أعاني من سوء معاملة أمي لي وسبها وضربها لي، فما الحل؟

1 555

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 21 عاما، وسؤالي عن علاقتي بأمي، فهناك دائما مشاكل بيننا، رغم محاولتي أن أتقرب إليها، والمشكلة أنها دائمة السب لي بألفاظ سيئة للغاية، وتضربني لأتفه الأسباب ضربا مبرحا، وهذا مستمر منذ الصغر، وقد حدث خلاف بيننا آخر مرة فضربتني ضربا شديدا، وفي لحظة غضب صرخت عليها بألا تضربني، ولا تسبني، وتكلمت بكلام كثير بصوت عالي، وهي الآن لا تكلمني، وحاولت أن أصالحها، وأعتذر لها، ولكنها رفضت، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mai حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أهلا بك أختنا الفاضلة في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل سوء.

وبخصوص ما سألت عنه، فلا يخفاك أيتها الفاضلة مكانة الوالدين في الإسلام، تلك المكانة التي لا يحل شرعا المساس بها تحت أي ظرف أو ضغط، قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} والآيات معبرة واضحة دالة على عظيم فضلهما، فقد قرن الله عز وجل برهما بأعظم قضية في الوجود: قضية التوحيد، ونهى عن الأف، وهي لفظ يفيد التضجر مع الطاعة، وأمر بخفض جناح الذل، ومن العجيب أن الذل في القرآن كله مذموم إلا في موضعين: علاقة المسلم بوالديه ، وعلاقة المسلم بأخيه المسلم قال تعالى : "أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين" وهذا يدل على مدى تعظيم القرآن للوالدين، بل أمر القرآن ببرهما حتى لو كانا معاندين لك على الدين، يجاهدانك من أجل أن تتركي دين الإسلام، أمر الله ساعتها بعدم الطاعة مع البر قال تعالى:"وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا".

وجعل الإسلام بر الوالدين من أحب الأعمال وأفضلها إلى الله، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – أي العمل أحب إلى الله تعالى ؟ قال : " الصلاة على وقتها " ، قلت : ثم أي ؟ قال : " بر الوالدين " ، قلت: ثم أي؟ قال : " الجهاد في سبيل الله ".

ونبه الإسلام على أن المسلم لا يستطيع مكافأة أحد والديه إلا أن يجده عبدا مملوكا فيشتريه من سيده ويعتقه، قال صلى الله عليه وسلم : " لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه".

واعتبر الإسلام غضبهما وحزنهما، وقدمهما على بعض الأعمال التعبدية مثل الجهاد في سبيل الله وهو ذروة سنام الإسلام، فقد ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال : أقبل رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - فقال : أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى ، قال : " فهل لك من والديك أحد حي ؟ " قال : نعم بل كلاهما ، قال : "فتبتغي الأجر من الله تعالى؟ " ، قال : نعم ، قال " فارجع إلى والديك ، فأحسن صحبتهما " وفي رواية أخرى أنه خرج للجهاد وترك والديه يبكيان فأمره النبي بالعودة قائلا له: ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما.

وإذا كان هذا في حق الوالدين عامة فإن حق الأم أعظم وأشد، فقد ورد أن رجلا جاء إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال: " أمك " ، قال: ثم من ؟ قال: " أمك " ، قال: ثم من ؟ قال: " أمك " ، قال: ثم من ؟ قال: " أبوك".

ومن هنا أيتها الفاضلة يعلم خطر ما قمت به، والعزم على عدم التكرار مهما بلغك من أذى، فإن برها أحد أبواب الجنة المفتحة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كليهما، فلم يدخل الجنة ".

أما عن طريقة التعامل معها حتى ترضى فعليك بما يلي:

1- صدق الاتصال بالله عز وجل والتوبة إليه، والدعاء أن يشرح الله قلبها، وأن يعينك على برها.

2- الاعتراف بالخطأ أمامها والاعتذار عما فعلت، مع التودد إليها بكل ما تحب.

3- كثرة الإحسان إليها، والقيام بما يشق عليها من أعمال مع الدعاء لها أمامها ومن خلفها.

قلب الأم ودود رحيم، وقد لا تعرفي ذلك أيتها الفاضلة إلا بعد أن ترزقي مولودة ساعتها ستشعرين بمدى الحب والود الذي جبلت عليه الأمهات، فالله الله في الوالدة أختي الفاضلة، الله الله في ليلة تنام عنك وهي غاضبة، الله الله فأبواب السماء لا ترد دعاء أم على ولدها أو دعاء أم لولدها.

بادري بالإحسان إليها، وتحملي ما قد يصيبك من أذي بنفس راضية تريد ما عند الله والدار الآخرة، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات