أنا رجل فهل يجوز أن أدعو النساء باللغات الأجنبية إلى الإسلام؟

0 624

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

في فترة مضت دخلت إلى غرفة دردشة أجنبية، وكان غالبية روادها من دولة الصين، فكنت أتحدث فيها مع من أجده هناك باللغة الإنجليزية في مواضيع لا تضر ولا تنفع، وكان كثير من هؤلاء الصينين يرسلوا لي طلبات كثيرة للإضافة بغرض الصداقة في بعض الأحيان، وبغرض تعلم اللغة الإنجليزية في كثير من الأحيان، مع العلم أن منهم الشباب والشابات.

أغلبهم طلبة جامعيين في سني أو أكبر أو أصغر بقليل، ومع الأيام قويت صداقتنا ثم سألت نفسي: ماذا سأستفيد من صداقتهم في آخر المطاف؟! الجواب طبعا لا شيء!

فقررت أن أدعوهم للإسلام عسى أن يهدي الله بي رجلا فأكسب الأجر، ويكسبون الهداية، وقد بدأوا يتجاوبون معي بعض الشيء، مع العلم أن منهم البوذي، ومنهم من لا دين له.

وأنا أحدثهم عن الإسلام كل ما سنحت الفرصة، فأنا لا أحدثهم عن الإسلام في كل مرة خشية أن ينفروا ويفروا.

وسؤالي هو: عن دعوة الفتيات منهم للإسلام، هل يجوز أن أحدثهن وأدعوهن للإسلام؟ مع العلم أن الحديث عن الإسلام لا يكون في كل الأحيان كما ذكرت سابقا؟

وأنا قرأت في هذا الموقع المبارك أنه يجب علي ترك مهمة دعوة النساء لأمثالهن من النساء، ولكن من أين أجد امرأة داعية لدعوتهن؟

وإن وجد فالدعوة تحتاج بجانب المعرفة الدينية - بالطبع- تحتاج إلى أن تتعامل وتعرف من تدعوه قبل أن تدعوه.

والآن هل أواصل في دعوتهن عسى أن يهديهن الله إلى الإسلام أم أتركهن وأتوكل على الله فهو المدبر الحكيم يهدي من يشاء وإن كان يعيش في بلاد الظلام ويضل من يشاء وإن كان في بلاد النور؟

وأشكر كل القائمين على هذا الموقع المبارك، وأدعو الله أن يجعله في ميزان حسناتكم، والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abd Al Rahaman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نشكر لك ابني الكريم هذا الحرص على التواصل مع الأمم الأخرى، واستخدام هذه المهارة وهذه التقنية المتاحة فيما يرضي الله تبارك وتعالى، وأحمد الله الذي هداك إلى هذا الخير، وجعلك ممن ينشر دين الله تبارك وتعالى، ويمثل جمال وكمال هذا الدين، فإن من مسئوليتنا كأمة أن نحمل هذا الدين إلى مشارق الأرض ومغاربها، وهذه الأمانة التي تركها النبي الخاتم في أعناقنا، فلا نبي بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم – وأمة النبي - صلى الله عليه وسلم – ينبغي أن تقوم بواجب الرسول وبمهمته في نشر الفضيلة ودفع الرذيلة في دعوة الناس إلى الخير، لن ننجو بين يدي الله تبارك وتعالى كأمة إلا إذا سمع الناس بهذا الدين وعلموه علما واضحا صحيحا، وبعد ذلك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

فإبلاغ الإسلام من المهام الكبرى التي ينبغي أن تقوم بها هذه الأمة، ونسأل الله أن يبارك فيك وفي أمثالك من الحريصين على الخير، من أجل أن يقدموا هذه الدعوة إلى الناس في مشارق الأرض ومغاربها مهما اختلفت بينهم اللهجات والألوان والبلدان، لأنها رسالتنا، ولأن نبينا بعث رحمة وهداية للعالمين – عليه صلوات الله وسلامه -.

وأنا أريد أن أقول حقيقة: هذا الزمان ينبغي لكل مسلم أن يكون له إسهام في نشر الإسلام، فلو حاولنا أن نسأل سؤالا: من هو المسؤول عن الإسلام؟ المتبادر بكل أسف العلماء، الحكام، .. كذا، ولكن مسؤولية الإسلام على كل من قال أو قالت (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، ينبغي أن يكون له دور في نصر الإسلام ونشره بالكلمة، بالمال، بالعمل، بالالتزام بهذا الدين؛ لأن المسلم داعية لدينه، وداعية لإسلامه، وأنت في تواصلك هذا ندعوك أولا إلى أن تتمسك بآداب الإسلام وبعظمة هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، وإذا كنت لا تخشى على نفسك من الفتنة فلا مانع من أن تقدم الدعوة بهذه الطريقة للرجال وللنساء.

أما إذا أحسست بالخطر، أو أحسست بميل، أو أحسست أن هذه العلاقة بدأت تنحرف وبدأت تأخذ مجرى آخر، وللشيطان فيها سبيل! فإننا عند ذلك ندعوك إلى أن تكلف محارمك – أخواتك، عماتك، خالاتك – من أن يواصلوا مع هذه الصينية أو تلك..، لكن ما دمت آمنا على نفسك، ما دام الكلام في حدود المعقول، ما دامت هناك رغبة واستجابة فإنا ندعوك إلى أن تستمر في دعوة الجميع، كل من يدخل على موقعك وكل من يتواصل معك رجلا كان أو امرأة، ينبغي أن يرى ويسمع منك ويعرف عن طريقك جمال هذا الدين وهذا الكمال، هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.

فإذن الذي قرأته أيضا صحيح في موضعه؛ لأن العلماء لهم في هذا كلام، فمتى يمنع الرجل أن يقوم بدعوة النساء؟ إذا خشي على نفسه الفتنة، وإذا كان هناك شبهة وريبة؛ ولذلك هم يفرقون بين أن يجلس الرجل لامرأة واحدة فينصحها، فإن هذا قد يكون مدخلا وسببا للشيطان، لكن يقولون لو أن خمس من النساء وجدن شابا على معصية، فنصحنه فلا مانع، لو أن اثنين أو أربعة من الشباب وجدوا امرأة على معصية ونصحوها وذكروها بالله فلا مانع، بل لو كان فردا واحدا بهذه الطريقة التي تتواصل أنت الآن هنا في بلاد الحرمين والفتيات في الصين، يعني هناك بعد المشرقين، إذا كنت تستطيع أن تؤثر وتنشر دين الله تبارك وتعالى وأنت آمن على نفسك بحول الله وقوته، فإنا ندعوك إلى أن تواصل هذا المشوار وتبلغ دعوة الله تبارك وتعالى.

وإذا كان هناك أشياء تحتاج أن تمهد بها هذه الدعوة فليكن ذلك عن طريق إظهار سماحة الإسلام والأخلاق الفاضلة، الوفاء منك، الحرص على نفع من تريد أن تدعوهم إلى الله تبارك وتعالى، وفعلا هذه نحن نسميها أرضية مشتركة، نسميها أمورا نقدم بها لنشر هذا الإسلام الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، فإن السجناء قصدوا نبي الله يوسف، قالوا: {إنا نراك من المحسنين}، السجن كان فيه آخرين لكن قالوا: {إنا نراك من المحسنين}، فالمؤمن يجعل من إحسانه للناس سبيلا لدعوتهم إلى الله تبارك وتعالى، فأحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم، فطالما استعبد الإنسان إحسان.

فلا مانع إذن من أن تواصل هذا المشوار، وندعوك إلى أن تتفقه في هذا الدين العظيم، وترجع إلى العلماء، ولا مانع من أن تدل هؤلاء لمثل هذه المواقع التي تدعو الصينين بلغتهم وتدعو الآخرين بلغاتهم، بل أحيانا بلهجاتهم، فهذا فيه عون على الخير، وفيه دعوة إلى الله تبارك وتعالى.

وقد أحسنت في حرصك على أن تكون الدعوة بأسلوب لطيف، وجرعات متناسبة حتى لا ينفر هؤلاء.

إذن هذه من الحكمة التي ينبغي أن نراعيها عندنا ندعو الناس إلى الله تبارك وتعالى، والداعية يستطيع أن يدعو الناس كما قلنا بسلوكه، بأخلاقه، بوفائه، بإحسانه، بحرصه على بذل الخير.

وأيضا نتمنى أن تشجع إخوانك من الشباب القيام بهذا الدور في نصرة هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، وهذا باب من الخير فتحه الله تبارك وتعالى عليك، وندعوك أيضا إلى أن تعجل بإعفاف نفسك بالزواج، فإن في ذلك عون لك أيضا على الانطلاق في هذا الباب، بعد أن تتزوج بامرأة صالحة لتكون عونا لك على هذه المهمة العظيمة، وتتولى هي بعد ذلك متابعة من أسلمن، ومتابعة أخواتك من النساء، وتتولى أنت دعوة الرجال وتقديم الدين لهم؛ لأن الله تعالى يكتب لكم ولنا الأجر، فإن الثواب العظيم لما يهتدي على يده رجل أو امرأة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلا – أو امرأة - واحدا خير لك من حمر النعم) هذا أعظم ما يقدم، والدعوة إلى الله تبارك وتعالى تطيل العمر، وهذا ما نريده من إخواننا، كل حسب القدرات والمواهب والنعم التي أعطاه الله إياها، ينبغي أن نستخدم جميعا هذا في نصر هذا الدين وفي بذل الهداية للناس في مشارق الأرض ومغاربها.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك هذه الجهود، ونرحب بك، ونحن سنكون عونا لك في هذا المشوار، نسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لنا ولك الأجر والثواب، وأن يهدينا وييسر الهدى علينا، وأن يجعلنا سببا لمن اهتدى، وهو ولي ذلك والقادر عليه. أستغفر الله العظيم لي ولك.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات