السؤال
منذ فتره تقدم أحد الأشخاص لأهلي لطلب الزواج مني، وهو يعرف والدي جيدا، وهم يعرفونه جيدا، ويعلمون تدينه، وحسن خلقه، ويشهدون له بذلك؛ حيث أنه لا غبار عليه، ونحن نميل لبعض بشدة.
ولكن حين تقدم للزواج مني انقلبوا عليه، وذلك لأنه متزوج، ولديه أطفال، وأنا سوف أصبح الزوجة الثانية، فهم يخافون كلام الناس أن يقولوا ابنتهم أصبحت زوجة ثانية، وأن أختي الأصغر لن تتزوج إذا عرف الناس أن أختها زوجة ثانية، فماذا أفعل مع أهلي؟
وأسألكم الدعاء لهم بالهداية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يشرح صدرك، وأن يمن عليك بالزوج الصالح الطيب المبارك. كما نسأله تبارك وتعالى أن يبصر أهلك بالحق، وأن يعينهم على التزامه وتنفيذه والرضى به، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة -: هذه من الرسوبيات التربوية الخاطئة التي بدأت تسيطر وتهيمن على وسائل الإعلام، وعلى الكلام العام، وعلى تصرفات الناس؛ إذ أصبحت فكرة التعدد فكرة ممقوتة، وفكرة غريبة، وفكرة بغيضة، ورغم أن الناس من أهل الصلاة ومن أهل الدين، ومن أهل الصلاح، والاستقامة، إلا أنهم ما أن يسمعوا بأمر التعدد حتى ينقلبوا رأسا على عقب، وبما أن والدك جزء من هذه المنظومة، فقد يكون من أهل الصلاح ومن أهل الديانة أيضا إلا أنه أيضا تأثر بهذا الجو العام الذي يدور حوله ويتكلم الناس فيه.
فأنا أقول بارك الله فيك: لعل والدك ضحية هذه الأفكار مما لا شك فيه، وبالتالي لم يجد سبيلا إلا أن يمنعك بالارتباط بهذا الأخ، أو التفكير في قبوله زوجا لك حتى لا يقول الناس بأن ابنتكم أصبحت زوجة ثانية، ومع ذلك لم يتقدم لكم أحد وأنكم مزهود فيكم، وأنه لم يتقدم شباب يرغبون في الزواج، معنى ذلك أن هناك عيبا.
هذه الأفكار الشيطان يقذفها حقيقة في عقل الوالدين مما يجعلهما يقفان بكل شدة أمام شرع الله تعالى، رغم أن الرجل لا عيب عليه كما ذكرت ولا غبار عليه، إلا أن مجرد هذه الأفكار الشيطانية ستؤدي يقينا إلى إفساد هذا المشروع الذي كان من الممكن أن يكون فيه خير كثير، خاصة وأنه لا مانع لديك.
فأنا أقول بارك الله فيك من الممكن إذا كان هناك لك من عم أو قريب يؤثر على والدك، أو خال مثلا من الممكن، أو أحد إخوانك الموجودين المقربين من والدك، ممكن يتكلم معه، لأن المسألة أنت تعلمين موافقة ولي الأمر هذه من شروط صحة النكاح، وأنه لا يجوز لك أبدا بحال من الأحوال، وأنا لا أعتقد أنك تفكرين مطلقا في أن تتزوجي نفسك بنفسك أبدا.
ومن هنا فإني أقول: ليس أمامنا حقيقة إلا إقناع الوالدين، والإقناع يكون أولا بالدعاء، الدعاء، والإلحاح على الله تعالى أن يشرح الله صدرهما لقبول هذا الأخ ما دام توفر فيه الشروط الشرعية.
الأمر الثاني: الأخذ بالأسباب، والأخذ بالأسباب كما ذكرت لك وهو أن تتكلمي مع الوالدة إذا كان ذلك ممكنا وإذا كانت ممكن تقبل منك هذا الكلام، وإذا كان سنك يسمح بذلك.
الأمر الثالث أيضا: تحاولين أن تتكلمي مع أحد من الوجهاء في قبيلتكم أو في عائلتكم ليتكلم مع والدك ويذكره بالله تعالى وغير ذلك، أو أن يكون أحد الدعاة أيضا من المشاهير الكبار في منطقتكم أو إمام المسجد، يتكلم عن هذا الموضوع، ولو بطريقة غير مباشرة، لأنه لا حل حقيقة إلا إقناع الوالد بالموافقة، وأن هذا شرع الله تعالى، خاصة وأنه ليس لديك مانع.
فأنا أقول: هذه هي الوسائل المتاحة والله أعلم، ولا أعتقد أن هناك وسيلة أخرى مشروعة أكثر من الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى بأن يلين قلوبهم، وكذلك أيضا الواسطة المؤثرة التي قد يتعذر على الوالد أن يرفضها، فإن رفضها فأقول: ليس أمامك إلا الصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، ولعل أن يكون هناك من هو أفضل منه بإذن الله تعالى، وأنت لا تشعرين، فعليك بالرضى بقضاء الله وقدره، وعدم الخروج عن رغبة الوالدين إذا أصرا على ما هم فيه.
أسأل الله تعالى أن يمن عليك بالزوج الصالح الطيب المبارك، عاجلا غير آجل، إنه جواد كريم.
وبالله التوفيق.