أدعي الرفاهية كذبا مجاراة لصديقاتي، فكيف أتخلص من هذه الصفة؟

0 569

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة قروية، أي أن عائلتي متمسكة بأعراف القرية وهذا لا يزعجني، لكن الذي يزعجني أن والدي يبتكر أعراف من عنده، ويطلب مني أن أنفذها، لا أعلم كيف أوصل ما عندي لكن حين يراني ألبس لبس ما يسمى بال بنجابي يقول أن هذا ليس من أعرفنا ويضربني ضربا مبرحا، لكن هذا ليس مدونا في الأعراف التي أعلمها، وهنالك شيء آخر: لدي صديقات لكن هن يعشن حياة الرفاهية، بينما أنا لا أعلم شيئا عنها، وأضطر إلى الكذب، ليس الكلام من عقلي لكن مما أسمعه من بنات عمي وخالاتي ومن الناس من حولي، وعندما أريد التخلص من هذه الصفة لم أستطع ماذا أفعل؟ أرجو مساعدتي وشكرا

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أحلام بنفسجية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه لسيرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم أنا سعيد حقا بتواصلك معنا، فرغم أنك كما تقولين بأنك فتاة قروية مسكينة إلا أنك إنسانة رائعة ومتميزة، فالتي تدخل إلى هذه المواقع الإسلامية وتبحث عن حل لمشكلتها من وجهة نظر الشرع وتريد معرفة حكم الله تعالى، هذه فتاة متميزة ورائعة وعظيمة، ولذلك أنا أحي فيك هذا التميز، وأرى أنك على خير كثير، وأنك قد من الله تبارك وتعالى عليك بقدر كبير من الوعي والإدراك والشعور بالمسئولية، ومثلك لا ينبغي أن يخاف على نفسه بإذن الله تعالى من تلك التصرفات الطفولية التي تراها حولها من صديقاتها، لأنك ولله الحمد على قدر من الوعي والفهم، ولا أدل على ذلك من بحثك في الإنترنت على المواقع الإسلامية النظيفة لكي تستقي منها الإجابة على ما يدور في عقلك وما يقع أمامك من صديقاتك وغيرهن، فهذه أمور أسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق، وأن يجعلك دائما من الباحثات عن الحق في شرع الله تبارك وتعالى، وأن يحفظك من التأثر حقيقة بالتيارات الجارفة التي تركز بصورة قوية وشديدة وعنيفة على الفتيات لإفسادهن وإبعادهن عن منهج الله تعالى وعن خلق الإسلام العظيم.

تقولين في رسالتك بأنك فتاة قروية، أي أن عائلتك متمسكة بأعراف القرية، وهذا
أمر كما ذكرت ليس فيه إزعاج ولكن الذي يزعجك إنما هو والدك الذي يبتكر أعرافا من عنده ويطلب منكم تنفيذها؟

أقول لك أختي الكريمة الفاضلة: إنه مما لا شك فيه أنه كلما كان الإنسان أطول عمرا كلما كان أكثر خبرة ومعرفة، وأنا لا أستطيع أن أتهم والدك بأنه رجل يخترع أشياء من عند نفسه لمجرد أنك تقولين هذا وإن كنت أنا معك، ولكن قطعا له وجهة نظر، فأنا أتمنى أن تتوفر لديك الجرأة لتسألينه عن هذه الأشياء التي يأتي بها، أنت الآن في الخامسة عشر عاما من عمرك نعم، وقد تكوني صغيرة، ولكن في نفس الوقت تتمتعين بعقل كبير، وأعتقد أن لديك فرصة لأن تتكلمي مع والدك دون أن ينكر عليك إنكارا شديدا، لأنه سينظر إليك على أنك مازلت صغيرة، وبالتالي لو قدر الله تبارك وتعالى وأراد والدك أن يعاقبك فلن يكون شديدا عليك لأنك مازلت صغيرة، فأقول: لديك فرصة عظيمة الآن لكي تسألينه بحرية، لماذا هذه الأشياء التي نفعلها؟ وما هي الدوافع؟ وهل هذا الكلام حق أو باطل؟ وحاولي أن تديري حوارا هادئا مع والدك ملؤه المحبة والتقدير والاحترام، حتى يشعر والدك بأنك لا ترفضين كلامه أو تفرضين رأيك عليه، وإنما فقط تريدين أن تستفسري، وهذا ما أريد أن أركز عليه ضرورة، أن يشعر والدك بأنك فقط ما أردت إلا معرفة الصواب والحق، وليس مسألة التصويب أو التخطيئ لتصرفاته.
فهذه مسألة حلها سهل - ابنتي الكريمة أحلام - لأن بالحوار من الممكن أن نصل إلى الحقائق بدون أي مشاكل بإذن الله تعالى، حتى وإن كان الطرف الآخر لا يؤمن بالحوار بصورة مطلقة، ولكنه سيجد نفسه مضطرا أن يجيب على الأسئلة التي توجه إليه.

