السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أكتب إليكم من قلب محترق وحزين، لكنه مؤمن بقضاء الله وقدره، لا أدري من أين أبدأ لأنني أصبحت متخبطة لا أعرف الصح من الخطأ، أدعو الله ثم أدعو وأدعو لكن لا استجابة، أحاول أن أحب الناس وأتمنى الخير لهم أحيانا، وأحيانا أخرى أحس أن علي أن أحرق الدنيا بما فيها.
قصتي تتعلق بالزواج الذي بات مشكلة في هذه الأيام، وقدري أوقعني في أب أقل ما يقال عنه أنه ظالم، فقبل 3 سنين عقد قراني على شاب لم أقبل به زوجا، ولكن خوفي من أبي دفعني إلى القبول به، لكن عقد القران لم يدم أسبوعين إلا وكنت مطلقة من غير دخول، لكن مجتمعنا ظالم ظالم ظالم، وأبي أظلم من هذا المجتمع.
كلما تقدم لي شاب يضع فيه آلاف العلل ويقارنه بالشاب الذي تم فسخ عقدي منه، ولم يراع حاجتي للزواج، رغم أني قلت له بصريح العبارة: (أنا أريد أن أشبع حاجتي الجنسية) فلم يكترث لكلامي مع أني قاربت على 26عاما.
وأريد أن ألفت الانتباه هنا أن معظم من رفضهم لأسباب مادية، مع أني مستعدة أن أعيش على القلة في سبيل السكينة والطمأنينة التي أبحث عنها، خائفة أرجوكم ساعدوني، خائفة أن يفوتني قطار الزواج، وعندها لا أعرف ماذا سأفعل، خائفة لو عقدت قراني على شخص بغير رضاه أن يظلمني المجتمع ويظلم أخواتي الباقيات بسببي، أريد حلا فالعمر لا ينتظر.
والدي دائما حجته أن نصيبك أتى وأنت من ضيعه باستهتارك وغبائك (يقصد الشاب الذي فسخ عقدي معه) مع أن هذا الشاب لا يستحق كل هذا الاحترام، ودائما يقول لي أنت ليس لديك خطيئة في رقبتي إن منعتك من الزواج.
ماذا أفعل؟ ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ معذبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.
لا شك أنك أصبت أيتها الأخت في حرصك على الزواج واغتنام الفرص قبل كبر السن، ولكن كوني على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى لن يقدر لك إلا ما فيه الخير لك بإذنه تعالى، فإنه أرحم بك من نفسك، فأحسني الظن بالله تعالى، وأكثري من دعائه واستغفاره، واغتنمي أوقات رجاء القبول فيها كالثلث الأخير من الليل والدعاء بين الأذان والإقامة وبعد الصلوات، فأكثري من دعاء الله واستغفاره محسنة الظن بالله، ولن يخيب الله عز وجل ظنك، وكوني على اجتهاد دائم بتحسين علاقتك بالله بقدر الاستطاعة، فإن الإنسان يحرم كثيرا الأرزاق بسبب الذنب يصيبه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) مع الأخذ بالأسباب الممكنة من الأسباب الشرعية أيتها الكريمة، ومن ذلك أن تكثري من التعرف على النساء الصالحات والفتيات الطيبات، فإنهن بإذن الله تعالى خير عون في البحث عن الزوج المناسب الصالح، ومن ذلك أن تقنعي بعض من لهم كلمة مسموعة عند أبيك من أقاربك - كأعمامك أو أخوالك أو إخوانك أو نحوهم – في قبول من يتقدم لك من يصلح لك.
ما يقوله أبوك من أنه إذا منعك ليس في رقبته خطيئة؟ فهذا كلام غير صحيح، ومن ثم حاولي أن توصلي هذه النصيحة لأبيك ولو بطريق غير مباشر عن طريق بعض المحارم، أو إسماعه بعض المواعظ التي تذكر بحقوق الآخرين، ومن ذلك تحريم عضل النساء الذي ذكره الله عز وجل في كتابه الكريم بقوله: {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} ولعله أن ينتصح، فإذا رأيت أنه تقدم لخطبتك من يصلح لك زوجا ومع ذلك يصر الوالد على منعك من الزواج فإن من حقك أن ترفعي أمرك للقاضي الشرعي في المحكمة الشرعية ليلزمه إما بتزويجك وإما أن يتولى القاضي تزويجك بالنيابة عنه، فإن السلطان ولي من لا ولي له، وليس في هذا إساءة لسمعتك ولا لسمعة أسرتك، لا سيما إذا حصل من الوالد كل هذا التصلب.
وصيتنا لك أيتها الكريمة بأن تتقي الله تعالى بقدر الاستطاعة كما قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، فإن تقوى الله سبب جالب لكل خير، وأن تحسني الظن بالله تعالى، وأن تكثري من الدعاء بأن ييسر الله لك الأمور، مع نصيحتنا لك أيتها الكريمة بالأخذ بأسباب التعفف بقدر الاستطاعة، فصوني نظرك عن النظر إلى ما حرم الله، وصوني سمعك عن استماع المعازف وآلات اللهو التي تثير في النفس التطلع إلى الشهوة، وأكثري من الصيام بقدر الاستطاعة إن قدرت عليه، فإنه تحصين للنفس، كما أرشد إلى ذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان وييسر أمرك كله.