السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من قرابة خمسة أشهر عانيت من متاعب في المعدة يصاحبها إسهال، بعد التحاليل والكشوفات تبين أني أعاني من القولون العصبي، في هذه الفترة تعبت ليس عضويا ولكن نفسيا، فالأعراض كانت غريبة، ولذلك كثيرا ما فكرت، وأيضا انتابتني نوبات هلع وخوف شديد، علما أن التعب لم يكن شديدا، لكن أعتقد أنه دخلني الوسواس وأكثرت من الاحتمالات والتردد على الأطباء.
لكن الغريب الآن ومنذ ما يقرب الأسبوع أصبحت أشعر بألم بالقفص الصدري من الجهة اليسرى ناحية القلب، وأحيانا تتسارع دقات قلبي، استفدت من تجربتي الكثير، ومنها التوكل على الله، ومحاوله ضبط الخوف، ولم أنجح بشكل كبير لكن الحمد لله.
كل مرة أشعر بالألم والنغزات يدخلني الخوف، في البداية كان الألم متفرقا، والآن متصلا ويمتد للرقبة واليد اليسرى مع تنمل بسيط بيدي.
أيضا: إذا اضطجعت على جنبي اليمين لأنام خمس دقائق تتسارع دقات قلبي حتى أستيقظ من النوم من شدتها، وإذا استيقظت على ظهري تبدأ تزول، الآن لا أستطيع النوم على جنبي اليسار، لأن العظام تؤلمني، وتتسارع دقات قلبي.
عملت تخطيطا وكشفا على القلب وكانت النتيجة سليمة ولله الحمد، لكن هذا الكشف كان وقت التعب الأول، والآن لم أذهب للطبيب لأن آخر كشف كان قبل حوالي شهر.
أستاذي الفاضل: سؤالي: هل هذا من أثر المخاوف ونوبات الهلع بالرغم أني أحاول ضبط نفسي وأنجح لكن أحيانا قليلة جدا أجدني أبكي بدون سبب؟! ولا زال الخوف مسيطرا علي لكن أخف من قبل خاصة الخوف من النوم.
هل أحتاج مراجعة طبيب والتشخيص من جديد؟ علما بأن نوبات الهلع لا تزال لكن بصورة أقل بقليل ولله الحمد، ولا زلت أنام عند أمي لأني أخاف أنام وحدي.
هل لا زلت أعاني من الوسواس والخوف مما يلزم أن أتناول دواء مضادا لهما؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا: هل قلبي سليم؟ أتمنى أن لا أعود للحالة السابقة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
واضح من كلامك عن آلام الصدر في الجهة اليسرى أنها من جدار الصدر وليست من القلب، فقد تم طمأنتك أن القلب سليم بالفحص وبتخطيط القلب، والألم يزيد عندما تنامين على جنبك الأيسر، ويزول عندما تنامين على ظهرك، وهذا ما يثبت أن الأمر ليس من القلب وإنما من جدار الصدر، وهذا يكون إما من عضلات الصدر، أو من المفاصل التي تصل الأضلاع مع الغضاريف الأمامية للصدر، وهذا قد يستمر لفترة ويتحسن مع المسكنات، وواضح أن هذه الآلام قد أثرت عليك كثيرا فأصبحت تخافين من النوم، والخوف من أن تنامي لوحدك.
على الرغم من طمأنة الطبيب الذي فحص القلب وأجرى تخطيطا للقلب لك من أن القلب سليم إلا أنك ما زلت تعاني من الوسواس ومن الخوف .
الأعراض التي عانيت منها في البداية كانت من القولون العصبي، وهو كما تعلمين اضطراب في وظيفة القولون، أي أن المرض ليس عضويا، بمعنى أن كل التحاليل والاختبارات طبيعية، والقولون العصبي مرتبط بشكل كبير بحالة الإنسان النفسية فتزداد الأعراض مع القلق والتوتر والخوف، وتخف الأعراض عندما يكون الإنسان مرتاحا من هذه النواحي.
