السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أريد جوابا عن استشارتي, وأرجو ألا تحولوني إلى استشارات سابقة لأن الأمر يحيرني جدا, ولا أعلم ما الذي سأفعله.
خطيبي قد عقد علي, وقد كان يصلي عندما قبلت به, ولكنه الآن ليس ملتزما بها, ولا يصلي, والزفاف سيكون في شهر 7, وأنا أعرف أن غير المصلي لا تحل له زوجته, ولا أعلم ما يترتب علي فعله, أفكر بالانفصال, لكنها فكرة مؤلمة, فانا أحبه, كما أن الشيطان يفرق بين الأزواج, فأخاف أن أكون ممن هدم بيت مسلم, لا أدري هل هذا أولى أم ماذا أفعل؟
علما أني وخطيبي لا نعيش في بلد واحدة, وطلبت منه أن يصلي, فقال لي: إن شاء الله فهل العقد ما زال صحيحا؟
وكما أسلفت، ما هو الأولى "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه"، أم قوله صلى الله عليه وسلم: (إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه (جنوده)، فأدناهم منه منزلة: أعظمهم فتنة (إغواء وإفسادا) يجيء أحدهم، فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا, ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه, ويقول: نعم أنت، فيلتزمه (أي: يحتضنه)) [رواه مسلم].؟
شكرا لجهودكم, وآسفة للإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ anaaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.
نحن نشكر لك أولا أيتها الكريمة غيرتك على دينك وحرصك على اختيار الزوج الصالح، ولا شك أن عدم التسرع في طلب الطلاق من هذا الزوج لما ظهر عليه من تهاون وتكاسل عن صلاته دليل على رجحان في عقلك أيضا، حيث لم تغلبي جانب العاطفة على الدين، ولم تتسرعي أيضا في اتخاذ القرار الذي ربما تندمين عليه بعد ذلك، فهذا كله يدل على رجاحة في العقل، نسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحا.
ونحن أيتها الكريمة، نشعر بأن هذا الزوج ما دام هذا حاله من التفريط والتضييع للصلوات، فإنه في الحقيقة ليس هو الزوج الأمثل الذي ينبغي أن تحرصي عليه، فإن من لا يرعى حق الله تعالى، ولا سيما في آكد حقوق الله تعالى، وهي هذه الصلاة التي هي عمود الإسلام، لا يؤمن بعد ذلك أن يرعى حقوق المخلوقين.
ولقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم – المرأة إلى اختيار الزوج الذي يرضى دينه وخلقه، وذلك أن المعاشرة الزوجية تقوم على هاتين الدعامتين، فحسن الخلق يدعوه إلى حسن العشرة للزوجة، وصلاح دينه يدعوه إلى القيام بحقوقها وعدم التقصير فيها والتعدي عليها، ومن ثم فينبغي للمرأة أن تعتني تمام الاعتناء باختيار الزوج وفق هذين الوصفين.
ولكن هنا في حالتك أيتها الكريمة، أمورا ينبغي أن لا تهمل:
1- وأول هذه الأمور: أنه قد تم العقد، وتارك الصلاة فاسق عند جمهور العلماء ليس كافرا، ومن ثم فالعقد باق على ما كان عليه من الصحة إذا كان قد استوفى شروطه وأركانه على مذهب هؤلاء.
2- الأمر الثاني وهو المهم: هل الأفضل لك أن تطلبي الطلاق من هذا الزوج وتفارقيه؟ أم الأفضل أن تبقي على ما أنت عليه؟
الحقيقة أن هذا أمر يعود إلى الواقع الذي تعيشينه أيتها الكريمة، فإن كنت في بيئة يتوقع فيها أن يتقدم لك من يرضى في دينه وخلقه فإن النصيحة لك أن تفارقي هذا الزوج، ولعل الله تعالى أن يبدلك بمن هو خير منه، فإن من ترك شيئا لله عوضه الله عز وجل خيرا منه، مع ضرورة مشورة العقلاء من أهلك الذين لهم غيرة على الدين كما لديك، ثم استخارة الله سبحانه وتعالى في ذلك.
أما إذا كنت ترين بأن فرص الزواج نادرة، أو كان من سيتقدم إليك مثل هذا الشاب، فإنه في هذه الحالة الدوام على ما أنت عليه ربما يكون خيرا لك، مع بذل الجهد والوسع في إصلاح هذا الزوج بقدر الاستطاعة، ولا تيأسي من صلاحه فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
ولكننا نؤكد ثانية، أنه ما دام في الظن والحسبان أنه سيتقدم لك من هو خير منه، وكانت فرص الزواج لا تزال مواتية لك، فإن الأفضل بلا شك أيتها الكريمة مفارقة هذا الزوج، فإنه لا خير للمرأة في زوج لا يصلي.
لأن هذا الزوج سيكون عشيرا، وسيكون أبا للأبناء، وقدوة لهم، ولا تؤمن الحياة معه بعد ذلك في غير تقصير وتفريط في حقوق الزوجة، أو تعد على حدودها مما نألفه ونعرفه من كثير من الفساق الذين لا يرعون حقوق الله تعالى، ثم يفرطون بعد ذلك بحقوق المخلوقين، فنرجو أن لا تقعي تحت تأثير العاطفة وحدها، فلابد من إعمال العقل ومدارسة الأمر مع أهلك.
واستخيري الله سبحانه وتعالى وأحسني الظن به، واسأليه سبحانه وتعالى بصدق واضطرار أن يهيئ لك من أمرك رشدا، وأن يختار لك ما هو الخير.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقدر لك الخير حيث كان.