السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة مطلقة من زوجي لأني لم أحبه، كما أنه لم يكن صاحب دين وأخلاق، وأيضا هناك سبب آخر مهم وهو أن مطلقي دميم الشكل، وليس جميلا أبدا (أستغفر الله، أنا أريد أن أشرح السبب فقط).
أنا امرأة - أقولها بكل صراحة - أحب الجمال الشكلي والوسامة في الرجال، وللأسف ضعيفة أمام الرجال الوسيمين بالرغم من أني أغض بصري، إلا أنني قد أراهم بالصدفة.
أنا الآن لم أندم على طلاقي، ودائما أدعو الله أن يرزقني الزوج الصالح التقي الذي يرضاه ربي لي، ذا الخلق والدين، وهذا أهم شيء لدي في زوج المستقبل (الخلق والدين).
لكن كما قلت تهمني وسامة الرجل الذي سأتزوجه، وأعتقد أن هذا الأمر من حقي.
أنا أخشى أن أتزوج رجلا قبيحا فأصبح كلما رأيت رجلا جميل الشكل أشعر بالحسرة.
لقد رأيت منذ فترة صورة رجل جميل وفيه كل مواصفات الرجل الشكلية التي أحبها في الرجل، ومنذ رأيت تلك الصورة وأنا أدعو الله أن يرزقني زوجا يشبهه، ذا جمال كجماله وملامحه ووسامته، أو حتى أجمل منه لتقر عيني.
وكما أن الرجال يدعون الله بالزواج من امرأة جميلة هل يجوز لي الدعاء لنفسي بهذا الأمر؟
أنا أعلم أن الجمال أمر ثانوي والمهم هو الخلق والدين، ولم أغفل ولن أغفل عن هذا الأمر في دعائي، لكن ماذا لو أردت بجانب الخلق والدين الجمال بشكل معين كأن أقول مثلا شعره بني وطوله كذا ويشبه فلانا في الدعاء؟
أنا كما قلت يهمني الشكل بعد الدين والخلق، ولا أعتقد أني سأرتاح إذا تزوجت رجلا غير وسيم، فهل يصح لي ذلك؟ خاصة أن أكبر سبب لدعائي بهذا الأمر هو أن أحصن نفسي عن الحرام إذا تزوجت، علما بأني فتاة جميلة، وأعتقد أني أستحق ذلك.
سؤالي باختصار:
إذا رأيت شابا جميلا سواء بالمجلات أو التلفاز هل يمكن أن أدعو الله بأن يرزقني شابا يشبهه شكلا، ذا خلق ودين؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي وموضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعوضك عن زوجك السابق خيرا، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك تتوافر فيه الصفات الشرعية والصفات الجمالية التي تريدينها، وأن يعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، وأن يمن عليك بذرية صالحة طيبة مباركة، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – أولا: بداية - ابنتي الكريمة الفاضلة حفظك الله تعالى -: ينبغي أن تعلمي أن الله الجليل جل جلاله قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وهذا ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن الله قدر المقادير قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) ومن هذه المقادير كل شيء كائن إلى يوم القيامة، حتى دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، كل ذلك مكتوب في اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه المقادير كلها، وبالتالي فإن كل شيء يقع في هذه الحياة معلوم لله قبل خلق الحياة بالكلية أصلا، ومن هذه المقادير التي قدرها الله تبارك وتعالى الأموال، الفقر، الغنى، الجمال، الدمامة، الوجاهة، الصحة، الأولاد، الأعمار، الوظائف، المهن، الحرف، القبر الذي سيدفن فيه الإنسان، المسافات التي سيقطعها الإنسان على خريطة العالم، كل ذلك معلوم لله قبل خلق السموات والأرض ومقدر وقد انتهى منه مولانا وفرغ تماما، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رفعت الأقلام وجفت الصحف).
فإذن الله تبارك وتعالى قدر لك في علمه القديم زوجا، هذا الزوج نحن لا نعرف مواصفاته، وأنت ترغبين في شيء بصفات معينة، ولكن الله تبارك وتعالى الذي خلق الإنسان يعلم ما الذي يصلح لك وما الذي لا يصلح لك، فقد ترغبين في زوج مثلا يتمتع بجمال خارق ووسامة متميزة، ولكنه أيضا في نفس الوقت لا يصلح أن يكون زوجا لك، قد يكون فيه من العيوب ما يجعلك تكرهين الجمال والوسامة كلها إلى أن تموتي.
فإذن نحن لا ندري، أنت تتصرفين من منطلق أنك إنسانة لك رغبة وتريدين أن تتحقق هذه الرغبة، ولكن يا ترى هل هذه الرغبة لو تحققت ستكون فعلا في صالحك أم لا؟ علم ذلك عند الله تعالى.
