السؤال
إخواني في هذا الموقع السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرسل إليكم هذه الرسالة، وكلي ألم وحزن وضيق إلى ما وصلت إليه أرسل إليكم هذه الرسالة وأنا موقن بأني لن أستطيع العودة إلى طريق الصواب لأني جربت وحاولت، وفشلت منذ أكثر من 12 سنة، وقرأت وسمعت محاضرات.
التزمت بالصلاة، وحفظت جزءا من القرآن، ولكن لا أزال أعاني من نفس المشكلة، قصتي تبدأ بمأساة كبيرة وهي كالتالي:
منذ أكثر من 12 سنة، بدأت قصتي في مشاهدة الأفلام الخليعة، والمشاهد الإباحية، وذلك بسبب رفقاء السوء للأسف، وكنت أعتقد أني لو تزوجت سوف أترك مشاهدة الأفلام الإباحية، ومرت السنوات وأنا على ضلالي حتى تزوجت قبل ست سنوات، عندها عاهدت نفسي بأنني سأترك هذه العادة السيئة لأني لم أعد بحاجة لها، وبالفعل لم أشاهد هذه الأفلام الإباحية لفترة 9 أشهر.
بعدها كانت الطامة الكبرى، حيث بعد انقطاعي عن مشاهدة الأفلام لمدة تسعة أشهر عدت إليها أشد وأكثر من السابق! فكنت أقترف هذه الخطيئة شبه يوميا.
كلما عاهدة نفسي بأن أبتعد عنها أعود إليها بعد أسبوع بالكثير أشد مما كنت في السابق، واستمريت على حالي هذا حتى الآن، وأعاهد نفسي بأنني لن أعود وبعد بضعة أيام أعود أشد وأقرأ القرآن وأصلي في المساجد وأجتنب المنكرات، وأعمل الصالحات وأصوم رمضان في أصوله وأدعو الله أن يهديني، وأصلي الفجر في وقته، لكن لا أستطيع أن أترك مشاهدة الأفلام الإباحية، ولا أستطيع أن أتحكم بنفسي، ولو عملت ما عملت!
كلما قررت عدم العودة أعود إليها وأنا أشد أنا خريج جامعة وعملي مرتبط أساسا بالنت يعني كل عملي يدار من الشبكة العنكبوتية، يعني غير قادر على ترك النت بسبب العمل، ومتطلباته.
والله إني (طفشت) من حياتي حتى إني أتمنى أنني لم أوجد في هذه الحياة، والله يا إخواني قد تنظرون إلي وتسمعون كلامي وتحتقروني لكني أصارحكم القول أني أنا نفسي أحتقر نفسي، وألومها وأعتبها حتى إني أحس أني مصاب بحالة نفسية شديدة، قرأت في النت عن أسباب هذه الفتنة، وكيف أتقيها، قرأت كثيرا عن الحلول لكن كلما بدأت أطبق حلا سرعان ما أتناسى كل شيء، ولا يكون أمامي إلا أن ألبي رغباتي الجنسية!
(كأني مسحور)، إني أقدم إلى هذه الرذيلة، وأنا ألوم نفسي وأعتبها قبل أن أقع في الرذيلة، لكن هيهات هيهات كأني لم أسمع أي عتاب، وأقدم على ارتكاب الخطيئة كالمسحور، والله إني تعبت واكتشفت بأني لن أستطيع أن أترك هذه الرذيلة مهما عملت، أو شكوت.
تضرعت إلى الله كثيرا، وبكيت كثيرا، وتوسلت إلى الله كثيرا ،لكن لم أستطع أن أترك هذه القاذورات، اعرف أنها قاذورات، وأعرف أنها نجاسات لكن لا أستطيع أن أتركها مهما عملت أو حاولت!
دلوني جزاكم الله خيرا، هل الحل الأمثل أن أنتحر؟ أريد أن أتوب توبة خالصة، أريد أن أكون إنسانا طبيعيا. أريد العودة إلى الطريق الصحيح، كيف أعمل؟ ما هو الحل؟ أفيدوني أفادكم الله.
أكتب إليكم هذه الرسالة وأرجو منكم أن لا تتجاهلوها أو تصفوني بالمجنون، حيث إني لم أكتب إليكم هذه الرسالة إلا وأنا بجد أريد الحل.
أرجوكم إخواني أنقذوني من هذه المصيبة والطامة الكبرى، أنا منتظر منكم الحل، ولكم مني جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طالب التوبة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب. نحن نشكر لك ثقتك فينا ومصارحتك لنا بحالك، ونسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمن عليك التوبة، وأن يعينك على إصلاح نفسك ويجنبك شرورها.
لا شك أيها الحبيب أن هذا الشعور الذي تعيشه من ازدرائك لنفسك واحتقارك لها بسبب معصيتها لله وخوفك من هذا الذنب، لا شك أن هذه مشاعر حسنة، وهي بإذن الله تعالى ستكون سببا وعونا لك في اجتناب هذه المعصية.
نحن ندعوك أيها الحبيب أولا إلى ترك اليأس، فإنك بإذن الله تعالى قادر على ترك هذه المعصية مهما بلغ بك الإدمان عليها، والتعلق بها، والله عز وجل لا يكلفك شيئا لا تطيقه، فإنه سبحانه وتعالى أخبر في كتابه فقال: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} وقال: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}؛ فكل التكاليف الشرعية التي يكلفنا الله تعالى بها هي في دائرة وسعنا وفي حدود طاقتنا.
لهذا لا ينبغي أبدا أن يتسرب هذا الإحساس وهذه القناعة إلى قلبك، فالشيطان يحاول جاهدا أن يدخل إليك من هذا المدخل.
نصيحتنا لك أيها الحبيب أن تعيد الكرة مرات ومرات في محاولتك في التخلص من هذا الذنب، ونحن على ثقة بأن الله تعالى سيتولى عونك إذا أحسنت ظنك بالله ولجأت إليه لجوء الاضطرار، وأخذت بالأسباب الممكنة من الأسباب الشرعية، وقد أحسنت حين تزوجت، وينبغي أن يكون استعفافك بالحلال من الأسباب التي تعينك على ترك هذا المنكر الذي أنت عليه.
نحن نوصيك أيها الحبيب ببعض النصائح والوصايا: آملين أن تأخذها بجد وحزم.
أول هذه الوسائل: أن تتذكر على الدوام عواقب الذنوب والمعاصي من زوال النعم التي يعيشها الإنسان، فإن النعم مدمرة مزالة بسبب ذنوب أصحابها، فإن كفران النعمة بارتكاب المعاصي سبب أكيد لزوال ما أنعم الله عز وجل به عليك، فتذكر عواقب الذنب، وأن الله عز وجل قد يجعله سببا لتغيير حياتك، فتفقد به ما أنعم الله عز وجل به عليك من صحة ومال وزوجة وبيت ونحو ذلك، فإن هذا يردع النفس ويضرب فيها منابت ومنابع هذه الشهوة.
نوصيك كذلك أيها الحبيب بأن تتذكر العقاب الأخروي للذنوب والمعاصي، فإن النفس تميل إلى شهواتها، فإذا ذكرها صاحبها بعاقبة الذنب تبين له أن معاقرة الذنب بعد ذلك إنما هو كمن يأكل الطعام الشهي المسموم، ولا يقدم العاقل على ذلك لأنه يعلم أن به هلاكه ودماره.
أنت بحاجة أيها الحبيب أن تكثر من سماع المواعظ التي تذكرك بالجنة والنار، أنت بحاجة أكيده إلى مجالسة أهل الذكر وأهل العلم وحضور مجالسهم، فإن هذه المجالس بما فيما من تذكير بالله والدار الآخرة يقلع من القلب الشهوة، وإذا صلح القلب صلحت سائر الأعمال.
هناك شيء مهم أيها الحبيب وهو: الأخذ بأسباب تجنب المعصية ومكانها، فإذا كان دخولك على النت هو الذي يجرك إلى هذه المعصية وكنت لا تستطيع الاستغناء عنه فإن من الوسائل المفيدة بلا شك أن تقصر استعمالك لهذه الشبكة في محضر الآخرين، فحاول ألا تدخل على هذه الشبكة إلا وبجانبك من تستحي منه أن يطلع عليك وأنت تطالع هذه المشاهد، وخير من ذلك وأولى أن تستحضر مراقبة الله تعالى لك، وأنه يراك، ويسمع كلامك، ويرى مكانك، ولا يخفى عليه شيء من أمرك، فاستحي من الله تعالى حق الحياء، ولا تجعله أهون الناظرين إليك.
قد قال النبي - صلى الله عليه وسلم – للرجل حين سأله عن كشف عورته خاليا، قال له - صلى الله عليه وسلم - : (فالله أحق أن يستحيى منه)، فاستحضارك لهذا المعنى وأنك تحت نظر الله وسمعه يجعلك تستحي من الوقوع في هذه المواقف، ولكن كونك تستعمل الإنترنت في حضور آخرين بجانبك سيحول بينك وبين الوقوع بهذه المعصية، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم – في الرجل الذي تاب من قتل مائة نفس، أمر بأن يترك القرية التي فيها وينتقل إلى قرية أخرى فيها أناس صالحون يعبدون الله تعالى فليعبد الله معهم، وهذا من الأخذ بأسباب اجتناب المعصية، وما يذكر بها.
نحن على ثقة أيها الحبيب بأنك إذا أخذت بهذه الأسباب، واستعنت بالله تعالى ولجأت إليه لجوء اضطرار وصدق، ودمت على ما أنت عليه من المحافظة على الصلاة والأعمال الصالحة، أن ذلك كله سيكون سببا بإذن الله تعالى ليخلصك من هذه الآفة.
أما ما يدعوك إليه الشيطان من الانتحار فإنه بذلك يدعوك إلى ما هو أعظم قبحا وأكبر جرما، وينقلك من تعاسة يسيرة إلى تعاسة الأبد وشقاء لا يزول، فإن قاتل نفسه معذب في النار بالوسيلة التي قتل بها نفسه، كما جاءت بذلك الأحاديث، فاحذر كل الحذر أن يستدرجك الشيطان إلى هذا المصير المشؤوم.
وللفائدة يرجى مراجعة الروابط التالية: ( 55203- 268721 - 268849 - 263631 - 267956 ).
نسأل الله تعالى أن يمن عليك بالهداية، إنه جواد كريم.