السؤال
السلام عليكم
لدي بنات خالة كلما أحسنت لهن زدن في إيلامي وسوء معاملتي وتفضيل بعض القريبات علي؛ وذلك فقط لكي يغضنني ويشعرنني بالحزن، وهذا لأنهن يغرن مني وليس لأني أشعر أنهن يغرن مني فقط، بل الكثير يقول هذا، المشكلة أنهن دائما يحتجن لي لأعاونهن سواء للاستشارات في مجال تخصصي أو مساعدتهن في غير ذلك، ومن كثرت إيذائهن لي لم أعد أحب مساعدتهن ونفرت من هذا، ولكنني دوما أتراجع عن شعوري هذا وأعينهن ابتغاء مرضات الله، ولأني لا أريد أن أقطع صلة الرحم؛ لأني متأكدة لو امتنعت عن مساعدتهن سأتسبب في قطيعة رحم، كونهن من الأساس لا يعترفن بالجميل ويرين أن كل ما أقوم به فرضا علي.
سؤالي هو: هل من حقي أن أمتنع عن مساعدتهن وأعاملهن مثلما يعاملنني وأصلهن؟ وإذا هن قطعنني لهذا السبب، هل أعتبر آثمة كوني تسببت في هذه القطيعة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أهلا بك أختنا الفاضلة في موقعك إسلام ويب ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، ونحن سعداء بتواصلك معنا.
وبخصوص ما سألت عنه فمما لا شك فيه أن فضل صلة الرحم عظيم، ولعظمها اشتكت الرحم إلي ربها من القطيعة والفراق، فجعل الله الجزاء من جنس التعامل معها ، فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه، قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك. قالت: بلى يا رب، قال: فهو لك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاقرءوا إن شئتم {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم}.
ولقد جعل القرآن قطيعة الرحم من الفساد في الأرض، وبين أن فاعل ذلك ملعون، قال تعالى عقب هذه الآية {أولئك الذين لعنهم الله}.
وصلة الرحم أيتها الفاضلة من علامات الإيمان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه} وهي سبب في سعة الرزق فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه}.
وفوق ذلك هي سبب من أسباب دخول الجنة قال صلى الله عليه وسلم: {يأيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام}.
وكل هذه مرغبات حتى يفعل المرء ذلك دون انتظار جزاء من أحد، فهو لا يصل من أجل الناس وإنما من أجل مرضاة الله عز وجل، فإن أحسن من وصله فخير ، وإن أساء فلا يضر لأني لم أصل لأجله وإنما لأجل الله، والوصل الحقيقي أيتها الفاضلة هو الوصل الذي ذكرتيه، أن تصلي من قطعك ومن يبلغك أذاهم وتفعلين ذلك وأنت قادرة على القطيعة وعدم العون، وإنما تفعلينه لله، وهذا أجره عظيم عند الله عز وجل، فالواصل الحق من يصل من قطعه لا من وصله فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{ ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها }.
وصنيع بنات خالك معك حدث أمر شبيه منه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال : يا رسـول الله إن لي قرابة أصلهـم ويقطعونني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال صلى الله عليه وسلم: (إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) .
فانظري إلي البشارة الموعودة على لسان رسول الله، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم فأي خير بعد ذلك، ولا يضرك ما يفعلون، بل كما قال النبي كأنك تسفيهم المل، والمل هو الرماد الحار، يعني كأنما تطعميهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم .
فالله الله أختاه في هذا الباب الذي فتح لك إلي مرضاة الله، لا تغلقيه وافعلي ما يريدون وزيادة ملتمسة الأجر من الله، واحمدي الله أن جعلك في مكانك يحتاجون إليك وأنت لا تحتاجين إليهم وهذا فضل الله يعطيه من يشاء.
نسأل الله أن يبارك فيك وأن يرزقك الحكمة والقول الحسن.