السؤال
أنا إنسان أخاف من الذي حولي، وأخجل من نفسي، ومن اسمي وكنيتي، وأحاول إخفاء كنيتي للناس، أنا إنسان مهزوز من أهلي وأصدقائي، فهم يستهزئون بي حتى وصلت القضية للضرب، أنا أسب والدي؛ لأنهما سبب فشلي يدفعوني للشر عن جهل أو خوف، أو لا أعرف ما السبب؟
لا يتركوني براحتي لا يرحمونني، أنا إنسان عندي نظرة انتقامية مع الذين يؤذوني، أريد أن أصبح غنيا، وبدأت بالآونة الأخيرة الإقبال على الله، عسى الله يحقق لي رغباتي، وأحلامي فساعدوني ساعدكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأنا أرى أن أفكارا سلبية جدا تسيطر عليك، وهذه هي التي جعلتك تحس أنك مهزوز أمام الآخرين.
أرجو أن تعيد تقييم نفسك، -وإن شاء الله تعالى- من خلال هذا التقييم تكتشف أن لديك أشياء طيبة إيجابية كثيرة جدا لم تكن تستدركها.
لا تظلم نفسك، لا تجحف في حق نفسك، وكن معقولا وموضوعيا حين تقيم ذاتك، هذا مهم جدا.
أنت في بدايات سن الشباب، -وإن شاء الله تعالى- المستقبل لك، لديك الطاقة النفسية، ولديك الطاقة الجسدية، والتي من خلالها تستطيع -إن شاء الله تعالى- أن تسخر مقدراتك وتصل إلى ما تريد أن تصل إليه -إن شاء الله تعالى-.
هناك نقطة هامة جدا: لا بد أن تغير من منهجك في التعامل مع والديك، هذا مهم جدا، فسب الوالدين لا يجوز أبدا، وهذا من العقوق، وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عق والديه، فقال: (لعن الله من لعن والديه) والوالد أو الوالدين بكل تأكيد يريدان الخير لأبنائهما، لأن حب الآباء والأمهات لأبنائهم وبناتهم هو حب غريزي جبلي وهبه الله تعالى للوالدين.
فأنا أؤكد لك أن والديك لا يكرهانك أبدا، ربما تكون هنالك بعض الأساليب الخاطئة في التعامل قد تصدر في بعض الأحيان من الوالد أو الوالدة، لكن بالتأكيد لا يريدون لك إلا الخير.
أضف إلى ذلك أنك مكلف ببرهما، وكما تعرف -أيها الفاضل الكريم- أن عقوق الوالدين هو أمر جسيم، وعقوبته في الدنيا قبل الآخرة، فإن أردت أن تفلح فعلا، وأن تصل إلى ما تريد أن تصل إليه لا بد أن تكون بارا بوالديك، لا بد أن تقر بهذا، ولا بد أن تسعى لإرضائهما، مهما كانت درجة المعاملة السلبية من قبلهما، هذه ركيزة أساسية، وأنت الآن ذكرت -بفضل الله تعالى- أنك أصبحت مقبلا على الله تعالى، ومن شروط الإقبال على الله تعالى وطاعته طاعة الوالدين وبرهما، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن نفعل ما أمر الله به، وأن نجتنب ما نهانا عنه، وأن نحسن المعاملة والعشرة لمن نعرف، ومن لا نعرف، وقد قرن الله طاعته ببر الوالدين فقال: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}.
هذه -أيها الفاضل الكريم- أسس تربوية رئيسية، وهذه تهذب النفس، وتطهر النفس، وتنقي النفس، والإنسان يحتاج كثيرا لأن يطهر وينقي نفسه من الشوائب.
أنا سعيد أنك الآن تريد أن تغير من حياتك، وأن تغير من منهجك، وهذا في حد ذاته سوف يساعدك كثيرا.
لابد أن تحقر الأفكار السلبية، ما كان يذكر عنك، وما يقال عنك، وما سمعته من استهزاء، هذه أمور يجب أن تتخطاها تماما، ويجب أن تتغاضى عنها تماما.
الضرب منهج خطأ، وأنت ذكرت أن القضية قد وصلت إلى الضرب، هذا لا يجوز أبدا، وهذا منهج خاطئ، منهج مرفوض تماما.
مفاهيمك حول الناس يجب أن تتبدل، ويجب أن تتغير، أنت ذكرت أن الناس لا يتركونك في حالك.
أيها -الفاضل الكريم-: بنفس المستوى نحن في بعض الأحيان لا نترك الناس في حالهم، وهذه هي طبيعة الإنسان، هو كيان اجتماعي، يتفاعل مع الآخرين ويتفاعلون معه، لكن من يقدم الخير يجده، هذا لا شك فيه، وأن يكون الإنسان صبورا وقورا، وأن يتحمل الأذى، لا شك أنه سوف يفرض وجوده على الآخرين، فكن على هذا النهج، وسل الله تعالى أن يوفقك.
أنت ذكرت أنه لا وظيفة لك: أتمنى أن تكون ملتحقا بالدراسة، وهذا مهم وضروري جدا، يجب أن تكمل تعليمك، -وإن شاء الله تعالى- تحصل على العمل الذي يناسبك.
كن حريصا على الصلاة في وقتها، الصلاة هي مفتاح كل خير للمؤمن، وفي صلاة الجماعة تتعرف على الأخيار من الناس، احضر الدروس، انخرط في الأعمال التطوعية، الأعمال الخيرية، حين تساعد الضعفاء سوف تحس بقيمة الحياة، ولا شك في ذلك.
مارس الرياضة، أي نوع من الرياضة، -إن شاء الله تعالى- سوف تجد فيها خيرا كثيرا.
إذن الصبر، والتسامح، والجهد والاجتهاد، والتوكل على الله، والتوكل هو أمل وعمل، هذا ضروري جدا.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول كيفية تقوية الشخصية سلوكيا: 225512 - 239454 - 249371
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله تعالى أن تصل إلى ما تصبو إليه بتوفيق ورحمة من الله تعالى.
وبالله التوفيق.