السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,
أختي عمرها 9 سنوات, خجولة جدا, لدرجة أنها لا تتحدث إلا مع أهل البيت: أنا وأمي وإخوتي عدا أبي؛ ربما لأنها لا تراه كثيرا إلا ثلاثة أيام في الأسبوع, وهي مدللة جدا, وكل طلباتها مجابة من الجميع دون استثناء, احترنا ماذا نفعل معها؟ هي الآن في الصف الثالث, لا تتحدث أبدا عند معلماتها, لكن تتحدث عند الأطفال الآخرين, مع العلم أنها ولدت في الشهر الثامن, وكانت في مرحلة الخطر ,وقد تأخرت في المشي والكلام لسن الرابعة, وكان لديها مشاكل في نطق حروف كثيرة على الرغم من أن الحروف ليست من مخرج واحد, لكن الآن تحسن نطقها كثيرا, نحس بأنها ذكية, كما أنها تحفظ المقرر عليها, لكنها لا تسمع المعلمة صوتها, حاولنا تشجيعها ماديا ومعنويا, وقد عرض عليها أبي بأن يشتري لها جهاز لابتوب حقيقي مقابل أن تتحدث معه, علما أن هذه رغبتها وهي الحصول على اللابتوب؛ لأن لديها أجهزة لابتوب تعليمية كثيرة, لكنها تقول لنا دائما لست طفلة, أريد جهازا حقيقيا, ماذا نفعل معها؟ لأنها دائما كلما سألناها لماذا لا تتحدثين مع الآخرين؟ تجيب بأنها تستحي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نشكر لك اهتمامك بأمر شقيقتك، ونسأل الله تعالى لها العافية والتوفيق والسداد.
نقطة البداية في مثل هذه الحالات هي: أن نتأكد هل شقيقتك لديها المقدرات المعرفية التامة؟ وأقصد بذلك: هل مستوى الذكاء لديها في المعدل الطبيعي؟
أنت أعطيت بعض المؤشرات أن نطقها بدأ في التحسن، وعندكم الشعور بأنها ذكية، وهذا يكفي لأن نعتبرها طبيعية، لكن في ذات الوقت يمكن فحصها بواسطة المختص، وذلك لقياس نسبة الذكاء، ونسبة النضوج الاجتماعي، وكذلك التفاعل الوجداني, وإذا كان بالإمكان أن تقابل الأخصائي النفسي فهذا جيد، وفي نفس الوقت سوف يقوم الأخصائي النفسي بإعطائها بعض النصائح والتوجيهات السلوكية التي تفيدها -إن شاء الله تعالى-.
هذه الصغيرة يظهر أنها عوملت معاملة خاصة؛ لأنها قد ولدت في الشهر الثامن، ودائما هنالك إشكاليات تربوية مع الأطفال الخاصين، بمعنى أن يكون الطفل ولد بعد عقم مثلا، أو الولد وسط البنات، أو البنت وسط الذكور، أو الطفل الأول، أو الطفل الأخير، أو الطفل من ذو الاحتياجات الخاصة، أو أنه قد ولد تحت ظروف لم تكن مواتية, هؤلاء الأطفال دائما يعاملون معاملة فيها الكثير من اللين, وتجاب لهم طالباتهم بكل سهولة، وكثيرا ما تظهر فيهم أخطاء التربية.
الذي أراه الآن بالنسبة لشقيقتك بجانب أن يتم تقييمها من قبل المختص -كما ذكرت لك- هو: أن يتم تجاهل المواقف التي تكون فيها تحاول استدرار العطف، هذه يجب أن يتم تجاهلها تماما، وفي نفس الوقت تحفز وتشجع وتثاب على المواقف الإيجابية.
ثانيا: لا بد أن نشعرها أنها فعلا كبيرة، أنها محبوبة، أنها عضو فعال في الأسرة، وأن تعطى مهاما، تعطى مهاما بشيء من التنافس معك مثلا, ومع بقية إخوانها وأخواتها، المهام تقسم على الجميع، وبعد ذلك يكون هناك تنافس من يقوم بالأداء الجيد, وفي الوقت المطلوب، ويكافأ مثلا من قبل الأسرة.
هذه التمارين السلوكية تمارين نافعة جدا, لكن بكل أسف كثير من الأسر لا تلتزم بها, اجعلي والدتك -أو حتى عن طريقك أنت مثلا- تعطي أختك بعض المهام، في المطبخ مثلا، أو ترتيب خزينة ملابسها، أو ترتيب المنزل، أو تقديم أي نوع من المقترحات، وأن نشعرها بكينونتها, وأن نشعرها بفعاليتها، وهذا يتطلب الصبر والمواصلة، فالمهارات تتطور من خلال مثل هذه التمارين والمعاملة.
ثالثا: يجب أن تتاح لها فرصة أن تلتقي بالبنات في سنها، وتشجع على ذلك، لأن الطفل يتعلم من الطفل.
بالنسبة لموضوع اللابتوب: إذا كان هنالك ضوابط لاستعمال الكمبيوتر, ورقابة إرشادية حقيقية فيمكن أن يوفر لها ولا بأس في ذلك، لكن إذا كان سوف يضيع عليها أوقاتها, ويزيد من انطوائيتها وانعزالها, فهنا لابد أن تكون المحاذير واضحة جدا في أن نملكها اللابتوب.
عموما: أنا ممن يفضلون إحضار هذه الأجهزة للأطفال إذا كانت هنالك إمكانية، لكن يجب أن تكون هنالك رقابة تربوية صارمة.
هذه هي الأشياء التي تفعل؛ لأن سؤالك: ماذا تفعلون معها؟ فهي المبادئ المعلومة والمعروفة، وأنا على ثقة أنك على إدراك تام، وأنا ربما لم أكن أضفت شيئا جديدا، لكن فقط نريد أن ننظم العملية, وهي: أن نتجاهل السلوك السلبي، وأن لا نكافئ السلوك السلبي، وأن نعزز السلوك الإيجابي، وأن نطور من مهاراتها, ونعطيها الاعتبار، وتتاح لها فرصة المشاركة في الأنشطة الأسرية، وأن تتاح لها فرصة بأن تتفاعل مع أقرانها، وأيضا يجب أن يكون هنالك اتفاق مع المعلمة لتحفيزها وحثها وتشجيعها, هذه هي الطرق التي تساعد على بناء مقدراتها، وكما ذكرت في بداية هذه الرسالة سيكون من الأفضل والأجود أن يتم تقييمها بواسطة المختص.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.