فإذن أرى بارك الله فيك أن تسألي الوالد عن هذه الأشياء خاصة تلك الأشياء الغريبة التي ذكرتها، وليست أيضا متواجدة في داخل القرية التي تعيشين فيها، وأنا أسف جدا لأن والدك يضربك ضربا شديدا لمجرد أنك تقولين أن هذه ليست من أعرافنا، فهذا أيضا فيه نوع من التجاوز، وكم أتمنى أيضا أن توجه رسالة للوالد بأن هذا أسلوب ليس أسلوبا تربويا ولا أسلوبا إسلاميا ولا أسلوبا راقيا، ولا ينبغي علينا أبدا أن نصادر الآراء بحجة أننا لا نجد جوابا نقدمه لمن يوجه السؤال إلينا، وإنما لابد أولا أن نوجد الجواب حتى وإن كان الجواب نوعا من الإلزام أو الحتمي، المهم أن لا نستعمل الضرب في غير محله.

أما عن صديقاتك اللاتي يعشن حياة الرفاهية وأنت لا تعلمين شيئا عنها، فأنا أقول: أولا أنت تعلمين أن الذي قسم الأرزاق هو الله، وأن الذي جعل والدك يقيم في القرية إنما هو الله، وأن الذي يجعل غيره يقيم في المدينة هو الله، وأن الذي جعلكم في جزيرة العرب هو الله، والذي جعل غيركم في أوروبا هو الله، فالذي قسم خريطة العالم هو الله، والذي وزع الخلق على خريطة العالم أيضا إنما هو الله، والذي جعل الغني غنيا هو الله، والذي جعل الفقير فقيرا هو الله، والذي جعل القوي قويا هو الله، والذي جعل الضعيف ضعيفا هو الله، فكل شيء من عند الله تعالى، وكل شيء من تدبير الله وإرادة الله عز وجل، ولكن ليس معنى هذا إلغاء إرادة البشرية، فإنما الله تبارك وتعالى قدر هذا في علمه وطلب منا أن نبحث عن الأنفع والأصلح وأن نجتهد في تطوير أنفسنا وتحسين مستوانا الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والعلمي والديني وغير ذلك، ولذلك قال لنا: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} فإذن السعي مطلوب والأخذ بالأسباب مطلوب لتغيير الواقع، إلا أن بعض الناس أحيانا يؤثر السلامة ويرضى بالواقع ولا يحاول أن يغير منه شيء، فقطعا لا يمكن أن يتغير حالنا ما دمنا لا نحرص على تغييره، وهذا ما قاله الله تبارك وتعالى بقوله: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

فأنا أقول: أتمنى ابنتي الكريمة أن تكوني صادقة في كلامك، وأن لا تحاولي مجاراة صديقاتك بحجة أنك لا تريدين أن تكوني أقل منهن، لأن الفقر ليس عيبا، والعيش في القرية ليس عيبا، وإنما العيب أن يكون الإنسان كذابا، والعيب أن يحاول الإنسان أن يكون منافقا، وأن يقول خلاف الحقيقة، والعيب أن لا يرضى الإنسان بقضاء الله وقدره، وأنت بهذه العقلية أنا واثق من أنك أفضل من كثيرات من اللواتي يعشن حياة الترف والرفاهية أو يعشن في المدن الكبيرة، لأن الله من عليك بعقل كبير راجح وبوعي متميز، ومن هنا فإني أقول لك: أتمنى أن لا تكذبي وأن تقولي الحقيقة ولا تستحي، لأن شخصيتك شخصية متزنة، وأتمنى أن لا تلقي بنفسك في بحور الكذب، لأن هذا سينكشف يوما ما ويصبح موقفك حرجا.
هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات