كيف أتأقلم مع عملي؟ وكيف أتغلب على خوفي من مديري المتسلط؟

0 619

السؤال

الإخوة في الشبكة الإسلامية:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

عندي مشكلة وهي: صعوبة في عملي فقد كنت أعمل في شركة تعمل في الباطن, وقد كنت مرتاحا نفسيا, ولم يكن هناك ضغط عمل, وكانت الأمور طبيعية, ولكني عندما انتقلت إلى الشركة الأساسية الأم التي أعمل فيها الآن, تفاجأت بضغط العمل, وكثرته, مع عدم وجود رؤية واضحة, رغم أني أعمل بنفس المسمى الوظيفي السابق تماما, ولكن مع اختلاف شاسع في المهام.

صراحة لم أتوقع أبدا هذا الأمر, بل ما توقعته هو عمل أكثر راحة من العمل السابق, وكان الأمر لي مثل الصدمة, ولم أستطع حتى الآن التأقلم, رغم مرور قرابة عامين على هذا العمل, إلا أن الصعوبات لا تنتهي.

علما بأن عملي الحالي طريقته: شهر نعمل فيه في الموقع بعيدا عن الأهل, وشهر يكون إجازة, ويغطي زميل آخر لي هذا العمل, وعندما تنتهي إجازتي أرجع لأبدأ العمل, ويأخذ زميلي البديل إجازة, وهكذا كل الموظفين, والمدراء في الشركة هم على هذا النحو, وهذا العمل كنت أظن بأنه سيمثل راحة كبيرة, ولكني الآن أظن أنه أحد عوامل الإرباك في هذه الشركة, فهناك فقد في المعلومات بين موظفي الشركة بسبب الإجازات الشهرية, بالإضافة إلى تغير الأمزجة, والخبرات بين البدلاء أنفسهم.

وهذا أمر لم أتوقعه أبدا, فقد كانت فكرتي أن العمل شهر بشهر هو راحة كبيرة, ونعمة عظيمة, ولكني لم أكن أرى إلا الأشياء الجميلة, وكنت أحلم بهذه الوظيفة ليلا ونهارا, وعندما أصبحت موظفا لم أتوقع كل هذه الصعوبات.

2- بالإضافة إلى هذه الصعوبات فإني أواجه أكبر مشكلة لي في العمل مع مديري المباشر, فقد زاد الطين بلة, وصعب على التأقلم في العمل, فهو شخص غير محترم, بالإضافة إلى أنه يتعمد الضغط علي بالعمل بشكل كبير, بالإضافة إلى قلة احترامه, وصعوبة التفاهم معه, فهو لا يفهم بسهولة, يحاول المكابرة والمعاندة بطريقة يجعل العمل علي صعبا, والحقيقة أننا كلنا نعاني من هذا المدير, ولقد اشتكينا منه أكثر من مرة, فمن كثر الضغط علينا, والضغط على إنجاز العمل, رغم أنه غير ضروري, ولكن طريقته في العمل هي الضغط والضغط, فأنا أعمل أحيانا إلى منتصف الليل, خوفا أن لا يكون عملي جاهزا, وأحيانا أضطر أن أشتري, وأخسر من مالي الخاص, حتى أتخلص من شدة الضغط علي.

للأسف إنتاجي أصبح كثيرا في العمل, ولكني أصبحت أضغط على من هم تحتي بطريقة تجعلهم يضجون مني, أو يضحكون علي, وأصبح العمل يرهقني كثيرا.

علما بأن هذا المدير لن يظل إلى الأبد, فهو لابد أن يترك العمل, بالكثير خلال عامين باعتباره أجنبيا فرنسي الجنسية.

الخلاصة:
1- كيف أتأقلم مع عملي والصعوبات العامة به.
2- كيف أتغلب على خوفي من هذا المدير المزعج ولا يعد يسبب لي الخوف.

هذا العمل مهم لي, فهو ذو راتب جيد, وأنا محتاج إليه بسبب الحالة المعيشية الصعبة التي عليها أهلي.

ولكم جزيل الشكر والتقدير على مساعدتي في تخطي هذه المشكلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ قاسم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فما أوضحته في رسالتك يمكن أن نلخصه في أنك افتقدت شيئا من القدرة على التكيف والتواؤم مع وضعك الوظيفي الحالي، وذلك لعدة أسباب:

1) كانت توقعاتك حول هذا العمل أنه أكثر راحة, وإسعادا لك، وهذا لم تجده.

2) المهام الوظيفية قد زادت, دون أي تحسين في الوضع المالي مثلا, أو المنافع التي تأتي من الوظيفة.

3) الصعوبة في التعامل مع المدير.

هذه أسباب واضحة, وهي التي أدت إلى عدم القدرة على التكيف مع الوضع الجديد.

الذي أود أن أوضحه لك -أيها الأخ الفاضل الكريم-: أن تعرف قيمة العمل، والعمل قيمة حقيقية لابد أن تقدر، والعمل الذي ليس فيه شيء من التحدي, والصعوبات, والتضحيات, يكون عملا مملا, ولا يطور الإنسان، هذه حقيقة -أيها الفاضل الكريم-.

ثانيا: أنت إن لم تكن أهلا لهذه الوظيفة لما وجدتها, نحن نعيش في عالم تنافسي جدا.

ثالثا: طريقة هذا العمل وهي أنك تكون على رأس الوظيفة لمدة شهر, ثم تكون في راحة لمدة شهر، طريقة جيدة, ونظام جيد جدا، وأنا أعرف الكثير من الزملاء -خاصة الذين يعملون في شركات النفط- يعملون على هذا النمط، وأنت كانت توقعاتك حسنة, ومتفائلة جدا، لكنك صدمت بالواقع, ولا أعرف الذي حدث بالضبط، فأنا أريدك أن تعيد الكرة، أن تعيد مشاعرك الأولى، وهي أن هذه الطريقة في العمل طريقة جيدة، واعرف من استثمر وقته في وقت الإجازة، هنالك من يقوم بعمل خاص، هنالك من ينضم للدراسات العليا، فحاول أن تكيف نفسك مع هذا الوضع، وانظر إلى إيجابياته أكثر مما تنظر إلى سلبياته.

رابعا: بالنسبة للتعامل مع المدير: المدير لا يمتلك الشركة، ولا أنت تمتلك الشركة، هذا عمل عام, لكل إنسان واجباته الوظيفية، نحن جميعا يجب أن نحترم علاقاتنا المهنية مهما كانت الظروف، والعلاقات الشخصية يجب أن لا تكون جزء من العلاقة المهنية حين تكون لي نظرة سلبية مع مديري أو غيره, أحترم نظم العمل، أصبر على ذلك، وأسعى إلى تطوير ذاتي, لا لأرضي المدير, إنما لإرضاء ذاتي.

وهنالك أمر آخر -أخي الكريم- وهو: أن المنظومة القيمية تتفاوت من إنسان لآخر، ونحن كثيرا ما نضطر أن نقبل الناس كما هم, لا كما نريد، وهذا هو الذي أنصحك به، وهذا الرجل سوف يذهب بعد عامين -كما ذكرت-، فحاول أن تستفيد من خبراته, ومن إيجابياته، انظر إليه بشيء من الإيجابية، وحاول أن تتغاضى عن سلبياته.

بالنسبة لك: أنت ذكرت أن إنتاجيتك قد تحسنت، لكن هذا كان على حساب من هم دونك في الوظيفة فأصبحت تضغط عليهم, على العكس تماما, هذا أمر إيجابي، اشرح لهم أنك لا تريد بهم سوء، أنك لا تضطهد أحدا، أنك تقدر كلا منهم، أن كل إنسان مهم في موقعه، حتى الفراش الذي ينظف مكان العمل هو إنسان هام, وهو جزء من فريق العمل, اشرح لهم ذلك, وقل لهم كل الذي نريده هو أن يتحسن إنتاجنا، أن نحس أننا أسرة مهنية واحدة, وافتح قلبك وصدرك, ووقتك لهم من أجل أن يعبروا عما بداخلهم, هذه هي روح الفريق, وهي المطلوبة، ومثل هذا المنهج في التعامل مع من هم أعلى منك, وأقل منك يعطيك الكثير من الصفات القيادية التي سوف تستفيد منها فيما بعد -إن شاء الله تعالى-.

أنت لست في حاجة إلى علاج دوائي، أرجو أن تأخذ بما ذكرته لك من إرشاد، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وعموما أنا أريدك أن تكون أكثر إيجابية، فمن الواضح أنك ذو مقدرات، والإنسان حين يكون إيجابيا في تفكيره يستطيع أن يتواكب, وأن يتواءم مع محيطه، وكما قال أحد الإخوة: الإنسان إذا عاش وسط الأسود يجب أن يتعلم كيف يعيش معها, الأمر لم يصل إلى هذا الحد، وأنت تعرف أهمية العمل، وأنا من جانبي أسأل الله لك التوفيق والسداد، وفي ذات الوقت أريدك أن تستثمر وقتك -فترة الإجازة- استثمارا صحيحا: القراءة، الاطلاع، التطوير المعرفي، ممارسة الرياضة، الدراسات العليا... هذا كله سوف يفيدك كثيرا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات