كيف نتعامل مع أخي المراهق الذي يقاطع والديه ولا يحترمهم؟

0 535

السؤال

لدي أخ وحيد، عمره 15 سنة، يمر بفترة مراهقة صعبة، كتوم جدا، لا يتكلم معنا، يقاطع أبويه ولا يحترم قراراتهم، يسهر لوقت متأخر مع رفاقه، لا يفتح لنا مجالا للمحاورة، فنحن عائلة ملتزمة، ولكن المجتمع الذي نعيش فيه ليس كذلك، وهذا ما يصعب علينا الأمر! فما هي الطريقة الفضلى لمعالجة المشكلة؟

أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

فإنا نشكر ابنتنا (أمينة)، على أمانتها وحرصها على الخير، ونصحها لشقيقها والاهتمام بأمره، ونشكر لها هذا التواصل مع موقعها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينها وعين والديها بصلاح هذا الأخ الشقيق، والذي نحسب أنه يمر بفترة عمرية تحتاج إلى لون من التعامل خاص، فلابد أن نعرف خصائص هذه المرحلة، ونشعر هذا الشاب بمكانته، ونستبدل الأوامر والتعليمات الكثيرة بالحوار الهادئ معه وبالنقاش الهادئ، وسيكون من المفيد جدا أن نشعره بأن البيت بحاجة إليه، وأن لا نستغني عن خدماته، ونحاول أن نقترب منه.

إذا كانت الفترة العمرية بينك وبينه قصيرة، فإننا نقترح عليك أنت شخصيا أن تقتربي من هذا الأخ، وتتعرفي على ما عنده من خواطر، وما عنده من أفكار، وما هي الأشياء التي تدفعه للخروج من البيت.

ولا يخفى على أمثالك أن الشاب في مثل هذه الفترة هو في حاجة إلى أصدقاء، ودورنا هو أن نساعده على مصادقة الأخيار ونفتح لهم البيت من أجل أن تكون الصداقة تحت أعيننا، فهو بلا شك بحاجة إلى أصدقاء، ولكن نتمنى أن يكون الأب صديقا أولا له، وأن تكون الأسرة صديقة له، أن تكوني أنت أيضا صديقة لشقيقك، لأن صداقتكم والقرب منه سيجعله يبتعد قطعا، أو يجعله يقلل - على الأقل - فترات غيابه خارج المنزل ووجوده مع أولئك الأصدقاء.

أنت تقولين أنه كتوم، ولا يتكلم، لكن نسأل أنفسنا بماذا نرد عليه عندما يتكلم، وهل يوجد في البيت نقد وتعليق على تصرفاته أو على جسده، أو لا يجد فرصة للكلام والتعبير، هل تعرض مثلا في فترات عمره الأولى إلى ضغط من الوالدين، لأن بعض الأسر الملتزمة تشتد على أبنائها، وتخاف عليهم أكثر من اللازم، وهذا أيضا ينعكس على حياة الشاب في فترة المراهقة.

هناك مراهقة انطوائية، دائما توجد مراقبة زائدة في البيوت تعليق، فيها نقد، فيها استهزاء، فيها سخرية، فيها محاصرة للإنسان في بعض الأمور الخاصة بهم في صغرهم، فعندما تأتي هذه المرحلة يحاول أن ينطوي ويكون عنده غموض لأنه لا يريد أن يظهر أمام الناس حتى لا يعلقوا على طوله أو على حجمه أو على التغيرات التي تصاحب هذه المرحلة.

فإذا وجد هذا فينبغي أن نتفادى هذا حتى يقترب منا.

كذلك أيضا ينبغي أن نبحث له عن برامج بديلة، فإن الإنسان يحاول ويتمنى أن يكون أبناؤه مع الأخيار، فإذا فشل في ذلك فإنه يبحث له عن برامج بديلة، كأن: نحاول أن نأخذه مثلا إلى العمرة، إلى السفر لأي مكان، إلى برامج العائلة، دون أن نقول له اترك الأصدقاء لأن فيهم كذا وفيهم كذا، لأن هذه الرسالة لا تصل صحيحة، ولا تصل واضحة بهذه الصورة.

فعندما ننتقص الأصدقاء ونتكلم عنهم، كأننا نقول له (أنت صغير، أنت لا تعرف مصلحتك، هؤلاء الأصدقاء يفعلون بك ما يريدوا، أنت جاهل، أنت قاصر)، وهذا يدفعه للدفاع ويدفعه للعناد.

ولكن من المفيد والمهم أن نجلس معه في جلسة حوارية، نحاول أن نضع معها صفات الصديق الصالح، ونحاول جميعا أن نتعرف على صفات الصديق الصالح، ثم بعد ذلك لا مانع من أن نقول هل هذه الصفات متوفرة في أصدقائك، وعند ذلك سيجيب بصدق، فإن كانت متوفرة نقول: (الحمد لله، لكن مع ذلك لابد أن تدرك أن طاعة الوالدين مقدمة، وأن الوالدين إذا احتاجا إليك فأنت ينبغي أن تكون في البيت، ولأن الله تبارك وتعالى ربط طاعته ببر الوالدين وبالإحسان إليهما).

ورحم الله سلف الأمة الذين اهتموا بهذه المسألة، حتى كان صلة بن أشيم - رحمة الله عليه - كان له أصدقاء، ورغم أنهم كانوا على درجة من الخير، إلا أن والدته ما رضيتهم، فعند ذلك صعد على الجدار وقال: يا إخوتاه هذا فراق بيني وبينكم، لأن والدتي لا ترضاكم، فقدم بر الوالدة، وطاعة الوالدة، على رغبته في أن يكون مع أصدقائه.

كذلك ينبغي أن نوحد الطريقة التي نتعامل بها مع هذا الشاب، ونحرص على أن نتهمه ونظن به دائما الخير، نعطيه مساحة، نشاوره بعض الأمور، نحاول أن نهتم بتقديم المساعدات له، نحاول أن نتعرف إلى الأشياء التي تجلبه لأصدقائه ولا يجدها في داخل البيت.

كذلك أيضا ينبغي أن نعترف أن هذه المرحلة تحتاج إلى لون من التعامل الخاص، فلا تصلح فيها التعليمات والأوامر، لأن هذا يدفعه للعناد.

بعض الآباء، رغم أن الولد يصل إلى هذه المرحلة، إلا أنه يصر على أن يعامل ابنه على أنه طفل، والأمر كما قال عمر - رضي الله عنه وأرضاه -: (لاعب ابنك سبعا، وأدبه سبعا، واصحبه سبعا).

الآن بدأت المرحلة التي ينبغي أن يتخذ فيها صاحبا، يتخذ فيها صديقا، يشاور، يحاور، ويجد المنزلة، ونستمع إلى آرائه، ونرحب بأصدقائه، ونعترف بمشاعره، ونعينه على أن يثبت شخصيته، ولا إفراط ولا تفريط، فهو بحاجة أن يكون مع الناس، لأنه سيعيش مع هذا المجتمع، سيتعرض لهؤلاء الشباب الذين هم الحياة بالنسبة له، فلا تصلح في التربية المحاصرة ومنعه من أن يزور الناس أو أن يتعرف عليهم أو يدخل في هذا المجتمع، فلابد أن نعطيه ثقة مشوبة بحذر، هو بحاجة أن يمنح ثقة لكنها مشوبة بالحذر.

وإذا لاحظتم أي تغيرات في سلوكياته وتصرفاته، وهذه الأمور السلبية، فينبغي أن ننبه وننصح بلطف وحذر، وحبذا لو استطعنا أن نجعل الخيرين يلتفون حوله دون أن يشعر، لأنه لا يصلح أن نفرض عليه صداقة أي أحد، لكن نحاول أن نحرض الخيرين ممن هم في سنه، إلى الاقتراب منه، حتى يدخل إلى بيوت الله، وحتى يكون في رفقة صالحة تعينه على طاعة الله تبارك وتعالى.

ونسأل الله أن يقر أعينكم بصلاحه.

مواد ذات صلة

الاستشارات