السؤال
لا أعلم كيف أبدأ لكن يعلم الله أني بحاجة لمشورتكم الله يجزاكم خيرا، أنا متزوجة من تسعة شهور تقريبا، وأنا مطلقة سابقا، وتزوجت برجل مطلق لخمس نساء لكل واحدة منهن أولاد منه، وكان يذكر أسبابا لطلاقه منهن، وبعد الزواج تغير وأصبح عصبيا كثير المشاكل، واكتشفت أنه يخونني مع امرأة بالجوال، وكل مشكلة يقول لي روحي بيت أهلك ويتم الطلاق، وأي شخص يثير أعصابه يقلب المشكلة علي أنا، ويعلم الله أني قائمة بواجباته كاملة ومتحملة أولاده، وأنا حامل ومهيئة له جو الراحة، لكن لا أعلم ماذا به هل هذا عادة فيه يحب التغيير أم أنه مرض، لا أعرف السبب كثير الغضب، ودائما يشتكي من الكل حتى من أهله وأولاده؟!
عمرة ستة وأربعون سنة، أفيدوني بالحل الله يجزاكم خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شموخ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يعينك على التأقلم معه، وأن يرزقه الحلم والأناة وسعة الصدر، وأن يوفقك لتحمله والصبر عليه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة-: مما يبدو من رسالتك أن زوجك غير طبيعي فعلا؛ لأن الذي يطلق خمس نسوة بهذه السهولة يدل على أنه فعلا فيه عيب، وهذه الأشياء التي ذكرتها في رسالتك تدل فعلا أنه ليس طبيعيا وليس سويا، وهذه التصرفات بالنسبة له طبيعية، والرجل كما تعلمين إذا تزوج امرأة ثانية أصبح من السهل عليه أن يتزوج الثالثة والرابعة، كذلك إذا طلق امرأة أصبح من السهل عليه كذلك أن يطلق الثانية والثالثة والرابعة، وهذا هو حال زوجك.
فأنت تحتاجين حقيقة -أختي الكريمة (شموخ)- إلى الصبر الجميل، وتجتهدين كما ذكرت الآن في القيام بواجباته كاملة، وتحاولين أن لا تكوني سببا في أي مشكلة صغيرة كانت أو كبيرة، وإذا كنت تريدين الحياة فعلا خاصة، وأنك حامل وتنتظرين مولودا، وهذا قطعا سيزيدك ارتباطا به، لأنك عندما تكونين غير حامل سيكون من السهل عليك أن تتركيه لأنك لا تحملين إلا هم نفسك، أما الآن فهذا المولود الجديد سيحتاج إلى أسرة مستقرة، ويحتاج إلى رعاية أبوية متكاملة، وأبناؤنا لا يفرضون علينا أن نتحمل كل شيء من أجلهم، والآن لا خيار أمامك حقيقة إلا المعاملة الحسنة والقيام بالواجبات ومواصلة الإحسان الذي أنت عليه، بل والتفنن في زيادته، مع الصبر الجميل، والدعاء، والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن ييسر الله أمرك وأن يصلح الله لك زوجك.
إذا كان بمقدورك أختي الكريمة أن تقومي بعمل رقية شرعية لزوجك أرى أن هذا حسن، فقد يكون الرجل محسودا وقد يكون ممسوسا، وقد يكون مسحورا، وهذه التصرفات تصدر عنه رغما عنه، وهذا ممكن، فإن السحر كما تعلمين يمكن أن يغير الحال إلى حال، بل يمكن أن يعطل التفكير، ويمكن أن يعطل بعض الأعضاء الأخرى وغير ذلك، فالسحر حقيقة كما تعلمين ولا يخفى عليك من كلام الله تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم وسنته وهديه.
فما المانع في ذلك إذا عرضت عليه أن يذهب إلى راق ليرقيه لعله يتحسن، إذا قبل ذلك أعتقد أن هذا نوع من العلاج، لعل وعسى أن يكون السبب وراء هذه التصرفات إنما هو ما يعانيه من هذه الأشياء التي أشرت إليها.
وإذا لم يوافق على ذلك فمن الممكن أن تأتي أنت بماء مقروء عليه الرقية الشرعية وتسقينه منه بين الحين والآخر دون أن يشعر، وأعتقد بذلك أنك سوف تحلين المشكلة، فإذا قبل أن يذهب إلى راق يكون هذا هو أفضل الحل، أما إذا أصر على أنه ليس به شيء وأنه طبيعي وأنك أنت كذا أو كذا أو كذا، فأقول من الممكن أن تحضري ماء مقروءا عليه من بعض الإخوة المشايخ الثقات ليشربه زوجك مثلا بدلا من الماء العادي، ومع تكرار الشرب إذا كان فيه شيء سوف يتم التخلص منه.
فهذه التصرفات الغير طبيعية سببها كما ذكرت طبيعته وتركيبته، والدليل على ذلك أنه طلق خمس نسوة من قبل، فأقول: ليس أمامك إلا الصبر الجميل، وليس أمامك حقيقة إلا الدعاء والتوجه إلى الله تعالى أن يصلح الله ما بينك وبينه، وأن يجعلك بردا وسلاما عليه، وأن يجعله بردا وسلاما عليك، وأن يكف أذاه عنك، وأن يجعلك حظية مرضية عنده.
والدعاء حقيقة أختي الكريمة (شموخ) ليس أمرا سهلا أو سلاحا هينا، وإنما هو سلاح دمر الله به حضارات وأباد به أمما وشعوبا، وحقق به إنجازات وإعجازات لا يمكن أبدا أن تتحقق إلا بالدعاء، فمهما كانت الظروف صعبة والرؤية غير واضحة والحياة قاتمة إلا أن الله على كل شيء قدير.
فأنا أوصيك بالدعاء والإلحاح على الله أن يصلح لك زوجك، وأن يصلح الله ما بينك وبينه، كما قال الله تعالى عن زكريا عليه السلام: {وأصلحنا له زوجه} هذا عاما، سواء كان زوجك مسحورا أو سواء كان بطبيعته عصبيا وكثير المشاكل، ومع ذلك أقول لا مانع أيضا من استعمال الرقية الشرعية أو الماء المقروء عليه، وفي جميع الأحوال أوصيك بالصبر الجميل وعدم التأثر بهذا الواقع، لأنك مررت بتجربة أعتقد أنها مازالت لها جراحاتها الخاصة في أعماق نفسك، وأنت الآن في تجربة جديدة مع رجل هذا حاله، وقطعا تعلمين بأنه من الممكن أن يطلقك أو يطلق غيرك؛ لأنه تعود ذلك واعتاد عليه.
فإذا أقول بارك الله فيك: اصبري الصبر الجميل، وتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء، واعلمي أن لهذا الجنين الذي في أحشائك الآن حق عليك كبير، وهو أن تصبري على أذى أبيه حتى يعيش في أسرة مستقرة بين أب وأم، حتى وإن كان هناك بعض الخلل، فإن هذا أهون بكثير من أن يعيش ولدك معك أنت وحدك، أو تتزوجي غير أبيه فيسومه سوء العذاب، وتندمين ندما شديدا لكن بعد فوات الأوان.
أوصيك كما ذكرت لك بالصبر والدعاء والاجتهاد في القيام بواجبات زوجك، وعدم التقصير في حقه، حتى وإن كان هو مقصرا أو سيئ السلوك معك.
هذا وبالله التوفيق.