السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجتي لها أخت في الخارج للعلاج، قامت بإرسال صورة لزوجها ولها على هاتف زوجتي! وبالقدر رأيت صورة زوج أختها في هاتف زوجتي، وأنكرت عليها وقلت لها هذا لا يجوز.
لم أتهمها بالخيانة، وردت علي أنا واثقة من نفسي، وكل أهلي -تقصد أهلها- رأوا الصورة، ولم ينكروا عليها.
وهي متعلقة بأختها، وأكثر خلافاتنا بسببها، غضبت زوجتي وذهبت إلى بيت أهلها من غير إذني، وعندي منها ولد وهي حامل .
أفيدوني نفع الله بكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مبارك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/ وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يجمع بينكما على خير، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يجنبكما الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – أقول لك: إن المسألة في الواقع بسيطة، ولا تقتضي أبدا بحال من الأحوال أن يصل الحد إلى أن تترك الزوجة بيتها، وأن تذهب إلى بيت أهلها، لأن هذا نوع من العجلة وعدم التأني، وتحميل الأمور ما لا تحتمل.
إن الأمر كان مجرد إنكار، وكان الأولى بالأخت الفاضلة – جزاها الله خيرا – أن تقول لك (إن هذا الأمر أنا لم أنتبه له، وإنني لم ألق بالا لصورة زوج أختي، وإنما أنا أركز على أختي فقط).
كان من الممكن أن يكون هناك رد ألطف من هذا، ولكن يبدو أن الشيطان قد استحوذ على زوجتك، وجعلها تثأر لنفسها بالإثم دون مراعاة للحق، والذي قلته أنت حقيقة أنت فيه على صواب، لأن مسألة أنها تكون تحتفظ بصورة لزوج أختها حتى وإن كان مع أختها، فإنه أمر يتنافى حقيقة مع غيرة الرجل المسلم.
كما أن زوج أختها لا يسمح لزوجته أن تحتفظ بصورة لك حتى وإن كنت مع زوجتك، فإن هذا الأمر كان ينبغي أن يكون بالمثل، ولكن يبدو أن زوجتك حسنة النية، ولم تر في الأمر من شيء، إلا أنه في الغالب هي لا تنظر ما دامت تحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فهي امرأة فيها خير.
هي لا تركز في الواقع على صورة زوج أختها، وإنما في الغالب هي تحتفظ بالصورة على اعتبار أنها جاءت جماعية، وإلا لو كانت صورة زوج أختها وحدها لكان من الممكن أن تنكر عليها إنكارا شديدا.
أما والصورة جماعية أو مشتركة فلعلها أرسلتها في الغالب كصورة موجودة عندها قديمة، وصورتها بالجوال ثم أرسلتها.
أرى أن الأمر حقيقة قد دخل فيه الشيطان، ونفخ فيه نفخا شديدا، حتى وصل الحال إلى أن تذهب الأخت وهي غاضبة إلى بيت أهلها.
أرى بارك الله فيك أن تذهب إلى والدها، وأن تتكلم معه، وأن تقول له بأن الأمر بسيط، ما كان يستحق منها أن تترك البيت، وأنا لم أتهمها بشيء، وإنما أنا قلت لها (ما كان ينبغي ذلك، ولا يجوز ذلك، لأن هذه المسائل من المسائل الشرعية، فالمرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى رجل غير زوجها أو محارمها، حتى وإن كان زوج أختها، كما أنه لا يجوز لي أن أنظر إلى ذلك، وأنا لم أتهمها بأنها تحتفظ بها لشيء في نفسها، وإنما قلت لها بأن الأولى أن لا تكون هذه الصورة بهذه الطريقة)
بين له أن هذه مسألة شرعية، وأنها مسألة بسيطة، وما كانت تقتضي بأن تقول بأني واثقة من نفسي وغير ذلك، لأني أثق فيها، وأعلم أن مثل هذه الأمور - بفضل الله تعالى - لن تؤثر فيها، وأنها ما احتفظت بالصورة لشيء في نفسها، وكان من الممكن أن يكون الرد على خلاف ذلك، وأنا ليست عندي مشكلة.