على كل حال سأحيل سؤالك للأخ استشاري الأمراض النفسية لكي يساعدك بإذن الله بالتخلص من هذا الخوف والهلع والوساوس.
د. محمد حمودة .
================
وبعد إحالة الاستشارة على الدكتور النفسي / محمد عبد العليم أفاد بالتالي:
فإن حالتك هي واحدة من الحالات التي تسمى بالنفسوجسدية، وهذا يقصد به وجود أعراض جسدية، السبب فيها حالة نفسية، وهذه الحالات كثيرة ومنتشرة جدا.
المكون الأساسي لأعراضك من الناحية النفسية هو قلق المخاوف، وهذه علة نفسية منتشرة جدا، والقلق قد يأخذ صورا متعددة، منها ما يسمى بنوبات الهلع أو الهرع، وهذه قد حدثت لك، وضربات القلب المتسارعة والمتكررة، مع الشعور بالخوف وبدايات الوسوسة، هي علامة واضحة وفارقة جدا لأن نقول لك إن تشخيصك هو بالفعل قلق المخاوف، والذي نتج عنه بعض الأعراض الوسواسية.
محاولاتك جيدة لأن تضبطي هذه النوبات، ولكنها كثيرا ما تكون فوق طاقة الإنسان، وذلك لأنه يعتقد أن أحد العوامل التي تؤدي إليها هي اضطرابات بسيطة في كيمياء الدماغ، فهنالك مادة تعرف باسم سيروتونين حين يختلف أو يضطرب، يزيد أو ينقص إفرازها، ينتج عن ذلك هذه النوبات، ولا تعرف الأسباب الحقيقية وراء اضطراب هذه المادة الكيميائية، لكنه أمر بسيط وليس خطيرا، والحمد لله تعالى الآن توجد أدوية ممتازة جدا للتحكم في مثل هذه النوبات.
إذن أريدك أن تتفهمي حالتك أنها حالة بسيطة ليست خطيرة، قد تكون مزعجة بعض الشيء.
الأعراض الجسدية من أعراض للقولون وضيق في الصدر وتسارع في ضربات القلب وتنميل، هذه كلها ناتجة من القلق النفسي، والحالة بهذه الكيفية لا تحتاج لمراجعة أطباء الأمراض العضوية.
من المستحسن إذا قابلت طبيبا نفسيا يستطيع أن يقدم لك النصح والإرشاد، وذلك بعد المزيد من الاستقصاء والتفكر حول حالتك، هذا هو الوضع المثالي.
إذا لم يكن ذلك ممكنا –أي الذهاب إلى الطبيب– فإني أقول لك إنه توجد أدوية ممتازة، منها عقار يعرف تجاريا باسم سبرالكس ويعرف علميا باسم إستالوبرام هو الدواء المثالي لحالتك، وهو سليم، وفاعل، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، وفي معظم الدول لا يتطلب وصفة طبية.
جرعته التي تبدئين بها هي نصف حبة – أي خمسة مليجرام – تستمرين عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة – أي عشرة مليجرام – واستمري عليها لمدة شهرين، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى عشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم خفضيها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بجانب العلاج الدوائي: وجد أن تمارين الاسترخاء مفيدة جدا لتقليل حدة أو إجهاض هذه النوبات بشكل واضح، كما أن صرف الانتباه – وذلك من خلال تغيير نمط الحياة الاجتماعي – يفيد الإنسان كثيرا، خاصة إذا كان هنالك حرص على الاستفادة من الوقت.
حتى أجيب على أسئلتك الأخيرة بشكل واضح: فكما ذكرت لك، إذا قابلت الطبيب النفسي فهذا جيد، وقد أوضحنا لك التشخيص.
سؤالك: هل لا زلت أعاني من الوسواس والخوف مما يلزم أن أتناول دواء مضاد لهما؟ الجواب: نعم، وقد أوضحنا لك ذلك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.