السؤال
أنا امرأة حساسة جدا، وعاطفية جدا، ومتزوجة من زوج لا يعترف بالعاطفة والحنان والرومانسية بين الزوجين، وهو مهمل لي جدا عندما أمرض لا يعالجني، وكلما أتحدث معه يعالجني يرد بالسكوت، أو اتهامي بالتقصير بنفسي، أو مغالطتي، أو بالصياح، وهو وضعه المادي سيء، لكن هناك مستشفيات مجانية، فيقول هي ليست نظيفة، وعندما أقول له: أذهب بي لعيادة خاصة فيقول: ليس عندي مال.
نحن علي هذا الحال منذ 10 سنوات إلي الآن إلي إن أصبت بمرض الاكتئاب والقلق، وخصوصا أني بغربة.
لغته ليست لغتي، أتمني كلمات الحب منه، ولكنه دائما يتعذر، أو يصيح علي أو يقول احمدي الله غيرك يتمنين الزواج، وهو دائم الانشغال عني بالنت وبالأخبار، والتلفاز، والهاتف من أول ما يرجع للبيت من العمل إلى أن ينام بالليل.
يحب أن ينام لوحده، وأنا أنام مع أولادي، ولولا أني أخاف الله لتعلقت بأي رجل يسمعني كلمات الحب التي أنا محرومة منها، مترددة لا أستطيع تركه بسبب أولادي، ومستقبلي مجهول، أخاف من العيش لوحدي، ولا استطيع الجلوس معه، وهو دائم الانتقاد لي بشكل كبير، ولا يهديني أي هديه ولو أهديته أي شيء يرفضه بغلظة وكلام جارح.
أفيدوني، جزاكم الله خير، ماذا أعمل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نادية محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بالنسبة لمشكلتك فأنت تعانين -كما ذكرت في استشارتك- من تقصير زوجك معك ماديا وعاطفيا، وأنا أقدر الوضعية التي أنت فيها, إذ أن الحاجة إلى الإشباع العاطفي للإنسان -خاصة المرأة- شيء مهم جدا، وكذلك الحاجة للمال والنفقة، ولكن هذا لا يبرر لك عدم التعايش مع هذا الزوج، بل عليك التعامل مع الأمر الواقع بحكمة، فبإمكان الزوجة الذكية أن تعالج بعض الصفات السلبية في زوجها لتتمكن من متابعة حياتها الزوجية معه برضا وقناعة.
أختي الفاضلة، إن الأمر يحتاج منك إلى صبر وذكاء، ولكي تطمئني وتصفو نفسك وترتاح، حاولي أن تتعاملي معه بالطريقة التالية:
* إذا اكتشفت أنه بخيل لا تشعريه بذلك، بل ابحثي عن السبب الرئيسي وراء بخله، ثم حاولي إيجاد حل مناسب يرضيكما.
* امتدحي بين وقت وآخر صفة الكرم التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم, وكيف أنه كان يربي عليها أصحابه.
* اشعري زوجك باحتقارك الشديد للمال، وأنه يجلب الشقاء لأصحابه.
* اذكري بين الحين والآخر تعاليم ديننا، وبأن البخل مرفوض, كما أن التبذير مرفوض تماما.
* قارني أمامه بين البخل والتبذير, وشجعيه على الاقتصاد في المصروف ضمن الحدود المتعارف عليها.
* لا تتذمري من بخله, ولا تشعريه باشمئزازك من بخله, بل تحدثي عن كرمه, وأثني عليه أمام الناس لكي تشجعيه على الابتعاد عن البخل.
* اجعليه يدرك مدى السعادة الداخلية التي تشعرين بها والأولاد عندما يشتري لكم احتياجاتكم.
أما بالنسبة لبخله العاطفي -وهذا الأهم- فالمال قد يأتي ويذهب، أما الحب والحنان والمودة والرحمة فهي الباقية والدائمة في الحياة الزوجية، وهي التي يقوم عليها أساس الحياة، والمرأة الذكية ـ أختي السائلة ـ هي التي تعرف جيدا أن عدم حب زوجها لها لا يعني نهاية المشوار، ولا استحالة ولادة الحب من جديد.
المرأة الذكية هي التي تستغل الحزن والقهر الموجودين بداخلها كطاقة هائلة لزرع شجرة حب رائعة بدلا من البقاء صامتة وسلبية ومتقوقعة على ذاتها، ومستسلمة لتلك الصدمة, تاركة الحزن يأكل قلبها، لا أريدك أن تيأسي فالأمل موجود، ولكن قد تمر بالإنسان ظروف صعبة أحيانا أو حالات ملل، فهنا مطلوب منك التجديد, والتغيير في الأسلوب والمعاملة، وخاصة أنك في بلاد الغربة, فحاجة زوجك لك أكثر من أي شيء ثان.
لا تتركيه يجلس وحيدا، حاولي أن تتقربي منه أكثر، أعطيه أنت من الكلمات والنظرات واللمسات فهذا زوجك، وكل مرة غيري طريقة تعاملك معه حتى لا يمل.
وهناك خطوات -أختي الفاضلة- تساعدك وتعينك في إثراء الحب والمودة بينكما:
– شاركي زوجك بعض همومه واهتماماته, واعرضي عليه استعدادك لمساعدته في إنجاز بعض ما يهمه.
- حاولي تخصيص مساحة أكبر للجلوس, والحديث معه، حتى تعطي للعلاقة الزوجية عمقها ومعناها الحقيقي.
- أظهري مدى سعادتك عند قيامه بمساعدتك في أمر ما.
- الإعلان عن حبك له بالكلمات والعبارات العاطفية حتى يعتاد سماعها.
- كوني ذكية في تعاملك مع زوجك، فالزوجة الذكية هي التي تبقي شعلة الحب مشتعلة في بيتها، وأواصر العاطفة متأججة دائما مع زوجها.
- احرصي على التجديد في البيت في ملابسك، وعطرك, وزينتك بما يضفي على البيت مناخا من البهجة، والسعادة ويجعله مرفأ لزوجك يرسو إليه, ويأنس إليه, ويستريح فيه.
- احذري من التذمر المستمر من كل نقص ترينه في البيت, والشكوى من كثرة الأعمال التي تؤدينها، فتذمرك المستمر يجعل زوجك ييأس من رضاك فلا يحرص عليه.
- كذلك من العوامل التي لا بد من العناية بها أن إهمال الزوجة لنفسها في مظهرها وزينتها ورائحتها معول هدم للحب والألفة، والتقارب بين الزوجين, فالمرأة الفطنة هي من تحرص على أن لا يشم منها زوجها إلا ما يحب, وأن يراها بشكل يسره ويبهجه.
- أكثري من دعاء الله تبارك وتعالى أن يحببك إلى زوجك، وأن يحبب زوجك إليك، فمن صفات المؤمنين التي ذكرها الله لنا في معرض المدح: ((والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما)) (الفرقان:74). فهم ينشدون السعادة في أزواجهم وأولادهم، ويسألونها من القادر عليها سبحانه وتعالى.
لا تنسي أن تعيشي مع زوجك بعض الوقت بعيدا عن شخصية الأب والأم، بل بشخصية الزوج والزوجة, والحبيب والحبيبة، فهذه الأوقات تعين بالتأكيد على القيام بدوركما على أكمل وجه.
أختي الفاضلة, لا أريدك أن تيأسي، اتركي باب الأمل مفتوحا، وتيقني أن زوجك يحتاج إلى رعاية خاصة, شعارها الصبر والتحمل, دون اللجوء إلى التذمر والشكوى، وبإذن الله تعالى تكونين سببا في تغيير زوجك.
وبالله التوفيق.