نحن لا نعلم الغيب، فالإنسان منا يتمنى أن يكون غنيا ولكن هو لا يدري قد يأتي الغنى مثلا من جهة وتذهب الصحة من جهة أخرى، وقد يذهب الدين أيضا من جهة أخرى، وقد يذهب الأمن والأمان والاستقرار، وقد تكون نقمة على صاحبه، فقد يستعمله في معصية الله تعالى، وقد يتعالى به على عباد الله تعالى، فيكون عدم وجود المال أفضل له من وجود المال.
وكذلك أيضا الزوج الوسيم الجميل قد يؤدي إلى أن تفتتني به فتشغلين به عن الله تعالى ورسوله، وتشغلين به عن الدين، وقد يؤدي بك إلى أشياء لا تعلمينها.
لذلك أنصح - وأنا في مقام والدك - بأن تسألي الله تبارك وتعالى خير ما عنده سبحانه، وهذا ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يقوله ويعلمه أصحابه ويعلمه لنا أيضا، فعلى سبيل المثال: (اللهم إني أسألك من خير ما سألك به عبدك ونبيك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم) هذا كل خير يأتي في هذه الدعوة، لكن أقول أيضا: (اللهم ارزقني زوجا صالحا يكون مناسبا لي ويكون عونا لي على طاعتك).
إذن نقول بهذه الكيفية، لأنني لا أعلم أين المناسب، هل المناسب الجميل أم المناسب صاحب الدين أم المناسب القوي بدنيا أم المناسب القوي ماديا؟ علم ذلك عند الله.
فلا نخصص الدعاء في قضية الجمال فقط؛ لأن الجمال هذا وإن كان مطلبا أساسيا بالنسبة لك إلا أنه قد لا تكون السعادة في وجوده، فقد تكون السعادة في وجود إنسان طبيعي لا يتمتع بقدر من الجمال ولكنه ليس دميما أيضا، وقد يوفر لك كل وسائل الراحة ووسائل الأمن والأمان والاستقرار.
ماذا ستفعلين برجل جميل عاطل عن العمل؟ ماذا ستفعلين برجل جميل مريض لا يستطيع أن يتحرك؟ ماذا ستفعلين برجل جميل أخلاقه متدنية، حتى وإن كنت تسألين الله عز وجل أن يكون صاحب خلق، ماذا ستفعلين برجل جميل لا يقيم لك وزنا ولا يراعي شعورك ولا يراعي رغباتك الخاصة أو العامة؟ ماذا ستفعلين مع رجل جميل إذا كان لا يحترمك لا يقيم للإنسانية أو لك وزنا أو لغيرك ولا يعرف الواجب ولا الأصول ولا غير ذلك؟
إذن - بارك الله فيك - أتمنى أن توسعي الدائرة، ولا تحجري واسعا، وأن تسألي الله تبارك وتعالى أفضل مما تسألينه تخصيصا، اجعلي الأمر عاما، وقولي: (اللهم إني أسألك زوجا صالحا صاحب خلق يعينني على طاعتك ورضاك، وتتحقق به رغباتي كلها، ويكون جميلا وسيما يعينني على غض بصري أرتضي به) واتركي الأمر لله سبحانه وتعالى، وسلي الله تعالى الرضى به، بأن تقولي: (تحقق به رغباتي كلها وارزقني الرضى به يا رب العالمين) لأنه قد يتمنى الإنسان شيئا وفيه هلاكه، كما قال الله تبارك وتعالى في سورة التوبة: {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقك ولنكونن من الصالحين} هذه رغبة أن يكون عنده مال: {فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون * فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون} فكان تحقيق الأمنية والرغبة التي ظل صاحبها يدعو مدة طويلة من الزمن كانت السبب في هلاكه وتحويله من مسلم صالح - من حمامة مسجد - إلى إنسان منافق والعياذ بالله تعالى.
رجاء ألا تحددي، وإنما قولي: (اللهم إني أسألك زوجا صالحا طيبا مباركا، وارزقني الرضى به، والقناعة به، وحقق لي فيه ما أتمناه يا رب العالمين) واتركي الأمر لله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى قد يرزقك القناعة بإنسان متواضع الجمال، وقد يرزقك القناعة بإنسان متوسط الجمال، وقد يصرف عنك هذا الجميل لحكمة يعلمها جل جلاله, فهو سبحانه أعلم بما يصلح عباده وما يفسدهم؛ ولذلك قال جل شأنه: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}، وقال: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فاتركي الأمر له جل شأنه وفقط سليه من فضله، واتركي أمرك له، وغاية ما يمكنك الدعاء به أن تقولي: (اللهم إن كان الزوج الجميل الوسيم أنفع لي في ديني ودنياي فأكرمني به واجعله عونا لي على طاعتك، وإلا فاصرفه عني وارزقني الرضى بما قسمت لي يا أرحم الراحمين، واقدر لي الخير حيث كان).
هذا وبالله التوفيق.