السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا متزوجة من 11سنة، ولي 4 أولاد، وأحس دائما أني مكسورة من الداخل! قبل زواجي كنت أحب شابا، وتقدم لأهلي ليتزوجني، ولكن أهلي رفضوه، أنا كنت أحبه أكثر من أي شيء في هذه الحياة.
المهم بسبب الضغط الذي كنت أعاني منه عند أهلي ويقيني أنهم لن يوافقوا على زواجي من الذي أحب، قررت أن أبدا من جديد، وأوافق على أول عريس، وهذا الذي حصل، تزوجت من شاب يكبرني ب13 سنة.
في فترة الخطبة حاولت أن أعرفه وأتعود عليه، وكنت صادقة معه حتى في ليلة الزواج أخبرته بكل قصتي، أخبرني أنه يحبني، وسيبقى متمسكا بي.
لكن من بداية زواجنا أواجه مع زوجي مشاكل نفسيه كثيرة، لا أسمع منه كلاما رقيقا، مع أني طلبت منه سماعه، ولكنه يستهزئ بهذه المشاعر.
أيضا يحاول أن يفرض علي كل شيء: هذا ممنوع، وهذا ممنوع، كل شيء بحساب، حتى إنه يناديني بأي شيء غير اسمي!
أتمنى سماع اسمي منه، وأقول له إني أحب ذلك، ولكنه يبقى مصرا على تجاهلي، أنا دائما أتشاجر معه، يبقى يقول لي إني هشة وسهلة الانكسار، وإني مريضة نفسيا، وغيورة، يعتبرني غيورة لأني أرفض الاختلاط غير المبرر، والذي يبيحه أهله بشكل كبير، تمر علينا ساعات طويلة وهو يسبني فأسبه، ومن كثرة التكرار كان يستيقظ أياما كأن شيئا لم يكن، وأياما وهو يتوعدني بأني الإنسانة الهشة التي اقترب وقت عقابها المجهول.
عندما يحتاجني لنفسه يبدأ بالوعود المزيفة التي لا يصدق بها، وأكثر شيء يتعبني فيه الازدواجية التي تسيطر عليه، فهو لا يمتلك رأيا واحدا بأي موضوع، كل يوم برأي، ويتأثر بأفكار كل من حوله، ويطبقها علي دون أن يشعر.
أحس أني مشتتة كثيرا، أفكر بالمستقبل معه دائما بشكل سلبي، لا أثق به أبدا، لأنه مع أهله يطبق كل الأمور الخاطئة، بغض النظر عن الحلال والحرام، أو إن كنت راضية.
أخر شيء يفكر فيه أني إن بكيت يضحك ويسخر، وإن غضبت يسب ويشتم، أصبحت غير واثقة بنفسي، أحس أن الغد الذي يفرضه علي زوجي مخيف، لا أستطيع أن أهتم بأولادي، وإذا اجتمعت بالناس أو الأقارب أصمت كثيرا، لأني لا أستطيع أن أصوغ الكلمات، وإن تكلمت يتعثر لساني كثيرا.
الأشياء التي بداخلي والخوف والحزن والانكسار أكبر بكثير من أن أعبر عنه بالكتابة، أتمنى أن أجد من يشبك معي من المختصين بالطب النفسي، لأتكلم عن وضعي أكثر.
أرجو مساعدتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.
الخلافات التي بينك وبين زوجك أعتقد أنها قد بدأت من الليلة الأولى، حيث أنك ذكرت له علاقتك السابقة، كنت تنطلقين من حيث النية، ولتكوني كتابا مفتوحا أمامه يثق في كل حياتك، هو بالطبع قدر لك هذا الموقف في لحظته، لكن الرجال لا ينسون، ومثل هذا الكلام يجعله الرجل منطلقا لإضعاف المرأة، حتى إذا لم ير ذلك ضروريا.
لا أريد أن أبني صورة مشوهة عن زوجك أمامك، بل على العكس تماما منهجي هو أن تنظري إلى الجوانب الإيجابية فيه؛ لأن التركيز على كل السلبيات وعلى تضخيمها، والنظر إليها بصورة انفعالية تجعل الأمور أمامك أكثر تعقيدا، وأكثر ضيقا، ويتحول عدم الاستقرار النفسي الذي تعانين منه إلى نوع من الحذر والكآبة.
خلاصة الأمر أنه يوجد بينكما زواج، هذا الزواج من نعم الله عليكما أنه الآن لديكم أربعة من الأولاد، والزواج مستمر، وإن كان بصورة غير مرضية بالنسبة لك، المطلوب في مثل هذه المواقف والأوقات واللحظات هو إعادة تقييم الأمور بفكر جديد وبصيرة جديدة ورؤية جديدة.
الزواج دعائمه معروفة، وركائزه الإيجابية لا تقوم إلا بسعي الزوجين، والزواج يكون في سنته الأولى من أجل التعارف الحقيقي بين الزوجين، وسنته الثانية يكون للتفاهم، وبعد ذلك يبدأ التعاضد والتكافل بين الزوجين، والتعاضد والتكافل يتطلب المسامحة، يتطلب إيجاد العذر للطرف الآخر، حين يرتكب خطأ في نظر الطرف الأول وهكذا.
هكذا يجب أن تكون الأسس التي تنطلقي منها للتعامل مع زوجك.
الخوف من المستقبل لا يفيد في مثل هذه الحالات، وأنا أرى أن زوجك لديه أسس جيدة جدا، فقط أرجو أن تتسامحي مع زوجك، وأرجو أن تتحملي شيئا من الأذى، وأرجو أن تعملي على تصحيح مساره فيما لا يرضيك.
مثلا موضوع الاختلاط ، جزاك الله خيرا أنت تريدين أن تطبقي قيمة إسلامية، وقيمة عظيمة جدا، وزوجك ربما يكون الأمر بالنسبة لديه يأخذه بتساهل شديد، فهذا الموضوع أنت معك الحق، وصاحب الحق لا بد أن ينتصر، وفي نهاية الأمر الحق أبلج.
تكلمي مع زوجك في لحظات يكون فيها مسترخيا ومستدركا لما تقولينه، واعرضي عليه الأمر بلغة طيبة ولطيفة ورزينة، وعلى الأقل قولي له أرجو أن تسمح لي، لأني لا أفضل مثل هذه الاختلاطات، ولا أعتقد أنه سوف يرفض ذلك، حتى وإن أظهر رفضها في بداية الأمر لكنه في داخل نفسه سوف يراجع نفسه، لأن الحق كما ذكرت لك لا بد أن يسود.
كل الأفكار السلبية عن زوجك أرجو أن تجدي لها تفسيرا إيجابيا، المعلومات والأفكار حول الزواج يمكن أن تتبدل، ويمكن أن تعطى تفسيرات أخرى، ويمكن أن تعطى معاني أخرى، وما ننظر إليه كأمر سلبي وسخيف قد نجد له مدخلا ومخرجا، ننظر من خلاله إلى معنى جديد، وإلى معنى إيجابي.
الصعوبات مع الأزواج يتم التعامل معه على أسس ثلاثة، ما اتفقتم فيه يجب أن تسعي أنت إلى تثبيته وتقويته، وما اختلفتم فيه يجب أن تتجاهليه، والأمور التي تكون أنت صاحبة المبادرات سلبية فيها لا بد أن تصححيها.
هذه هي المبادئ الرئيسية للزواج أيتها الفاضلة الكريمة، فانظري نظرة جديدة، وحاولي أن تبني الأشياء الطيبة في زوجك على الأقل في نظرك، والفكر السلبي المشوه لا تدعي له مجالا ليسيطر عليك.
اقتربي من زوجك وأولادك، وفي أمور بيتك كوني مفعمة بالأمل والرجاء، ولا تخافي نحو المستقبل أبدا.
أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.