أصبت بحالة نفسية بسبب أمي

0 568

السؤال

السلام عليكم

أعيش مع أسرتي, وللأسف والدتي تتناول مهدئات منذ 30 عاما, وأصبحت مدمنة عليها, تعاني من أرق واضطرابات نفسية, أصبحت تشك في كل شيء, ولم تعد قادرة على السيطرة على الأمور من حولها أو الحكم العقلي المتزن, تشك في كل شيء, تهرب من كل من حولها, مشاكلها مع كل من حولها, تؤنب الجميع, وهذا أثر علي جدا؛ لأن الكل تخلى عنها, وبقيت معها وحدي: أساعدها, وأقف إلى جانبها, ولكنني –للأسف- أصبحت أواجه ضغوطات كبيرة بسببها, أصبحت أتحمل المسؤولية أكبر من طاقتي, وأواجه اتهاماتها وشكها وظنونها وإهاناتها بلا سبب, فأصبحت أعاني من حالة نفسية سيئة بلا سند ولا معين سوى الله عز وجل, أواجه الحياة وحدي؛ لأن والدي مشغول طول الوقت, أنكرت ذاتي, وتجاهلت كل متع الحياة العادية, واجهت صدمات متتالية وشكوكا وظنونا واتهامات بلا سبب أبدا.

أصبحت أبكي بلا سبب, أفكر سلبا في كل شيء, رغم أنني خارج البيت أكون لحد كبير إيجابية, وفي البيت أنسى كل الإيجابية, أصبحت أصاب عند حدوث مشكلة بتشنجات, ومؤخرا أصبت بانهيار عصبي, وأصبت بحالة بكاء هستيرية بسبب موقف مع أمي التي تتهجم علي دائما, وليست المرة الأولى التي أصبت فيها بهذا البكاء الهستيري, زرت طبيبا نفسيا وأعطاني ((zosert -Sertraline Hydrocloride هل أبدأ تجربة مع المهدئات, وأكون ضحية أخرى للمهدئات؟ وهل هذا المهدئ آمن أم أن هناك مهدئات أكثر أمانا؟

وكيف أعمل عندما تواجهني ضغوطات من أمي, وأصاب بتشنجات وانهيار؟ لم أعد قادرة على التحمل أبدا, مع العلم أنني حاولت مرارا أن أقنعها أن تبتعد عن المهدئات, وأخذتها لأكثر من طبيب نفسي لعلاجها, ولم تقتنع أبدا.

وجزاكم ربي فردوسه الأعلى آمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أولا أنا أريد حقيقة أن أشكرك كثيرا, وأهنئك على اهتمامك بأمر والدتك، هذا أمر مهم جدا، وأنا حقيقة أريدك أن تواصلي هذه الرحلة، أي رحلة العناية بوالدتك, والاهتمام بشأنها, وحالة الشكوك والظنان التي تعاني منها كجزء من حالتها النفسية يمكن علاجها أيتها الفاضلة الكريمة.

أنت ذكرت أن الوالدة تتناول أدوية منذ ثلاثين عاما، هذه مدة طويلة جدا, والتقدم الذي حدث في الطب النفسي في خلال السنوات الأخيرة هو تقدم هائل جدا خاصة في مجال الأدوية، فأعتقد أن حالة والدتك من ناحية التشخيص وكذلك الأدوية تحتاج لمراجعة، وأنت جديرة حقيقة بأن تقنعيها، وذلك بشيء من اللطف, وإبداء المودة نحوها, وإشعارها بكينونتها، أعتقد أنك يمكن أن تقنعيها للذهاب ومراجعة الطبيب.

ما دام لديها ظنون وأفكار اضطهادية فهي في حاجة إلى العلاج، لكن قطعا الأدوية التي كانت تتناولها قبل ثلاثين عاما ليست مثل أدوية اليوم، أدوية اليوم أكثر فعالية وأكثر سلامة، والجرعات مختصرة جدا، فالإنسان يمكن أن يظل على حبة واحدة أو حبتين وتكون نتائج العلاج رائعة جدا.

أنا أرى أنك إذا أقدمت على هذه الخطوة, وأقنعت والدتك بضرورة مراجعة الطبيب سوف تحسين بالرضا، وكثير من أعراضك التي تعانين منها سوف تنتهي تماما.

فإذن يجب أن تسعي هذا المسعى، ولا تيأسي أبدا، ولا تكلي, ولا تملي، حاولي معها، حاولي مرات ومرات، وإن شاء الله تعالى في نهاية الأمر سوف تنجحين في إقناعها بالذهاب للطبيب وللعلاج.

كنت أتمنى أن أعرف الأدوية التي تتناولها الوالدة الآن، لأنني قد أستطيع أن أوجه في هذا الخصوص، خاصة أنه توجد أدوية كما ذكرت لك فعالة جدا، مثلا عقار (رزبريادون) وهو متوفر في اليمن، هذا دواء فعال جدا لعلاج اضطرابات الظنان والأفكار الاضطهادية التي تعاني منها والدتك، وهذا الدواء يبدأ بجرعة اثنين مليجرام، ثم ترفع الجرعة إلى أربعة مليجرام في اليوم، ثم إلى ستة مليجرام في اليوم، وهذه كافية جدا، أي دواء واحد يمكن أن يساعد والدتك.

هذا فتح كبير ورحمة من الله تعالى، فلا تيأسي, ولا تقنطي, ولا تضعي على نفسك أي نوع من الضغوط، على العكس تماما، أنت تقومين بفعل ممتاز وفعل عظيم، يجب أن تحسي من خلاله بالرضا التام كما ذكرت لك.

بالنسبة لحالات الأعصاب والتوترات والقلق والانفعالات الهستيرية التي أصابتك أعتقد أن هذا كرد فعل للأفكار السلبية التي سيطرت عليك، خاصة فيما يخص موضوع الوالدة، فأرجو مخلصا أن تأخذي بتوجيهي السابق, وتحسي حقيقة أنك تقومين بعمل إيجابي, وهذا في حد ذاته نوع من العلاج النفسي.

بالنسبة لعقار (سيرترالين) الذي وصفه لك الطبيب هو دواء ممتاز، محسن للمزاج، يزيل القلق والتوتر والمخاوف والوساوس، وأنا أقول لك إنه ليس من المهدئات، هو من الأدوية المعالجة، حين نتحدث عن المهدئات نتحدث عن الأدوية الإدمانية مثل مجموعة الأدوية التي تعرف بالبنزوديزبين، وهذا الدواء لا علاقة له بذلك أبدا.

فابدئي في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - تناوليها يوميا، وبعد عشرة أيام ارفعيها إلى حبة كاملة، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناولها، كل ما تحتاجينه من هذا الدواء هي هذه الجرعة، وليس أكثر من ذلك.

مواجهة الضغوطات التي تواجهك، كما ذكرت لك هي أن تشعري بأنك لا تقومين بعمل سلبي، إنما تقومين بفعل إيجابي جدا، وعليك المثابرة, وعليك الصبر، وأنت والحمد لله ناضجة, وتستطيعين أن تساعدي والدتك، فليس هنالك حقيقة ما يجعلك تحسين بهذه الانهيارات النفسية.

لابد أن تشعري بقيمة عملك، ولابد أن تعرفي أن ما تقومين به هو فعل إيجابي جدا, وكما ذكرت لك أن الفتوحات الطبية التي حدثت في السنوات الأخيرة يسرت كثيرا أمر علاج مثل هذه الحالات.

أنصحك أن تديري وقتك بصورة صحيحة، وأن تحرصي على تلاوة القرآن, والصلاة في وقتها، وتواصلي اجتماعيا مع الصالحات من النساء، واشغلي نفسك في أعمال البيت، لا تدعي للفراغ مجالا، وأنا على ثقة تامة إن شاء الله تعالى أن ما بك سوف يزول، واجتهدي في أمر والدتك، وأسأل الله تعالى أن يثيبك على برك هذا بها.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات