السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من عشرة أشهر مررت بحالة صحية لم يبق دكتور لم أذهب إليه, وكل أموري سليمة, وهذه الحالة هي: دوخة شديدة, تعب مستمر, وكأني منحطة الجسد تماما, أرق, وعدم نوم, وفجأة وبدون أي إنذار تنتابني رعشة بكل جسدي, وخفقان شديد بقلبي, هذه الأعراض كانت تأتيني من زمن بعيد, ولكن على فترات متباعدة, وفقط عندما أتعب تعبا شديدا, تعالجت منها بـ(انديرال)
و(سلبيريد50) 3 مرات باليوم, وعند الضرورة نصف حبة (لكسوتان), تحسنت جدا، إلا أنه بين الفينة والأخرى يأتيني عرض واحد من هذه الأعراض,
هو أني لا أتحمل أن أبقى بدون طعام, أخاف أن تأتيني الدوخة السابقة, وربما هذه صارت نفسية, أخاف أن أبقى بدون طعام, أخاف من الرجفة, أحس أن جسمي قد حدث له شيء غير طبيعي, أحيانا وبدون أي شيء ينتابني أرق, وأحيانا كتمة, فألجأ لـ(أنديرال), ونادرا جدا إلى نصف حبة (لكسوتان).
علما أن حياتي كلها تمام, ولا شيء يعكر صفوها, سوى غربتي فقط, أنا ربة منزل, خريجة صيدلة, لدي طفلان, كل وقتي معهما, مواظبة على الأذكار, وتلاوة القرآن, وملء كل وقتي بما هو مفيد وقيم, وأصدقك القول طبيعة نفسي قلقة بدون أي شيء, من صغري وأنا معروفة بهذه النفسية.
ما هو العلاج السلوكي من هذه الأمور؟ لأن القلق وإن أخذت دواءه للفترة المعروفة, سيعود لي في حال تركته؛ لأن القلق مجبول في, ولكني لا أريد أن أستسلم له, وخاصة أن الأمراض النفسية متأصلة في عائلتنا.
أنتظر الحل السلوكي الشافي يا دكتور!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غالية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
القلق ربما يكون سمة من سمات الشخصية، وأعتقد أن لديك شيئا من ذلك، والإنسان حين تحمل شخصيته سمات القلق تجد انفعالاته, وتفاعلاته مع بيئته, تحكمها الحساسية المرتبطة بشخصيته.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنا لا أريدك أبدا أن تتخذي مواقف سلبية من الأدوية، أعرف أنك صيدلانية، وأنت الحمد لله خبيرة, وملمة تماما بفعالية الأدوية, وكذلك آثارها الجانبية، لكن لا تتخذي موقفا مضادا من الأدوية، على الأقل كوني محايدة في هذا السياق، لأن الأدوية كثيرا ما تكون نافعة في مثل هذه الحالات.
أما العلاج السلوكي فهو واضح وجيد بنفس المستوى، ويتمثل في الآتي:
أولا: افهمي أنك قلقة بطبيعتك، وأن القلق هو طاقة نفسية إيجابية، وأن القلق يمكن أن يستثمر استثمارا صحيحا، وأنت تسيرين على هذا الطريق، فأنت والحمد لله لديك قدرة واضحة على إدارة الوقت، وأنت حريصة على الأذكار, وعلى تلاوة القرآن، وهذا كله مفيد.
ثانيا: انزعي من تفكيرك تماما أنك مريضة، فأنت لست مريضة، هذه مجرد طاقات نفسية إذا وجهت الاتجاه الصحيح إن شاء الله تعالى سوف تكون مفيدة، وأود أن ألفت نظرك لأمر مهم، أن النجاحات التي حققتها في حياتك إن شاء الله تعالى القلق كان هو الطاقة الدافعة نحو ذلك.
ثالثا: تمارين الاسترخاء ذات فائدة كبيرة جدا لعلاج الاستعداد للقلق، فكوني حريصة عليها، وأنا أفضل أن تذهبي إلى أخصائية نفسية لتقوم بتدريبك على هذه التمارين، وليس طبيبة نفسية، وإن صعب ذلك فيمكنك بالطبع أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، وهنالك طريقة تعرف بطريقة جاكبسون مفيدة جدا، وهنالك أيضا كتيبات وأشرطة كثيرة جدا تفيد في هذا السياق.
رابعا: ممارسة الرياضة، أي نوع من الرياضة التي تجدينها ممكنة, ومفيدة, سوف تجدين فيها خيرا كثيرا إن شاء الله تعالى.
خامسا: بالنسبة للنوم, والأرق, وهذه الأشياء، من الضروري جدا أن تتجنبي النوم النهاري بقدر المستطاع، وأنت ما دمت مجيدة لإدارة وقتك فهذا من وجهة نظري سوف يكون أمرا سهلا بالنسبة لك, أيضا التفكير الإيجابي، فأنت والحمد لله صاحبة نعم, ولديك أمور كثيرة جدا إيجابية في حياتك، فلا تتركي ما هو سلبي يؤثر عليك.
سادسا: الانخراط في الأنشطة الاجتماعية, والثقافية, وأعمال الخير، هذه توجه الطاقات النفسية توجها إيجابيا مفيدا.
هنالك نقطة أخيرة أود أن أذكرها وإن كان حولها خلاف، لكنها ربما تكون مفيدة، وهي: إن الإنسان حين يقلق حول شيء معين يمكنه أن يتصور أسوأ ما يمكن أن يحدث، هذه ليست دعوة للتشاؤم أو الطيرة، لكن وجد أن الإنسان القلق إذا قلق حول موضوع معين, وسيطر عليه الفكر التشاؤمي, يمكن أن يتصور أن الذي سوف يحدث له هو أسوأ ما يمكن أن يحدث في مثل هذه المواقف, هذا وجد نفسيا أنه يحضر الإنسان بصورة إيجابية جدا, ويجعله أكثر تحفزا، ومن ثم يستطيع أن يتخلص من جنوح القلق الذي سيطر عليه, ويجد أن تفكيره لم يكن صحيحا, وأن الأمور هي أفضل وأحسن مما كان يتصور, هذه أيضا وسيلة علاجية.
أقول لك أختي الكريمة: لا تقلقي، وكوني إيجابية، وبالنسبة للأدوية: حقيقة أذكر لك مرة أخرى، إذا كانت هنالك حاجة لتناولها من وقت لآخر، فليس هنالك ما يمنع ذلك، لكن لا تتناولي (اللوكستونين)، فهو ربما يؤدي إلى شيء من التعود أو الإدمان, هنالك بدائل بسيطة جميلة, طيبة, غير إدمانية, مثل (الفلوبنتكسول), أو مضادات الاكتئاب الأخرى, خاصة القديمة منها مثل (التفرانيل) فهي جيدة جدا, ومفيدة حتى ولو تناولها الإنسان لفترات قصيرة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
كما ننصحك بمراجعة هذه الاستشارات التي تتحدث عن العلاج السلوكي للقلق( 261371 - 264992 - 265121 ).
وبالله التوفيق.