السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي وعائلته في أمريكا، وابنته تبلغ من العمر 12 سنة، فاستشارتني ابنته أثناء تحاوري معها في مشكلة تواجهها في المجتمع والمدرسة.
فهي والحمد لله تحفظ القرآن وتواظب على الذهاب للدرس في المسجد، لكنها تقول هنالك تصرفات غير لائقة تحدث بين بعض زملائها في المدرسة: منها الاختلاط وسماع الأغاني... إلخ، وأعتقد أن هنالك أمورا أخرى ربما استحت ولم تذكرها لي،
وهي تلتقي فقط مع الطلبة الملتزمين دينيا مثلها.
وللعلم إنها في مدرسة إسلامية، وتقول كونها تنصرف عما يفعلون من أخطاء فهم يصفونها بالتخلف.
فكيف تتعامل مع من يصفها بالتخلف للأسباب المذكورة أعلاه؟
وفقكم الله وسدد خطاكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذا الإنسان كان متخلفا وعاريا من الثياب قليل الصواب حتى بعث الله الأنبياء، فجاءوا بالدين والفضائل، وصعدوا بالنفس البشرية إلى المعالي، ومن هنا فالإنسان يبتعد عن التخلف بمقدار تمسكه بآداب الشرع الحنيف الذي جاء بكل ما ترتاح له الفطرة والأذواق الرفيعة.
وهذا الدين لم يحرم شيئا إلا لمصلحة هذا الإنسان، فلا تستوحشوا من قلة السالكين ولا تنخدعوا بكثرة الهالكين، وتفكروا في حال من نجا كيف نجا؟ وابتعدوا عن سبيل من ضل وغوى وابتغ الهوى، وقد أحسن من قال:
إن الهوان هو الهوى قلب اسمه *** فإذا هويت فقد لقيت هوانا
وقد أسعدنا هذا التواصل مع الموقع، وأفرحنا حرصك على ابنة أختك، وهنيئا لها بك وهنيئا لك بها، ونتمنى أن يدوم تواصلك معها واهتمامك بها، ونسأل الله أن ينفع بك وبها البلاد والعباد.
وأرجو أن تعلم بناتي الفضليات أن هذه هي طبيعة الباطل وأهله، وقديما قال فرعون: (ذروني أقتل موسى) قيل له لماذا؟ فقال: (إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد)، وهكذا قال المفسدون لنبي الله لوط ولمن تبعه على العفاف والطهر والإيمان والخير: (أخرجوا آل لوط من قريتكم)، لماذا يا هؤلاء؟ قالوا: (إنهم أناس يتطهرون).
ولا يخفى عليكم أن هذا الدين بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، ولكن البشارة
(فطوبى للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس ويصلحون ما أفسد الناس).
وكم تمنينا أن يدرك أهل الطاعة أن أهل الباطل يحسدونكم على الرغم من ظهورهم وتميزهم، لأن أهل المعصية لا يستمتعون بمعاصيهم إلا كما يستمتع الجرب بحك الجرب.
أما أهل الطاعة فهم في لذة وفي حياة طيبة في الدنيا وفي البرزخ ويوم القيامة، وقديما قال الله على لسان نبيه نوح عليه السلام: (إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون، فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم) سورة هود ( 38-39 ).
فهنيئا لها ولك بهذا التميز، ونسأل الله أن يرزقنا جميعا السداد والثبات.
وهذه وصيتي لك ولها بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يحفظ شبابنا وفتياتنا وأن يجعلهم دعاة لهذا الدين العظيم.
وبالله التوفيق والسداد.