أرجو بقدر الاستطاعة أن تحاول أن تبدي نوعا من المرونة في هذا الأمر حتى لا تفقد زوجتك، لأن المرأة قد تكون على قدر من الرعونة والعزة بالإثم، فينفخ الشيطان في نفسها بأنك تتهمها وغير ذلك، وتكبر الأمور، رغم أنها لا تستحق ذلك كله.
من هنا أرى أن تحتوي الأمر أنت بنفسك أخي الكريم، وأن تبدي بأن الأمر بسيط، وأنه ما كان يقتضي ذلك، وأني ما أنكرت عليها متهما لها والعياذ بالله بالخيانة، ولكن بينت لها الحكم الشرعي، وما كان ينبغي لها ذلك.
حاول أن تتكلم مع أبيها، وأن تأتي زوجتك وأن تبين لها أن الدافع إلى ذلك غيرتك عليها وخوفك على الشرع من أن تخالف أمر الله تعالى، وأما الثقة فأنت تثق فيها ثقة مطلقة، وتعلم أنها على خير، وتعلم أنها تحب الله ورسوله، وأنها لن تفعل ما يغضب الله.
حاول أن تثني عليها بعض الثناء الذي يطيب خاطرها، وتعود المياه إلى مجاريها، لأني أرى أن هذه مسألة تافهة جدا، وهي لا تستحق بحال من الأحوال أن يكون بينكما خلاف عليها، لأنه لو أن الأخت أبدت بعض المرونة لهان الأمر وانتهى، حتى بصرف النظر عن كونها حامل أو لها ولد، حتى وإن لم يكن لها أولاد، فإن هذه مسألة بسيطة لا تقتضي بحال من الأحوال أن أجعلها سببا لفراق زوجتي أو الكلام عنها وحولها، أو وجود خلاف كهذا الخلاف.
أرى أن الأمر بسيط، وأرى أن تحاول أن تحتويه، وتذهب إلى ولي أمرها، وأن تبين له وجهة نظرك بأنك ما اتهمتها بشيء، ولم تتهمها بشيء بفضل الله، لأنك لا تعلم عنها إلا خيرا، ولكن فقط أنكرت هذا الأمر على اعتبار أن هذه من الغيرة، وأن هذا أيضا من الدين، وأنه لا يجوز لامرأة مسلمة أن تحتفظ بصورة رجل أجنبي عنها.
كما أنه لا يجوز لي أنا شخصيا أن أحتفظ مثلا بصورة أختها عندي، حتى وإن كان فيها زوج أختها، ولا يجوز أيضا لزوج أختها أن يحتفظ، لأن هذه عورة، خاصة إذا كانت الأخت مثلا مكشوفة الشعر أو مثلا على قدر من الزينة، أو الجمال، أو غير ذلك، فهذا قد يفسد قلب الرجل وقلب المرأة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تصف المرأة أختها لزوجها، فما بالك بالصورة؟! فإذا كنا قد نهينا عن الوصف الشفهي فما بالك بالصورة الحقيقية؟!
حاول أن تستميل قلبها، وأن تبدي لها نوعا من المرونة، وأن تبين لها أن هذه مسألة شرعية، وأنه ما ينبغي لك أن تغضبي، أو تخرجي من البيت، لأن خروجك من البيت بغير إذني أيضا مسألة أكبر مما فعلت، لأنه لا يجوز لامرأة أن تخرج من بيت زوجها بغير إذنه، فإن فعلت ذلك فهي ملعونة – عياذا بالله تعالى - .
أسأل الله أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يجمع بينكما على خير، وأن يصرف عنكما كيد شياطين الإنس والجن، وأوصيك بالدعاء لها أن يصلحها الله، لأن في صلاحها صلاح لك واستقرار لحياتك ولأولادك.
وفقكم الله لكل خير، وجمع بينكما على خير، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.