الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني المراهق يكذب وعدواني، فكيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابني عمره 14 سنة، يحب الكذب كثيرًا، وقد أصبح له عادة، وهو انطوائي إلا مع رفاق السوء، وعدواني بمدرسته ومع رفاقه، وعنده حب السرقة بدافع الانتقام، هو يعاني من مشاكل نفسية، بسبب وضعنا المادي والاجتماعي، فوالده تركنا عندما كان عمره 7 سنوات، وكان والده إنساناً عدوانياً معه، حتى إنه ذات مرة كاد أن يقتله، عندما كان عمره 7 سنوات.

ظروفي لا تسمح لي أن أعرضه على أطباء نفسيين، لكنه حنون جدًا، فكثيرًا ما أبكي أمامه بسبب تصرفاته؛ لأني حساسة جدَا، هو يتأثر لكنه يكرر نفس الأخطاء، من سرقة، وكذب، وضرب لأخيه الصغير، أو لرفاقه بالمدرسة، لقد عجزت معه.

أحتاج لمن يساعدني؛ لأتخطى هذه المشكلة، أرجو الرد بأسرع وقت، وجزاكم الله خيرَا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رزان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك ولابنك الصحة والعافية.

أولًا: العمر الذي عليه الابن، لا شك أنه في فترة المراهقة، ومعروف أن هناك العديد من السلوكيات واضطرابات سوء المسلك تظهر نتيجة لعوامل عديدة، منها الجسمية، والنفسية، والاجتماعية، ونتمنّى أن تكون هذه السلوكيات مؤقتة، وتزول بتخطي هذه المرحلة.

ثانيًا: ابتعاد الأب عن الابن فترة طويلة، يعتبر غياب القدوة، وعدم وجود نموذج يقتدي به الابن كرجل، وهذا لا يعني أنك مقصّرة في التربية كأُمّ، ولكن العملية التربوية -كما تعلمين- تمثّل تكامل أدوار يلعبها كلٌ من الوالدين؛ فهذا ربما ساعد الابن على ظهور سلوك الكذب والسرقة والعدوانية، إمَّا لتعويض حاجات لم يتم إشباعها في فترة الطفولة، أو لإثبات الذات دون الوعي بمخاطر السلوك الذي يسلكه.

والعلاج يكمن في معرفة الدوافع التي أدت -أو دفعت- الابن إلى هذه السلوكيات، والتي ذكرت منها الانتقام، فلا بد أن نتساءل: لماذا يكذب؟ هل بدافع الانتقام فقط؟ أم هناك خوف من العقاب؟ أم لأن الأمر بسبب البحث عن اقتناء شيءٍ معيّن فقده؟ أم أن الكذب يجلب له شيئاً من الاهتمام والتقدير من قِبل الآخرين؟

فإذا عُرف الدافع يمكن العمل على إشباع هذا الدافع بالطرق الموضوعية والعقلانية، ويُكافأ الابن إذا صدق مكافأة مادية أو معنوية، حتى يثبت هذا السلوك عنده، ويصير عادة بديلة للكذب.

وكذلك الأمر بالنسبة للسرقة، لا بد من معرفة دوافع السرقة، لماذا يسرق؟ وما هي الأشياء التي يجب اقتناؤها من مأكل، أو ملبس، أو مشرب، أو ألعاب، وغير ذلك، ومحاولة سدّ الحاجة إليها، أو تأجيلها، أو إيجاد بدائل لها، وإقناعه بها.

ويمكن أن يُعلّم طريقة تأجيل إشباع الحاجات، مثلًا: نقول له: "إذا صبرت إلى غدٍ، أو إلى يومِ كذا، أو إلى نهاية الأسبوع ستحصل على مكافأة أكبر أو أكثر"، ونفي بوعدنا له، لكي يعلم أن الصبر يُحقق له مكاسب أكثر.

وبالنسبة لضرب أخيه: محاولة مكافأته إذا لم يضرب أخاه خلال اليوم، وعقابه إذا فعل ذلك بعدم التحدُّث معه أو مقاطعته ليومٍ كاملٍ؛ فهذا ربما يردعه، أو يجعله يشعر أن هذا السلوك مرفوض من قِبل جميع أفراد الأسرة.

وأخيرًا: نقول لك: عليك بالدعاء له بالهداية، وحثّه على الالتزام بالصلاة، ومحاولة تغيير جماعة الرِّفاق، أو هؤلاء الصُّحبة السيئة؛ لأنهم يلعبون دورًا كبيرًا في تغيير سلوكه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً