السؤال
السلام عليكم ورحمة والله وبركاته
أنا تزوجت منذ 3 أشهر ولله الحمد، وقبل أن أتعرف على زوجي كنت بفضل من الله محافظة على القيام والصيام، حتى إني كنت أقوم كل ليلة بجزء، وكنت أتمنى أن يرزقني الله زوجا صالحا يساعدني، والحمد لله رزقني الله زوجا ذا دين وخلق، لكن أسلوبه في التعامل والنصيحة أسلوب استفزازي، وكل يوم حالي يسوء لأكثر قبلما أنام أظل أراجع في نفسي وأتمنى أن أرجع مثل قبل، وأن أرجع من هذه الدوامة.
أنا واجهت معه صعوبات، وتلقيت منه طعنات، وإساءات الظن، والتعصب لأتفه الأسباب، مع أني لا أنكر أنه كثيرا ما يتأسف، لكن أعتقد أنه بطبعة هكذا فنحن من بيئتين مختلفتين تماما، وأحيانا يلومني، ويسبني بأهلي لأنهم ليسوا على قدر الالتزام مثل أهله، وهذا يتعبني كثيرا.
أنا الآن أسألكم أن تساعدوني وتقدموا لي النصائح، حتى أرجع مثلما كنت، وحتى أثبت على ديني، لكي أستطيع مواجهة الصعوبات، وعض البصر عن أفكار وأفعال زوجي، وأتمنى لو تقدموا لي بعض النصائح حتى أستطيع أن أصده عن طعني في كل مشكلة تحصل بيننا، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم مصطفى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يزيدك صلاحا وهدى واستقامة، وأن يعيد إليك ما كنت عليه من حسن الصلة بالله تعالى وصدق التوكل عليه وإخلاص العبادة له. كما نسأله جل وعلا أن يصلح لك زوجك، وأن يجعله عليك بردا وسلاما، وأن يغير طبعه إلى أحسن حال حتى يعاملك بالمعروف والحسنى، وأن يجعله عونا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا يخفى عليك أن الدنيا إنما هي دار ابتلاء وامتحان واختبار، وأعتقد أن هذا لا يخفى عليك حيث قال الله تبارك وتعالى: {ونبلوكم الشر والخير فتنة}، فالله تبارك وتعالى ذكر لنا الابتلاء مع الصابرين أكثر من غيرهم، وهذا ما عبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على قدر دينه، فمن قوي إيمانه اشتد بلاؤه، ومن ضعف إيمانه خف بلاؤه)، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه حتى يوافى بذنبه كاملا يوم القيامة)، وقال - صلى الله عليه وسلم – أيضا: (من يرد الله به خيرا يصب منه).
الابتلاء سنة الله تبارك وتعالى مع الخلق جميعا، ولكن نصيب الصالحين من عباد الله تعالى أكثر وأوسع من غيرهم، وأنت ولله الحمد والمنة قد من الله تبارك وتعالى عليك بنعمة الاستقامة على الدين منذ فترة، ونسأل الله أن يثبتنا وإياك على ذلك، وأن يتوفانا وإياك وجميع المسلمين والمسلمات على ذلك، ولكن شاء الله تبارك وتعالى أن يجعل ابتلاءك واختبارك وامتحانك في زوجك، فالابتلاء قد يكون في الصحة، وقد يكون في المال، وقد يكون في الولد، قد يكون في النفس، وقد يكون في الزوج، وقد يكون في الوالدين، وقد يكون في الإخوان، وقد يكون في الأرحام، وقد يكون في الدين، فهذا ابتلاء، وقد قدر الله تبارك وتعالى أن يجعل ابتلاءك في زوجك، وهذا الابتلاء ليس له من حل إلا الآتي:
الأمر الأول: الصبر الجميل، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا أحب الله عبدا ابتلاه، فمن رضي فله الرضا)، إذن عليك بالصبر الجميل، وحسن الظن بالله تعالى، وأن تتحملي، لأن هذا ابتلاء من الله عز وجل، وهي فترة وسوف تنتهي بإذن الله تعالى.
الأمر الثاني: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يصلح لك زوجك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) وقال أيضا: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء).
عليك بالدعاء والاجتهاد فيه قدر استطاعتك خاصة في جوف الليل، أن يصلح الله لك زوجك، كما أصلح زوجة زكريا عليه السلام، فإن الله قادر بدعائك وبكاءك وإخباتك وإنابتك إليه أن يصلح لك زوجك، فعليك – ابنتي الكريمة الفاضلة – بالدعاء والإلحاح على الله تعالى والإكثار من ذلك.
الأمر الثالث: أتمنى أن تكون هنالك جلسة حوارية بينك وبين زوجك، وأن تفضي له بهمومك، وأن تبيني له ما يحزنك، سواء كان من ناحية ضعف مستواك الإيماني، أو من ناحية الآلام النفسية التي يسببها لك بكلامه الفظ الغليظ القاسي.
حاولي أن تواجهيه، وقبل أن تواجهيه لا مانع من الاستعانة بالله تبارك وتعالى بصلاة ركعتين بنية قضاء الحاجة، وأن يصلح الله ما بينك وبين زوجك، وأن يجعل كلامك خفيفا عليه، وأن يرزقه حسن الرد، ثم اجلسي معه، وقولي له (زوجي العزيز: نحن تزوجنا على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم – وأنت اخترتني لما تراه من دين، وأنا اخترتك كذلك لأن صفاتك هي الصفات التي نص عليها النبي - صلى الله عليه وسلم – ولكني أرى أن هناك خلافا في بعض الطباع والسلوكيات، هذه الخلافات أصبحت تزعجني، أنا أريد أن أكون لك كما أراد الله سبحانه وتعالى وكما أراد النبي عليه الصلاة والسلام، وأريد أيضا أن تكون لي كذلك، ولكني أشعر بأن الذي بيننا يكاد أن يباعد بيننا وبين الرسالة التي من أجلها أسسنا هذه الأسرة، فأنا الآن أشعر بنوع من الألم ونوع من الحزن، وأتمنى منك أن تراعي ظروفي وأحوالي، وأن تجتهد في إكرامي والإحسان إلي كما أوصاك الله تبارك وتعالى وكما أوصاك النبي - صلى الله عليه وسلم – أنا لا أريد منك إلا الشرع).
عليك بهذا الكلام وحاولي، إذا لم تستطيعي من خلال هذه الأشياء، فمن الممكن أن تطلبي عبدا صالحا من الملتزمين يتدخل بينك وبين زوجك، لأن بهذه الطريقة تصبح الحياة عقوبة ويصبح من الصعب ضمان أنها ستستمر إلى فترة طويلة، لأن هذه أشبه ما تكون بالقنابل الموقوتة التي قد تنفجر في أي لحظة من اللحظات، وتأكل الأخضر واليابس.
بناء على ذلك أقول:
إذا انصاع لك زوجك، وحاول أن يغير من أسلوبه وبطريقته فأعتقد أنك بذلك سوف تنجحين نجاحا عظيما، وسوف تحل هذه المشاكل بإذن الله تعالى.
أما إذا أصر زوجك على ما هو عليه فاطلبي أحدا من الصالحين تحتكما إليه، واعرضا عليه المواقف (مواقفك ومواقف زوجك) واطلبي منه أن يفصل بينكما.
بهذه الطريقة أعتقد أننا إن شاء الله تعالى سنصل إلى حل مناسب وميسور.
أتمنى بارك الله فيك أن تلتزمي بذلك، لكن أوصيك بالصبر الجميل قدر الاستطاعة، مع الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى، وأضيف إلى ما ذكرت: الإكثار من الاستغفار، على اعتبار أنه من عوامل الاستقرار، وكذلك الإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بنية أن يصلح الله ما بينك وبين زوجك، ونحن هنا في الموقع أيضا مع إخوانك القائمين على أمر هذا الموقع ندعو الله تعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يرزقكما الأمن والأمان والاستقرار والسعادة، وأن يذهب عنكم هذه المشاكل وتلك الصعوبات، وأن يجعل حياتكما آمنة مطمئنة، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.