أريد أساليب وطرقا لكيفية التكيف مع مرضي (العشى الليلي وقصر النظر)

0 568

السؤال

أنا شاب مصاب بمرض العشى الليلي، إضافة إلى ذلك أعاني من قصر شديد جدا بالعينين حيث إن نظري (بالنظارة ) العين اليمنى 24/6 ، واليسرى 36/6 هذا وأنا بالنظارة وبدون نظارة لا أدري لكنه قصير جدا جدا فتكون كل الصور "مغبشة".

لم أدع طبيبا ماهرا منذ أن كان عمري 6 سنوات إلا وذهبت إليه، والجميع أجمع على أن هذا المرض وراثي من أحد أجدادي حيث إني أنا الوحيد بين أخوتي المصاب بهذا المرض، لكن أخي نظره متوسط بدون نظارة ولكن نظره بالنظارة 6/6 المهم أني أنا الوحيد في كل عائلة أبي وأمي المصاب بالعشى الليلي ..

أبي كان في شبابه مصابا بالمياه البيضاء لكنه قبل بضعة سنوات عمل عملية وأزالها فلربما كان لها علاقة.

كذلك جميع الأطباء أجمعوا أن حالتي مستقرة من الولادة وأن عملية الليزر لا تنفعني لأن عيني لن تتحملها، وبعضهم قال لي: لو كان عندك مخروطية بالعين فممكن زرع عدسة داخل العين، لكن هذه العدسة وإن زرعتها فهي فقط مجرد بديل عن النظارة، ولن تقدم ولن تؤخر.

قبل شهر أتتني صفعة أخرى عندما أردت إجراء فحوصات شاملة لعلي أصل لنتيجة فاكتشفت أني مصاب بالعمى اللوني!

(إن عمى الألوان) بصراحة لا يهمني على اعتبار أن المريض به لا يميز فقط بين اللونين الأخضر والأحمر، لكني أخبرت القائم على الفحص أني أستطيع التمييز فلربما كان هناك خطأ ما فعمل لي فحصا آخرا وتأكدت إصابتي به.

الذي فهمته من حالتي بشأن العمى اللوني أني أرى اللونين الأحمر والأخضر، ولكن ليس كما يراه الأشخاص الطبيعيون، أي إذا أحضرت لي لونين أحمر وأخضر أستطيع أن أقول لك هذا أحمر وهذا أخضر، ولكن ليس كما تراه أنت.

المهم والأهم عندي العشى الليلي، ثم قصر النظر، ولا يهمني العمى اللوني أبدا فالعشى الليلي وقصر النظر حولا حياتي جحيما لا يطاق ... سببا لي العزلة والانطوائية وعدم المشاركة بالنشاطات الاجتماعية؛ لأنها بالغالب تكون ليلا، وأحرج أمام أصحابي عندما يقولون لي تعال معنا .. تعال نتفسح .. تعال للزيارة... تعال عندنا، فأضطر إلى اختلاق الأعذار، وأدركوا أن من طبيعتي أني لا أحب الفسح، ولا الزيارات، وأنا في الواقع أحب مثل هذه الأمور لكن ما باليد حيلة.

لا يوجد علاج لحالتي، كما أجمع الأطباء الذين ذهبت إليهم حتى بالخارج ...

لكن هذا قضاء الله وحكمته والصبر هو علاجي الوحيد ...

كل تلك الكلمات السابقة التي سطرتها لا أهدف منها للسؤال عن علاج، ولكن أريد منكم أساليب وطرقا حول كيف يمكن أن أتكيف مع هذا المرض على اعتبار أني بالغالب سأحيا عليه وسأموت عليه.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

قال تعالى: { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} صدق الله العظيم.

أخي العزيز الحل عندك هو الاعتقاد والإيمان أن كل ما يصيبنا من الله، وأن نؤمن بالله، وأن هذا المرض الذي أصابك هو من الله -جل جلاله- فعليك بالصبر والرضا بما قدره لك، وأن تعيش حياة طبيعية بكل ما فيها، فكم من فاقدي البصر كلية عاشوا ونبغوا وحصلوا حتى على الدكتوراه، ومنهم كذلك من كانوا أئمة في علوم الدين، وقد عاشوا في مجتمعاتهم حياة طبيعية، بل كانوا دعاة إلى الخير!

فعليك بنبذ هذه الأوهام، وعش حياتك كلها بتوكلك على الله.

وبالله التوفيق.

------------------------------
انتهت إجابة الدكتور عبد الله شحادة أخصائي العيون. / وتليها إجابة الدكتور محمد عبد العليم. المستشار النفسي.
-----------------------------
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

فإنا نؤكد لك أننا نقدر كل كلمة وردت في رسالتك، ونتعاطف معك ولا شك في ذلك، وفي ذات الوقت نريد أن نذكرك أنك لست في مصيبة بفضل الله تعالى.

الأمر يجب أن تنظر إليه من شقين:

أولا: أمر الابتلاءات وارد في الحياة، وهي تتفاوت في شدتها وفي تحمل الناس لها، وديننا الإسلام الحنيف لم يترك شاردة ولا ورادة في أمر الصبر والشكر والحمد على الابتلاء إلا أوضحه، ويستوقفني دائما أن اسم الصبور هو آخر اسم ورد في أسماء الله الحسنى، وهذا له معنى وله معنى بليغ جدا، وأقل ما فيه هي الإشارة الواضحة جدا لأهمية الصبر، والإيمان نصفان: نصفه صبر ونصفه الآخر شكر، وقد أعجبني إشاراتك الواضحة أنك متقبل تماما لهذا الابتلاء الذي أصبت به، فأنا مطمئن جدا أنك تحمل الشحنات والطاقات الإيمانية التي تجعلك تتواءم تماما مع وضعك الطبي الذي أنت فيه.

أما الناحية الأخرى – وهي مهمة جدا – أن الإنسان حين يكون مصابا بعلة ما مثل التي تعاني منها يكون جسده من الناحية التكوينية والفسيولوجية وحتى النفسية قد تهيأ تماما لأن يتقبل هذا الوضع. هذه حقيقة علمية يجب أن لا تستغربها أبدا.

فإذن صعوبات النظر التي لديك متوائمة تماما مع جهازك العصبي، وظائف الجسد الفسيولوجية، وحتى النفسية. بمعنى آخر –وهذا لا يوجد فيه أي مبالغة– أن نظرك إذا تحسن أكثر من ذلك ربما تواجه صعوبات جسدية في مناطق أخرى من جسدك. هذا الكلام لا مبالغة فيه أيها الابن الفاضل.

إذن التواؤم والانسجام ما بين جسدك وعلتك التي تعاني منها هو أمر مؤكد ومفروغ منه. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: لابد أن تفكر وتتأمل وتقارن ما تعاني منه أنت وما يعانيه آخرون، كم من أناس فقدوا أبصارهم تماما، كم من الناس أصيبوا بأورام وسرطانات في أعصاب العينين والدماغ؟! .. الأعداد كبيرة وكبيرة جدا. إذن أنت بفضل الله تعالى علتك مقارنة بما يعاني منه أشخاص آخرون أنت أفضل بفضل الله كثيرا.

ويجب أن ندرك دائما أن التحديات في الحياة والمصاعب وحتى المصائب هي زاد للإنسان من أجل الدافعية الإيجابية، وأن يحسن أداءه، وأن يكون له الإصرار على النجاح والتوفيق؛ فأنت أمامك فرصة طيبة - بل عظيمة - لأن تتخطى هذه العلة - والتي لا أسميها إعاقة - لتنطلق إلى آفاق جديدة وتنتصر لنفسك وتنتصر على هذه العلة.

الحقيقة الأخرى وهي مهمة جدا: أن العلم الآن قد تطور للدرجة التي جعلت حاجات الناس الجسدية والنفسية تقضى لدرجة كبيرة، قبل شهرين حضرت ورشة علمية ممتازة تتعلق بتعامل الذين فقدوا أبصارهم من المكفوفين كيفية مع الكمبيوتر وإرسال رسائلهم البريدية، وقد أعجبني كثيرا الذي شاهدته - بل هو رائع - وكنت لا أصدق أنه يمكن أن تكون هنالك إمكانيات مهولة بهذه الطريقة.

فهذه أيضا بشارة وبشارة كبيرة جدا، ويجب أن لا ننسى، أنت لست فاقدا البصر كاملا، هذه حقيقة، هذه نعمة عظيمة، فأرجو أن تتواءم وأرجو أن تتكيف مع وضعك، ولا تعامل نفسك كمعاق أبدا، عش حياتك بطولها وعرضها وكن فعالا في كل شيء، وهذا سوف يحترمه بقية الناس، بل يرفع إن شاء الله من شأنك في نظر الناس، وسوف يقدر هذا.

شاهدت في بعض الدول الأوروبية أن الذين يعانون من الإعاقات الجسدية الشديدة وتجدهم على الكراسي المتحركة لا يقبلون أبدا حين تساعده في فتح الباب إذا كان يريد أن يدخل متجرا مثلا، تجده يصر على فتحه لوحده، ويقوم بجمع ما يريد من المتجر بنفسه، هؤلاء أصروا وتخطوا تماما عللهم.

الرئيس الأمريكي (روزفولت) حكم العالم وهو جالس على كرسي، كان معاقا، وهذا لم يؤثر فيه أبدا، لم يتحمل فقط مسئوليته تجاه نفسه، إنما تحمل مسئولية أن يحكم دولة مثل أمريكا.

كن متفائلا، كن واثقا بنفسك، وأنا على ثقة تامة أنك إن شاء الله تعالى سوف تعيش حياة طيبة وهانئة، ولك إن شاء الله تعالى أجري الدنيا والآخرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات