السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في حيرة من أمري، فجسمي نحيف جدا جدا، ولا يقبل الزيادة وأجريت جميع التحاليل، ولا يوجد سبب.
سؤالي: هل يستطيع الجن العاشق إحداث مرض عضوي يكون على أثره إجراء عملية جراحية كبيرة؟ وكيف أتأكد من خروج الجن العاشق والعين؟
قد استعنت بأحد المشايخ المعالجين الثقات، وأجرى لي ثلاث جلسات لعمل الرقية الشرعية، ودهنت جسمي بزيت الزيتون المقروء عليه سورة البقرة، وقال لي إن الجن قد أحرق، ولكني ما زلت تعبانة.
أحيانا أشعر بالخوف ليلا، وأحيانا أبكي وأشعر أني مخنوقة، وأحيانا أحلم أحلاما مزعجة.
أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرا، ونفع بكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه لسيرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، كما نسأله تبارك وتعالى أن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يلبسك ثوب العافية، إنه جواد كريم، ونسأله جل جلاله أن يجزيك خيرا على صبرك، وأن يعينك على التخلص من هذه الاعتداءات الغاشمة التي تقع على بدنك وعلى نفسيتك، وأن يعوضك خيرا في الدنيا والآخرة.
بخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – من أن جسمك نحيف جدا جدا كما ذكرت، ولا يقبل الزيادة، وقد أجريت جميع التحاليل الطبية، وتبين أنه ليس لديك أي مرض عضوي، وتسألين: هل يستطيع الجن العاشق أن يفعل شيئا مثل هذا أو غيره، خاصة وأنك قد تم علاجك، إلا أنك ما زلت تشعرين ببعض الأعراض الموجودة في جسدك إلى الآن.
أقول لك أختي الكريمة الفاضلة: أولا أحمد الله أن شرح صدرك للأخذ بالأسباب، لأن الله تبارك وتعالى أمرنا بأن نأخذ بالأسباب في كل شيء، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بالتداوي والعلاج، فقال: (تداووا عباد الله ولا تتداووا بمحرم) وقال أيضا: (تداووا عباد الله فإن الله ما خلق داء إلا خلق له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - .
كونك تبحثين عن الأسباب هذا نوع من الشرع، ولا يتعارض مع الدين، بل إن الشرع يؤيده.
أما عن استطاعة الجن العاشق أن يحدث بعض الأمراض، فالجواب نعم، وأنا لا أعتقد أنه جني عاشق من خلال ما ورد في رسالتك، وإنما هذا جني خادم سحر.
الجن العاشق أو خادم السحر، مما لا شك فيه من أخطر أنواع التلبس، إلا أن خادم السحر عادة ما يكون أمره ليس بيده، وإنما يكون بيد الساحر، والساحر هو الذي يغذيه دائما بمقويات من عنده، بأن يضاعف عليه الجرعات، وأن يزيد في سحره، وأن يكثر من النفث فيه، حتى لا تتحسن الحالة، والجن خادم السحر أو غيره، هذا متوقف أساسا على قدرة هذا الجن، فهناك نوع من الجن يسمى بالجن المارد، وهذا المارد هو الذي يحدث أذى كثيرا بالأجساد، وقد يفعل أشياء يتصورها الإنسان أو لا يتصورها.
المشكل الكبير أنه يتحمل أكبر قدر ممكن من القراءة والعلاج، وأنه ينخنس انخناسا عجيبا، وأنه يتقوى كلما تركت القراءة يعود إلى القوة مرة أخرى، خاصة إذا لم يتم التخلص منه نهائيا.
أحيانا قد يكون في الجسد أكثر من جني، والذين يتأثرون بالقراءة يخرجون، أما بعضهم فكما ذكرت قد يكون ماردا، فيتحمل فترة أطول من الزمن، وبالتالي قد يظهر للمعالج أنه قد خرج، ولكن في الواقع هو يكون قد انخنس انخناسا شديدا، وتراوغ كما يروغ الثعلب في الجسد، أو قد يخرج أحيانا ويترك الجسد، ويظل القارئ يقرأ إلى فترة طويلة، ولا يتبين له شيء، فيقول بأن الحالة قد شفيت وأن الله قد عافاها، ثم يرجع هذا المارد مرة أخرى إلى الجسد، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه بل أسوأ.
لذلك الأمر يحتاج بارك الله فيك إلى مواصلة القراءة بانتظام لفترة طويلة، وأن تكون القراءة مكثفة ومطولة، لأن الجني إشكاله أنه عندما تبدأ القراءة يقاوم ويظل يقاوم، ويقاوم ويقاوم إلى فترة من الزمن، ثم بعد ذلك يعلن أمام الراقي توبته أحيانا، أو يعلن خروجه من الجسد، في حين أنه لم يفعل ذلك، وإنما فقط أراد أن يخفف عن نفسه الضغوطات التي يتعرض لها من جراء القراءة، خاصة دهن الجسم بالزيت المقروء عليه، وكذلك أيضا الماء المقروء عليه، ودهن فتحات الجسد بالمسك، هذه كلها مدمرات قوية بالنسبة للجن المعتدي على الإنسان.
إلا أنه كما ذكرت أحيانا قد ينخنس، ويظل يقاوم ويقاوم ويقاوم، وبعد فترة الشيخ يتعب من القراءة فيتوقف، فيبدأ الجن بعد ذلك نتيجة أنه يشاركك في الأكل والشرب والتنفس وكل شيء، يبدأ يقوى بعد ذلك ويعود إلى ما كان عليه.
يكون العلاج في مثل هذه الحالات الصعبة بالقراءة الطويلة المكثفة، بمعنى أن تقرأ على الحالة مثلا خمس ساعات سبع ساعات عشر ساعات، ولذلك بعض الإخوة المعالجين أحيانا يجند أكثر من أخ للقراءة بالتناوب، أو أحيانا يقرءون مع بعض، حتى تبرأ الحالة تماما.
أنا أعرف حالات كانت في غاية المشقة كحالتك هذه، ولكن مع تكثيف القراءة لمدة عشر ساعات خمسة عشر ساعة، والأخ يقرأ ساعة ساعتين ثلاث ساعات، ويناوبه آخر، وبذلك لا تعطى فرصة للجن أن يخرج من الجسد إلا منتهيا، قد يحرقه، قد يقتل، إلى غير ذلك مما هو معلوم.
أرى بارك الله فيك أن تحاولي مرة أخرى الرجوع إلى هذا المعالج أو الراقي، وأن تطلبي منه قراءة مطولة، وإذا لم يتيسر له ذلك فابحثي عن غيره من الرقاة الثقات أيضا، لعل الله تبارك وتعالى جعل الشفاء في يد غيره، فالرقاة كالأطباء، بعض الأطباء يكون مشهورا ولكن لم يشأ الله تعالى أن يجعل الشفاء على يده، ولكن يجعله على يد طبيب آخر مثلا مغمور أو طبيب حديث التخرج.
بارك الله فيك، حاولي مرة أخرى، عسى الله تبارك وتعالى أن يعافيك، وثقي يقينا من أن علاجك بإذن الله تعالى في الرقية الشرعية التي هي كلام الله تعالى وكلام نبيه - صلى الله عليه وسلم - .
ليس أمامنا حقيقة من خيار أمام هذا الأمر إلا بالرقية الشرعية، لأن علاج السحر وغيره يكون إما باستخراج السحر نفسه، وهذا لا يكون إلا عن طريق أن الجني يخبر بمكان السحر، أو أن الساحر يعود إليه قلبه فيحاول أن يتخلص من السحر رحمة بالحالة، خاصة إذا كان قريبا منها، وهذا طبعا يسمى بالنشرة، وإما أن يكون عن طريق الرقية الشرعية، والرقية الشرعية ما دامت متاحة فأنا أرى أن تواصلي بارك الله فيك.
بالنسبة لهذه الأعراض التي ذكرتها: أعتقد أنه إذا كان الجن قد خرج فقد يكون هذا من آثار الجن القديم، وقد تزول - إن شاء الله – مع مواصلة القراءة العادية، والرقية العادية والدهان بالزيت المقروء عليه.
قد يكون الجن مازال موجودا، ولذلك كما ذكرت علاج ذلك كله في معاودة الرقية الشرعية، والصبر عليها، ومحاولة الاجتهاد في أن تكون مدة القراءة طويلة، حتى نستطيع بإذن الله تعالى أن نقضي على الجن ولا نعطيه فرصة أن ينخنس في أي وقت من الأوقات.
أبشري بفرج من الله قريب.
هذا وبالله التوفيق.