذلك تقوم بدور الدعوة في أحد المنتديات النسائية - وهي أخطأت في هذه اللحظة في أنها أعادت تشغيل النت، لأنها شعرت أنه لا علاقة له بما يفعله زوجها، وأنه يحول الموضوع عن مساره الأصلي.
ويقول لها أنت لك النصيحة فقط وأنا أستجيب أو لا، هذا يعود لي وليس من حقك تغير المنكر بيدك أنت لست الرجل.
من المخطئ ومن المصيب؟ وهل تكمل الزوجة حياتها معه وهو مصر على وجود التلفزيون في البيت وبقاء هذه القنوات التي لا تخلو من المحرمات؟
هي لا تنكر أن زوجها إنسان على خلق ويحبها وهي تحبه جدا ولكن تخشي الفتنة في دينها وتخشى على أولادها.
بماذا تنصحونها؟
أعتذر عن الإطالة وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المنتقبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.
نحن نشكر لك حرصك على إصلاح نفسك وإصلاح زوجك، وكراهيتك للمنكرات وبغضك لها دليل إن شاء الله تعالى على حسن إيمانك، فإن بغض القلب للمنكر دليل على وجود الإيمان فيه، نسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحا، ولا شك أيتها الكريمة أن ما ختمت به الاستشارة من إخبارك عن حبك لزوجك وحبه لك أيضا حقيقة ثابتة مستقرة، فإن تعامل الزوج معك رغم ما وجده منك وكذلك حرصك أنت على إصلاحه وعلى إصلاح الأولاد دليل كاف على وجود هذه المحبة، نسأل الله تعالى أن يديمها ويثبتها.
ولا شك أن هذه المودة من أسباب ثبوتها واستمرارها الحرص على طاعة الله تعالى واجتناب معاصيه، فإن ما من قلبين متحابين إلا وأحدث الله بينهما من النفرة بقدر ما يفعلانه من المعصية.
فسلوكك أيتها الأخت سلوك صحيح وهو أنه لابد من النهي عن المنكر واجتناب المعصية، ولكن ينبغي أن يكون ذلك بالأسلوب الأرفق والطريقة الحسنى، لأن المقصود هو اجتناب الناس للمنكر، وزوجك أولى الناس بإحسانك ورفقك، والرفق قد أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه زين كل شيء، فقال: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه).
فنصيحتنا لك أيتها الأخت الكريمة أن تستمري فيما أنت فيه من نصح وتذكير لزوجك بالأسلوب الأرفق، وهناك وسائل ينبغي أن تستعيني بها ليتسنى ويسهل على زوجك كثيرا بإذن الله تعالى الإقلاع عن هذه العادة، وهذا كله على فرض أنه يشاهد مناظر يحرم عليه مشاهدتها كالنظر إلى عورات الرجال أو النظر إلى صور النساء ونحو ذلك، فإن كان يتعاطى شيء من ذلك فينبغي أن تهتمي بأمور، أول هذه الأمور:
1) الاهتمام بتقوية الإيمان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الإيمان قيد الفتك) أي أن الإيمان هو الذي يحجز الإنسان على الوقوع في المعصية، فتقوية الإيمان سبب أكيد في اجتناب المعاصي والآثام، وهذه التقوية تحتاج إلى الاستزادة من أعمال الإيمان كالمحافظة على الصلوات الخمس في جماعة في المسجد، فتشجعيه على أن يحضر جماعة المسجد، الإكثار من ذكر الله تعالى، ولو بالمداومة على أذكار الصباح وأذكار المساء، فتذكرينه في البيت إذا نسي، ونحو ذلك من الأعمال التي من شأنها أن تقوي من إيمان الإنسان، فإذا قوي الإيمان وصح صلح بعد ذلك سائر الأعمال.
2) الوسيلة الثانية: الاستيعاض عن الشيء المحرم بالشيء المباح، فإن الله تعالى لم يحرم شيئا مما يهواه الإنسان إلا وأحل له ما يكفيه ويغنيه عن ذلك الحرام، فبإمكانك أن تقترحي على زوجك مشاهدة بعض الأفلام النافعة والتمثيلات النافعة التي فيها منفعة تاريخية منفعة دينية ونحو ذلك، ففي هذا إن شاء الله ما يسد بعض الحاجة والميول إلى المطالعة والمشاهدة.
3) الوسيلة الثالثة: الاهتمام بالرفقة والصحبة الذين يجالسهم، فينبغي أن يشجع على التعرف على الناس الطيبين الصالحين، وينبغي أن تنشئوا زيارات عائلية وصداقات عائلية مع الأسر الملتزمة حتى يتعرف على الرجال الصالحين، فيكثر من مجالستهم، فإن الصاحب ساحب كما يقول الحكماء.
ومهما كان أيتها الأخت سواء استجاب لهذه الوسائل أو لم يستجب فإن هذا الأمر الذي هو مقيم عليه لا يستدعي كل ما وصل إليه الحال من التفكير في الطلاق وتفريق الأسرة، فإن طبيعة الإنسان الوقوع في المعصية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد إلا وله ذنب يعاوده الفينة بعد الفينة) فينبغي تقدير هذه الأمور وهذه الأشياء في مواقعها وأن لا يصل الإنكار على الزوج إلى حد الخصام والشقاق وربما وصل إلى ضرب الأيدي كما ذكرت، هذا كله ثمرة ونتيجة لعدم إحسان الأسلوب الذي ينكر به على الزوج، والصبر على الإنسان العاصي مع دوام مناصحته خير من هجره وتركه.
نسأل الله تعالى أن يصلح زوجك وأن يقر عينك بصلاحه وصلاح أولادك.
ومن الله التوفيق والسداد.