عدم الثقة بنفسي أهم مشكلة لديّ، فكيف أحلها؟

0 603

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي مشكلة كبيرة أرجو من الله ثم منكم أن تساعدوني، وهي عدم الثقة بالنفس، وعدم القدرة على التحدث أمام الجماهير والجموع الكبيرة، وذلك فقط بعدما بدأت ألتزم وأسمع الدروس والخطب الدينية، ولعلي أعرف بعض أسباب ضعف ثقتي بنفسي وأهمها عدم الإيمان بنقاط القوة عندي، وتميزي عن الآخرين ( مع العلم أني أعلم أني مجتهد كثيرا عن غيري من أقراني، ومتميز عنهم في أشياء كثيرة، ولكني أكذب ذلك دائما وأقول لنفسي رحم الله امرأ عرف قدر نفسه).

السبب أنني أخشى أن أحدث نفسي بهذا خوفا أن يكون هذا نوع من أنواع العجب ورؤية النفس، فيطلع الله على ما بصدري فيرى رؤية النفس والارتكان إلى القدرات والمهارات فيغضب الله من ذلك.

السبب الثاني: أني أرى ذنوبي وتقصيري دائما أمام عيني عند القيام بأي عمل أو اختبار أو مواجهة أمام الناس، وأشعر بأن الله سيخذلني ولن يكون معي لأني مقصر.

السبب الثالث: أني لا أرى نفسي أفضل من أي شخص أو زميل، وذلك بعدما سمعت من أحد الشيوخ الفضلاء أن التواضع أن ترى أنك لست أفضل من أي أحد، فاختفت عندي فكرة التميز عن الآخرين والابداع والتفوق عليهم.

ملحوظة: (مع العلم أني أخشى مما يسمى بالتنمية البشرية لاعتمادها الكلي على إيمان الإنسان بذاته والتركيز على قدراته دون اللجوء إلى الدين كمحور أساسي مما أخشى أن أقع في الشرك بالله ).

أعلم أن عندي سوء فهم، وأرجو أن تصححوا لي هذا الخلل بما استطعتم مع توضيح كل نقطة دون نسيان أخرى مما ذكرت، ويا حبذا إن كان هناك إرشاد إلى كتاب معين أو أي مادة على الإنترنت تفيدني في ذلك بعد توضيحكم لمشكلتي لمزيد من الاطلاع .. وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يعيد إليك ثقتك بنفسك، وأن يجعلك حسن الظن بالله تعالى، وأن يوفقك لأن تكون متميزا فريدا بين إخوانك، وأن يعينك على خدمة الإسلام بهذا التميز، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك أقول لك أخي الكريم الفاضل: إن الأوراق فعلا قد اختلطت عندك بنسبة كبيرة.

أسألك سؤالا واحدا: من الذي قال من الصحابة أينقص الدين وأنا حي؟ أليس هذا أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه؟ الذي عندما بدأت مشاكل الفتنة والردة بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام ومنع الزكاة من قبل كثيرة من القبائل التي من الله عليها بالإسلام على عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وقف ليقول (أينقص الدين وأنا حي) همة عالية وثابة أدت إلى عودة الأمة الإسلامية كلها إلى حظيرة الإسلام وإلى بث روح الجدة والنشاط والحيوية في هذا الدين بعد أن كاد أن يندثر،، وبهذه الوقفة العظيمة العملاقة استطاع أن يرد العرب الذين تركوا الإسلام إليه، وأن يجبر الناس على التزام شرع الله تعالى فتسلم عمر الراية عالية خفاقة من الخليفة الراشد أمير المؤمنين الأول أبي بكر رضي الله تعالى عنه. فهل أنت أقوى أيمانا من هذا العملاق الأعظم؟

أين أنت بارك الله فيك من هذا الصحابي الذي خاض البحر بفرسه، وقال: (لو أعلم أن هناك خلقا لله تعالى وراء هذا البحر لخضته لأبلغهم دعوة الله تعالى)؟!

أين أنت من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سددوا وقاربوا)؟ والتسديد أخي الفاضل إنما هو أن تصيب كبد الهدف، بمعنى أن تحصل مائة بالمائة، فإذا لم تحصل على مائة فلا أقل أن تحصل على خمس أو ست أو سبع أو تسع وتسعين من الدرجات.

أين أنت من قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتم الله فأسلوه الفردوس)؟ أليست هي أعلى أماكن الجنة والنبي يدعوك عليه الصلاة والسلام أن تكون حريصا على ذلك؟!

أين أنت من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها)؟ أليس ما أنت فيه نوع من سفاسف الأمور السيئة الضعيفة، وتركت سنة النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام؟!

أين أنت أخي حسام من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يكن أحدكم إمعة، يقول أنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت وإن أساءوا أسأت)؟!

أخي الكريم: إنك فهمت المسائل فهما خاطئا، وأتمنى بارك الله فيك أولا أن تحسن الظن بالله جل جلاله، وأن تعلم أن هذه القدرات والإمكانات التي منحك الله إياها سوف يسألك عنها يوم القيامة، لماذا عطلتها ولم تحسن استغلالها وتوظيفها في خدمة دينك وأمتك ونفسك؟! لماذا لم تستغل هذه القدرات والطاقات والإمكانات لتكون شخصا مبدعا والأمة في حاجة للمبدعين من أمثالك؟!

أخي الكريم حسام: أتصور لو أن الأمة كلها مثلك لمتنا جميعا وكان الأولى بنا أن نكون الآن تحت التراب، لأننا لا نستطيع أن نحرك ساكنا.

أقول لك: استعن بالله واطرد عنك هذه الترهات وهذه الخزعبلات، فإنها كلها من كيد الشيطان، وأنت فهمت كلام المشايخ خطأ، ليس معنى التواضع أن تكون متخاذلا ولا أن تكون ضعيفا ولا أن تكون جبانا خوارا، وإنما التواضع أن ترى أن هذا كله من فضل الله تعالى ولا تتعالى به على خلق الله تعالى، ولكن تتحدث بنعمة الله كما قال الله تعالى: {وأما بنعمة ربك فحدث} والتحدث بالنعمة يدور على محورين: الأول أن تثني على الله تبارك وتعالى، وأن تكثر من شكره، والثاني أن توظف هذه الإمكانات في خدمة دينك وفي خدمة نفسك ومجتمعك. هذا من شكر النعم، لأن الله تبارك وتعالى جل جلاله جعل ذلك مطلوبا منا، فالتحدث كما قال العلماء يكون بلسان الحال ولسان المقال.

لقد اختلطت عليك الأوراق يقينا أخي الفاضل حسام وأنت في حاجة إلى أن تترك عنك هذه الأفكار وأن تنطلق، ومسألة أنك صاحب معاصي وتخاف أن يخذلك الله، أسألك بالله من الذي لا معاصي له؟ من الذي لا ذنوب له بل من الذي لا أخطاء له؟ هل الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا معصومين من الخطأ؟ قطعا هذا أخي الكريم فهم خاطئ وقاصر، ولذلك فإني أقول لك: استعن بالله عز وجل وتوكل على الله، وانطلق بكل ما أوتيت من قوة لخدمة دينك ونفسك ومجتمعك، وإياك وإياك أن تتخاذل أو تقصر، لأنك بذلك ستسأل عن هذا الأمر يوم القيامة. الأمة في أمس الحاجة إلى رجل مثلك منحه الله قدرات وإمكانات هائلة. تخشى ما يسمى بالتنمية البشرية لاعتمادها الكلي على الإيمان الإنسان بذاته، أليست ذاتك من الله تعالى؟!

أليس الذي منحك ذلك إنما هو الله جل جلاله وحده؟! ألم يأمر الله تبارك وتعالى الأغنياء أن يخرجوا من أموالهم؟ ألم يأمر الله تعالى العقلاء من أمثالك أن يزكوا أيضا عقولهم بأن يعلموا الأمة ما هي في حاجة إليه؟! لو كان الأمر كذلك لكنا أمة منتهية من سنوات طوال, لأننا لم نأخذ بأسباب الحياة, ولذلك عليك أخي الفاضل حسام أن تتوكل على الله وأن تنطلق في استغلال هذه الإمكانات التي منحك الله إياها، وأن تكثر من الدعاء والإلحاح على الله أن يوفقك ويشرح صدرك للذي هو خير، وأن يتقبل منك، وأن يجعلك من عباده الصالحين.

هذا وأنصحك أخي أن تقرأ الاستشارات المتعلقة بموضوعك، ولا مانع من زيارة المواقع التي تتحدث عن الثقة بالنفس، وكيفية التميز؛ حتى تستطيع أن تتغلب على تلك الافكار السلبية وأن تخدم أمتك التي هي في أمس الحاجة لجهود المخلصين من أمثالك.

لمزيد من الفائدة يمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي لقلة الثقة: (265851 - 259418 - 269678 - 254892).
هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات