الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع الزميل المهمل الذي يحملني مهامه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على هذا الموقع الذي لطالما كان عونًا لي في أمور ديني.

أنا أعمل في مكان، وأحد الزملاء في العمل دائمًا يُثقل عليَّ بطلبات ليست من اختصاصي، وأحيانًا غير صحيحة، في بعض المرات، تكون طلباته بسبب تكاسل منه، وأحيانًا أخرى بسبب قلة خبرته، وأكثر من مرة عاتبته على انفراد، ولكنه نادراً ما يستجيب.

زملاء العمل الآخرون يتحملونه؛ لأنهم يظنون أنه لا يوجد أمل في تغييره، كما أنه يرتكب أخطاء متكررة قد تؤدي إلى مشاكل خطيرة، وذلك إما بسبب الإهمال أو التكاسل أو قلة الخبرة.

مؤخرًا، قام بمضايقتي بطلب فيه إهمال وتكاسل منه، فرفضت مساعدته، بعدها، فوجئت بمديري المباشر يخبرني أن زميلي تقدَّم بشكوى مكتوبة تجاهي، بالإضافة إلى شكويين سابقتين، وقد يترتب على ذلك ضرر كبير لي.

نصحني المدير بتقديم شكوى تتضمن بعضًا من أخطائه الجسيمة كوسيلة للدفاع عن نفسي، وقد فعلت ذلك في لحظة غضب، والآن، بعد أن هدأت، أشعر أنني سببت له أذىً كبيرًا قد يؤثر على مصيره المهني وأسرته، حيث إنه من الممكن أن يفقد عمله، يعلم الله أنني تحريت الصدق في شكواي قدر المستطاع، ولكن أيضًا يعلم الله أنني قدمتها بدافع الغضب لنفسي، وليس بدافع مصلحة العمل.

بالإضافة إلى ذلك، لم أتحقق من صدق المدير إن كان زميلي قد شكاني حقًا، إذ قد يكون المدير يتلاعب بي لإيقاع الضرر بزميلي، لذلك أشعر بالندم الشديد لأنني لم أستخِر الله قبل التصرف، أشعر بذنب كبير تجاه زميلي، وأخشى أن أكون قد ظلمته، وأرغب في التكفير عن هذا الذنب، وأطلب نصيحتكم فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الغضب مستقبلاً.

شكرًا جزيلًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الابن الكريم والأخ الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الحرص على الإنصاف والخير، والرغبة في المساعدة، ونتمنّى من الزميل أن يتجاوز هذه السلبيات، وأن يُراقب رب الأرض والسماوات، فإن الإنسان إذا عمل عملًا ينبغي أن يُتقنه، والإنسان ينبغي أن يتذكّر أن التقصير في العمل تطفيفٌ يُحاسب عليه بين يدي الله تبارك وتعالى.

أرجو ألَّا تُطيل الندم فيما حصل، وأرجو أن يكون هناك مجال للتصحيح ومساعدة هذا الأخ، وتفادي إلحاق الضرر الكبير به، وقطعًا سيلحقه ضرر، ولا بد أن ينتبه، لأن الذي يُقصّر لا بد أن يشعر أنه سيأتي اليوم الذي يُعاقب فيه.

أرجو ألّا تلوم نفسك وتجلد ذاتك، فما حدث قد حدث لأنه هو الذي بادر، وهو الذي قدّم الشكوى رغم إحسانك إليه، ومهما كان هذا المدير الذي أخبرك نمّاماً، فينبغي أن ينقل الخير، ويحاول أن يُقرّب بين الناس، ولكن على كل حال: البكاء على اللبن المسكوب لا يُجدي، وإذا نال هذا الأخ شيئاً من الضرر، فعلى نفسها جنت براقش، بسبب تقصيره المتكرر، ثم بسبب عدوانه.

إذا لم يصدق هذا الرجل في كلامه، فأرجو ألَّا يكون عليك من حرج؛ لأنك بنيت كلامك على إنسان مدير ومسؤول، وهو الذي سيبوء بإثم هذا الكذب، وسيُجازيه الله تبارك وتعالى على حسب نيته، وإن أراد الشر، فإنَّا نقول: (ولا يحيق المكر السيء إلَّا بأهله).

التكفير عن هذا يكون بالنصح والاستمرار في النصح لهذا الأخ، والتحري والتثبت عند سماع أي كلام في المستقبل، والتعوّذ بالله من الغضب ومن شروره وشرِّه.

نسأل الله أن يهدينا جميعًا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً