السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أنا أم لطفلين وحامل بشهري الثاني، ومنذ أن كنت بنتا كنت أعاني من هبوط الضغط، مثلا في أول أيام الدورة أو عند أي ألم شديد ينتابني، كألم الرأس الشديد، وفي الأماكن المغلقة الحارة تراني دائما حتى في البرد أحب أن أفتح النوافذ، وأن أشعر بالهواء البارد ينعش وجهي وأنفاسي.
استمرت هذه الأعراض إلى هذه اللحظة، حتى أنني لم أعد أتحمل الذهاب إلى المحلات والأسواق المغلقة، وأشعر وكأنه قد انقطع الأوكسجين فيها، ويبدأ العرق يتصبب من جبيني، فقط أريد أن أجلس، والهواء البارد يسلط على وجهي، رغم أن الجو صار باردا وبدون تكييف، إلا أني لا أقوى على الحر والجو المغلق المزدحم والمليء بالناس، حتى بالغرفة نفسها أضجر لو كثر فيها الناس! ولا أتحمل المكث فيها.
ما تشخيص حالتي؟ وهل هذا من الحمل؟ وهل من دواء لهذه الأعراض؟ وكيف أتعايش مع حالتي التي ستعزلني عن كثير من الفعاليات لو بقيت عندي؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/ وبعد،،،
فالذي يظهر لي أن حالتك لا علاقة لها بالحمل، وهي مجرد نوع من المصادفة أو الربط الإيحائي – كما يسمى – أنه تحدث لك نوبات الضيق هذه، والتي تتسم أيضا بوجود أعراض جسدية، وهذه الحالات تعتبر حالات نفسوجسدية، فأنت لديك رهاب من الأماكن المغلقة، وهو رهاب من درجة بسيطة، والحالة في مجملها حالة من حالات القلق، لكنها أيضا تحمل الطابع الوسواسي، وذلك نسبة لوجود النمطية والطقوسية، أي الروابط النفسية واضحة جدا.
أنت تحاولين أن تربطي الأمر مع الحمل، والربط ما بين الهواء البارد والراحة النفسية، وهذه أعتقد أنها كلها روابط ليست قائمة على أسس فسيولوجية حقيقية، إنما هو مجرد نوع من التطبع النفسي الذي جعلك تحسين بشيء من الارتياح، أو الضيق في ظروف معينة وأماكن معينة وأوضاع معينة.
مجمل الحديث أن الحالة قلقية، ومن أفضل طرق العلاج هي أن تواجهي، لأن التجنب والابتعاد يزيد دائما من القلق، فمثلا حاولي أبدا أن لا تتجنبي هذه الأماكن الحارة بالرغم من أنها غير مريحة، لكن اكسري حاجز التجنب، وفي حالة فتح النوافذ بالطبع لا داعي له أبدا.
الإنسان لا يمكن أن يغير من سلوكه وتطبعه إلا بأن يقوم بعمل ما هو مضاد، حتى وإن كان المضاد غير مريح، والذي أقصده أن الهدف المنشود في هذه الحالة هو العلاج، فحتى إن كانت هذه الأوضاع غير مريحة يجب أن تواجهيها وتتعودي عليها بالتدريج.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أقول لك نعم أنه توجد أدوية ممتازة جدا لعلاج قلق المخاوف الوسواسي من النوع الذي تعانين منه، لكن الإشكالية أنك حامل في الشهر الثاني، ففي هذه المرحلة من الحمل لا ننصح بتناول أي أدوية، فالدواء يمكن أن يتم تناوله بعد إكمال الشهر الرابع من الحمل، وأحبذ دائما أيضا أن يكون هنالك تنسيق مع طبيبة النساء والولادة.
من الأدوية الجيدة التي يمكن استعمالها عقار يعرف تجاريا باسم (زويركسات) ويعرف علميا باسم (باروكستين)، والجرعة المطلوبة هي عشرة مليجرام ليلا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراما (حبة كاملة) تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى نصف حبة لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.
أريد أن أؤكد مرة أخرى أن الدواء لا يمكن تناوله قبل اكتمال الشهر الرابع من الحمل، حتى وإن كانت هنالك ثوابت علمية كثيرة تدل أن هذا الدواء سليم أثناء الحمل، لكن هذا تحوط وأحد ضوابط الجودة المطلوبة في ممارسة الطب.
أرجو أن تعيشي حياتك بصورة عادية جدا، املئي فراغك، تواصلي اجتماعيا، وأقول لك أن حالتك بسيطة جدا.
في بعض الحالات – وإن كان هذا لا ينطبق على حالتك – تجد أن بعض الناس لا يتحملون الحر، ويفضلون دائما البرودة، هؤلاء ربما يكون لديهم زيادة نشاط في هرمون الغدة الدرقية، وهذه الحالات نادرة، ولا أعتقد أنها تنطبق عليك كما ذكرت لك، لكن سيكون من الأحوط أن تقومي بفحص مستوى هرمون الغدة الدرقية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.