السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا سيدة عربية مقيمة بدوله قطر منذ أكثر من 20 سنة، تربيت ودرست فيها وتزوجت، وحاليا أعمل فيها والحمد لله.
مشكلتي أنني متزوجة منذ 8 سنوات تقريبا، ومنذ بداية الزواج وأنا في مشاكل لا يعملها إلا الله، غضبت كثيرا، وذهبت إلى بيت أهلي كثيرا، ويدخل بيننا المصلحون، ونرجع كما كنا وما هي إلا فترة قصيرة وتعود المشاكل، ومشاكلنا في أي شيء، فنحن مختلفون في كل شيء: في نوع الطعام، وفي تربيه الأولاد، في النزهات، في الأصدقاء، كل شيء نحن مختلفون فيه.
بالإضافة إلى أنه لا يحب أهلي، فإذا زارني أحد يظهر عليه أنه متضايق من وجودهم، وإذا سافرت إلى بلدي لا يرضى أن أعيش مع أهلي بل يجبرني أن أكون في بيت أهله، وإذا تحدثت في التلفون يشك ويسأل مع من أتكلم وأعطيه الجوال، ويبحث في الرسائل ويسأل ويسأل، وقد مللت من سوء ظنه بي فأنا أخاف الله والحمد لله.
إذا وجد تلفون المنزل مشغولا أو لا أرد عليه إذا كنت نائمة أو غيره يتصل بكل الناس ويسألهم عني، وأنني غير موجودة في المنزل، مشكلتي طويلة ولا أكذب عليكم أصبحت أكرهه إلى درجه كبيره جدا، دائما يهددني بأنه سيتزوج علي، وعندما أرد عليه يقول انه يمازحني، مللت مزاحه، تغيرت شخصيتي، فأنا أصبحت مختلفة عن قبل في كل شيء.
ليس لي أصدقاء؛ لأنه لا يحب معرفه الناس، فحسب كلامه معرفة الناس تسبب المشاكل، وإذا دعيت إلى مناسبة نسائية لا يتوقف هاتفي عن الرنين يطالبني بالعودة فورا، وإذا لم أرد عليه تصلني رسائل بالسب والشتم، والله مللت العيش معه، وأصبحت خشنة في معاملتي معه ومع أولادي،وأصبحت حزينة أغلب الأوقات لا أجد حلا لما أنا فيه، أخاف من الطلاق فليس لي عائل، فوالدي كبير في السن، وأنا أعمل وأنفق على أولادي ووالدتي، إضافة إلى مشاركتي في مصاريف مدارس أولادي والمنزل.
حاولت نصحه وإعطاءه فرصا كثيرة، لكن دون جدوى! أشعر بالتعاسة والملل، وأصبحت لا أحب أن يلمسني ولا يأتي بقربي، أخاف من حساب الله ومن عقابه، لكن أصبحت أكرهه وبشدة، أفيدوني فإن صدري في ضيق وهم، ماذا أفعل؟ هل أطلب الطلاق؟ أم ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الاولاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يفرج همك ويزيل كربك، وأن يصلح زوجك، ويديم الألفة والمحبة بينكما.
نحن نتفهم أيتها الأخت مدى الضيق الذي تشعرين به من سوء معاملة زوجك لك، ولكننا على ثقة أيتها الكريمة بأن كل مشكلة لها حل، وليس الحل فيما أنت فيه هو الطلاق، فإن الطلاق لن يخلصك من هم إلا ويوقعك فيما هو أشد منه، والله عز وجل قد أخبرنا في كتابه الكريم بأن الصلح بين الزوجين خير من الفراق، فقال سبحانه وتعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير}.
فبلا شك أيتها الكريمة أن بقاء الحياة الزوجية والحفاظ على الأسرة واستقرار الأبناء بين أبويهم خير وأنفع للزوجين وللأبناء.
والحياة الزوجية لا تخلو أبدا من مشكلات أيتها الكريمة، ولا تظني أبدا بأن هناك أسرة خالية من مشكلات بين الزوجين، إنما تتفاوت الأسر فقط في قدر هذه المشكلات، كما تتفاوت أيضا في قدرات الزوجين في التغلب على هذه المشكلات ومحاولة معالجتها قبل أن تتفاقم وتكبر.
ونحن نصيحتنا لك أيتها الكريمة أن تبحثي فعلا عن الأسباب النافعة المفيدة لعلاج هذه المشكلات الحاصلة بينك وبين زوجك. أول النصائح التي نوجهها لك أيتها الكريمة:
أن تحسني الظن بزوجك، وأن تحاولي تفسير بعض الأعمال التي يقوم بها تفسيرا إيجابيا، تبحثين فيه عن السبب الحقيقي الذي دفعه لمثل تلك التصرفات، وبهذا سيزول كثير من الوحشة بينك وبينه، وستزول النفرة التي تجدينها في قلبك منه.
فمتابعته بمكالماتك ومحاولة معرفته لكل من تتصلين به ينبغي لك أن لا تحمليها محملا سيئا، وأن تعرفي جيدا بأن هذا سببه الغيرة عليك والحرص عليك وحبه لك، وإذا فسرت هذه التصرفات بهذا التفسير فإنه سيهون عليك أن تتعاملي معها بما يؤدي إلى حلها وإنهائها، فحاولي أن تبعثي لزوجك برسائل الاطمئنان وأسباب ثقته فيك، وأن تكون أوراقك كلها مكشوفة له، لا تتحفظي على شيء يؤدي إلى إثارة الريبة عنده، وبهذا السلوك سيزول هذا التحسس من قبله، وسيخف هذا البحث المتتابع عندما تصل رسائل الطمأننة إليه.
ونحن على ثقة أيتها الكريمة بأن باعثه هو حرصه عليك والحفاظ عليك وعلى سلامتك وسمعتك ولا أكثر من ذلك، وهذه الغيرة محمودة ما لم تؤد إلى الإفراط والزيادة فيها، فإن الريبة أو الغيرة من غير ريبة أمر غير محمود، ولا ينبغي للزوج أن يقع فيه، ولكنه إذا وقع فيه ينبغي للزوجة أن تكون حكيمة محسنة في كيفية تخليص الزوج من هذا الشعور.
أما مخالفتك له في كل شيء فعلاجه سهل أيتها الكريمة، فينبغي أن تحاولي التغلب على نفسك قليلا، وأن تكوني مطيعة لزوجك بحيث تفعلين ما يريده منك، وإذا عودته هذا الأسلوب، فإنه سيجد نفسه في موقف يحرجه ويدعوه إلى أن يتنازل عن بعض رغباته وأهوائه ليوافقك، ولو على الأقل من باب رد المعروف بالمعروف، فكوني حريصة على أن تكوني حسنة التبعل وكثيرة التملك بزوجك والحرص على رضاه، وستجدينه يبادلك نفس المشاعر، واعلمي جيدا أن التصلب في هذه المواقف والحرص على تحقيق رغبتك لن يؤدي إلى حل المشكلات بينك وبينه، بل يزيده إصرارا على موقفه، ويزيد المشكلات تصلبا وتجذرا.
وأما مشاكله مع أهلك فإن البحث عن أسباب هذه المشكلة أمر قد يكون في غاية الأهمية لمعالجة هذه المشكلة، لكن من الأساليب النافعة في رفع النفرة بينه وبين أهلك أن تبلغيه عن أهلك دائما ما يسره ويفرحه، كأن تبلغيه سلامهم وسؤاله عنهم وحرصهم على سلامته وعافيته، ومدحهم له، وثناءهم عليه، ولو قدمت له هدية باسمهم فإن هذا أيضا سيكون نافعا في إزالة الوحشة من قلبه تجاههم، وفي المقابل ينبغي أن تفعلي ذلك أيضا مع أهلك من قبله، فتبلغيهم سؤاله عنهم وحرصه على الخير لهم، ولو قدمت هدية لهم باسمه فكذلك، وبهذه الطريقة ستوجدين ألفة ومحبة بين أهلك وبين زوجك.
نصيحتنا لك أيتها الكريمة أن تكوني دائما حريصة على كسب قلب زوجك، وكوني على ثقة دائما بأن تواضعك ولين جانبك وتنازلك عن بعض رغباتك سيكون سببا أكيدا في تحبيبك إلى قلب زوجك وتغيير تعامله معك.
نسأل الله أن يصلح لك شأنك كله.