الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغيرات الشاب المراهق: كيف نتعامل معها ونحتويه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ابني يبلغ من العمر 16 عامًا، والده مسافر، ولا تجمعه علاقة قريبة بإخوته، خلال العامين الأخيرين بدأت تظهر عليه تغيّرات كبيرة في السلوك؛ فأصبح غير مهتم بالدراسة، ويشعر أنه لا يخطئ مهما فعل.

في الفترة الأخيرة بدأ يميل إلى السرقة، ويكذب كثيرًا، ويُسرف في الإنفاق، وعندما قمنا بمنعه من الحصول على المال، ازداد في سرقته.

بدأ يدخّن السجائر، وأصبح عنيفًا في ردوده وأسلوب كلامه، ومؤخرًا حينما أمسكته والدته من عنقه بقوة بسبب أسلوبه السيء، قام بضربها، ووقع بينهما شجار عنيف، وحين قررت والدته أن تعاقبه بسحب الهاتف منه، أصرّ على المقاومة، وأشعرها بأنها هي المخطئة، وأن ما فعلته ليس عقابًا.

حتى الصلاة لم يعد يؤديها، وعندما طلبت منه أن يتوضأ ويصلي ويستغفر، أخبرها بأنه قد توضأ وبدأ الصلاة، بينما كان في الحقيقة يكذب، فما العمل الآن؟ كيف يمكن التعامل مع حالته؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب.

في البداية: لا بد من التأكيد على أن الشاب في سن المراهقة يمر بتغيرات نفسية عديدة، تنعكس بشكل كبير على سلوكه وانفعالاته، هذه المرحلة تتسم بمحاولة الاستقلالية وإثبات الذات، وفي الحقيقة ينبغي أن يبدأ التعامل مع المراهق في سن مبكر، وتحديدًا في الطفولة، أو ما قبل المراهقة، من خلال: الاحتواء الأسري الذي يشعره بالانتماء، إعطاء المراهق الثقة، إضافة إلى إحاطته بأسرة متماسكة ومتفهمة، بعيدًا عن المشاكل الأسرية والضغوط في مرحلة الطفولة، فكل هذا ينعكس بشكل إيجابي على فترة المراهقة، ففي هذه المرحلة يشعر الشاب بالرغبة في التحرر من القيود التي يرفضها، ويراها تعيق الكثير من رغباته، ولكنه يعجز عن تغييرها لصغر سنه، وعند شعوره بقوة الشخصية، والرغبة في الاستقلالية، يبدأ في سلوكيات تهدف إلى إثبات وجوده، وفرض احترام الآخرين لرأيه وقراراته.

أختي الفاضلة: ما يحدث لابنكِ هو بداية سن المراهقة، وهي مرحلة تحتاج منكم إلى وعي وثقافة عالية في التعامل مع المتغيرات التي تطرأ فيها، لذلك نقدم لكِ مجموعة من النصائح التي قد تساعدكِ في التعامل مع سلوكيات المراهق:

أولاً: الاستماع والإنصات والاحتواء، فلغة التصادم والتهديد لا تجدي نفعًا في هذه المرحلة، لأن الشاب في هذا السن يتسم بنمو شخصية التحدي، والرغبة في إثبات وجوده، ومحاولة قهره بالأوامر والتهديد، قد تؤدي إلى انحراف شخصيتة، ما ينتج عنه: إما شخصية ضعيفة أو متطرفة، والحل هو: الحوار الهادئ المليء بالعقلانية، الذي يرفع من شأنه من الطفولة إلى النضج، فالشاب يحب هذا النوع من الحوار، حيث يشعره بأنه ناضج ومحط ثقة، وأنه رجل يمكن الاعتماد عليه.

ثانيًا: الضغط الاجتماعي، تتسم فترة المراهقة بالطموح والنظر إلى المستقبل بنوع من المثالية، وعندما يواجه الشاب عوائق تمنعه من تحقيق طموحاته وأحلامه، ينعكس ذلك بشعوره بالخوف ومحاولته تجاوز هذه العوائق، لذلك في هذه المرحلة يحتاج المراهق إلى تعزيز ثقته بنفسه، من خلال تنويع مهاراته في الحياة، والتفاف العائلة حوله، وتشجيعه على تفريغ طاقاته بشكل إيجابي، عبر بناء مهاراته، مثل: الرياضة، والإبداع، والفعاليات الاجتماعية، وإذا لم يجد الشاب سبيلًا لذلك، قد يتجه لتفريغ طاقاته عبر سلوكيات سلبية: كرفاق السوء، والتدخين، والصراخ، والغضب، كتعبير عن الاستقلال والثقة بالذات.

ثالثًا: الحساسية المفرطة، فالشاب في سن المراهقة يمر بمرحلة شديدة الحساسية تجاه شكله ومظهره، لذلك تُعد آراء الآخرين عاملًا مهمًا في بناء شخصيته أو هدمها، فالتشجيع، وكلمات الثناء، والحب، والتقدير مهمة جدًا لتعزيز الثقة والانتماء، على النقيض تمامًا، فإن السخرية والتقليل من قدره، أو التنمر على شكله ومظهره تدمره نفسيًا، وتدفعه نحو العدوانية مع الآخرين.

أخيرًا: المراهقة هي مرحلة طبيعية، جعلها الله للانتقال من الطفولة إلى الشباب والرجولة، تحتاج إلى وعي من الوالدين والبيئة المحيطة بالشاب، حتى يتم التعامل معها بشكل صحيح، في هذه المرحلة تُبنى شخصية الشاب بجوانب إيجابية كثيرة، لذا يجب التركيز على هذه الجوانب وتنميتها، ومحاولة الحوار في القضايا السلبية بأساليب علاجية فعالة.

كما أن الدعاء والتضرع إلى الله، وإحاطة الشاب بأجواء من الاحتواء والحب، يساعد كثيرًا في تجاوز مخاطر هذه المرحلة.

وفقكِ الله لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً